بقلم - نيك مورغان: تعاونتُ مؤخراً مع مسؤول تنفيذي، كان يتوق لإقناع زملائه بأنه من الضروري أن تتخلى شركتهم عن مورّدها القديم وأن تستبدله بمورّد جديد. وكان يعرف أن أفراد الطاقم التنفيذي يعارضون الفكرة، ولكنه لم يشأ مواجهتهم مباشرةً. وبالتالي، أعدّ عرضاً على برنامج «باوربوينت»، ملؤه الإحصاءات والرسوم البيانية، في محاولة لرصد التكاليف التي سيتمّ ادّخارها إن تمّ التغيير المذكور. وكان يأمل أن تُغني البيانات عن أي شرح إضافي. ولكن الأمر لم يكن كذلك. والواقع أن الطاقم التنفيذي كفّ عن الاستماع في ثلث العرض تقريباً. أمّا السبب، فهو أنّه حتّى في اجتماعات العمل، لا تُغني الأرقام عن أي شرح إضافي. يتطلّب التأثير في عمليّة صنع القرار في أوساط البشر بلوغ موضع تُصنَع فيه القرارات فعلياً، يتمثل بالعقل اللاواعي، مع الإشارة إلى أنّ العواطف سيّدة الموقف فيه. ومن المعلوم أن المسؤولين التنفيذيين الأكثر براعة، حتى هم، يتّخذون القرارات عبر تطوير رغبات لا واعية واتباعها، ولا يبررون هذه القرارات باللجوء إلى المنطق إلا بعد أن يصبحون واعين ومدركين لها. ومن المؤكد أن البيانات مفيدة كمواد لدعم القرار، ولكن يجدر استعمالها بعناية، لأنّ الإقناع الفعال لا يبدأ بالأرقام، بل بروايات تنطوي على تأثير عاطفي. ونحن لا نتخذ قراراً بالاستثمار في شركة جديدة لأن نموذجنا المالي يتوقّع نجاحها، بل لأننا ننجذب إلى الرواية التي يخبرها الناس في حملتهم المروّجة له. لقد أوصيتُ المسؤول التنفيذي بالتخلص من عرض «باوربوينت» الذي أعده وبإخبار رواية عن فرص النمو المستقبلية مع المورّد الجديد. وفي اجتماعه التالي مع طاقم الإدارة التنفيذية، وبدلاً من أن يكتفي بعرض البيانات، أخبر زملاءه بضرورة التوق إلى رؤية جديدة للشركة. وبدأ بوصف جذاب لما سيشتمل عليه المستقبل - من تحسّن للهوامش، وخط منتجات أكثر إثارة، وعملاء متحمّسين - ثم طلب من المستمعين المضي قدماً معه لبلوغ هذا الهدف. وكانت روايته جيّدة، وأعطت ثماراً إيجابيّة. إنّ الروايات الجيدة - التي يتخللها عدد قليل من الوقائع الأساسيّة - هي التي تربط الحجج المنطقيّة التي تقدّمها بالعواطف، فتحثّ الناس على اتخاذ قرارات انطلاقاً من اللاوعي، وعلى تحويلها إلى أفعال في نهاية المطاف. - (نيك مورغان هو رئيس ومؤسس شركة «بابليك وردز» للاستشارات في مجال الاتصالات، ومؤلف كتاب بعنوان «ثق بي: أربع خطوات نحو الأصالة والكاريزما»).