يؤكد الجيش اليمني أنه سجل تقدماً كبيراً في الحرب التي اطلقها قبل ثلاثة اسابيع ضد تنظيم «القاعدة» في جنوب البلاد، لكن ربما نفذ المسلحون المتطرفون انسحابات تكتيكية في اتجاه مناطق جبلية وعرة، حيث يحظون بغطاء القبائل. وقال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في خطاب ليل الأربعاء إن «قواتنا المسلحة والأمن استطاعت تطهير محافظتي شبوة وابين في وقت قياسي من شراذم الإرهاب التي ألحقت الضرر بقدسية ديننا الإسلامي الحنيف وباقتصادنا الوطني وخلقت بيئة طاردة لفرص الاستثمار». من جهته، قال قائد الشرطة العسكرية اللواء عوض العولقي إن «القاعدة خسرت المعركة. لقد خسرت مواقع مهمة في ابين وشبوة، وباتت هذه المواقع حاليا تحت سيطرة الجيش». وشدد هذا الضابط المرابط على الجبهة على أن الحملة التي أطلقتها القوات الحكومية في 29 نيسان (أبريل) «لن تتوقف قبل القضاء على التنظيم». وتؤكد السلطات أنها استعادت السيطرة على مناطق كانت تحت سيطرة «القاعدة» مثل الحوطة وعزان والصعيد في محافظة شبوة والمحفد والاحور في ابين، وذلك بعد معارك عنيفة أسفرت عن مقتل العشرات من عناصر التنظيم. وتقول السلطات إن المسلحين الذين نجوا من هذه العمليات لجأوا إلى الجبال أو شمالاً نحو محافظتي مأرب والبيضاء، أو شرقاً نحو حضرموت. إلا أن مصدراً قبلياً قريباً من أوساط «القاعدة» قال إن التنظيم «لم يخسر معاقله الرئيسية إطلاقاً». وأكد أن «الأمر أشبه بالانسحاب التكتيكي لتلك الجماعات لتستعيد ترابطها وتنتصر لنفسها من حال الشتات الذي تعانيه جراء الحملة الأخيرة». ويوضح هذا المصدر أن الانسحابات «التكتيكية غالباً ما تتم بالاتفاق مع القبائل». ويقول في هذا السياق إن «الاتفاقات التي أبرمتها القبائل مع هذه الجماعات الهدف منها تجنيب أراضي القبائل الخطر، وبالتالي يتم التوافق على مغادرة هذه الجماعات بناء على اتفاق». وتسمح هذه الاتفاقات أن «تصبح القبائل على الحياد، وهذا مكسب لجماعات القاعدة لأنه يضمن لها التمركز في أماكن بعيدة وإقامة معسكرات». إلى ذلك،، قال الباحث اليمني المتخصص في شؤون المجموعات الإسلامية زيد السلامي إن «القبائل تؤمن بيئة حاضنة للقاعدة فالاتفاقات الأخيرة نصت على انسحاب المقاتلين الأجانب أما أبناء القبائل المنتمون إلى التنظيم فيبقون في مناطقهم». وبالتالي فان «الجيش يجد صعوبة في طرد عناصر القاعدة من المناطق القبلية». وتسببت العمليات التي تشنها القوات الحكومية المرفقة بضربات جوية، بحركة نزوح للسكان نحو المناطق الآمنة. ويقول الناشط سعيد محمد المرنوم إن ما لا يقل عن 21 ألف شخص غادروا مناطق المواجهات في محافظة شبوة وحدها. وكان «القاعدة» استفاد من ضعف السلطة المركزية في اليمن ومن حركة الاحتجاجات ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011 في توسيع رقعة نفوذه في جنوب البلاد وشرقها. وشن التنظيم هجمات ضخمة في صنعاء وفي باقي أنحاء البلاد، ضد أهداف حكومية لا سيما ضد قوات الجيش والأمن. وعززت السلطات التدابير في العاصمة وحول المنشآت الحيوية والمصالح الأجنبية خوفاً من تنفيذ عمليات انتقامية. كما أعلنت السلطات أنها أحبطت هجمات كانت تستهدف «منشآت حكومية حيوية ومراكز عسكرية وأمنية وسفارات أجنبية» . وما زالت السفارة الأميركية في صنعاء مغلقة منذ السابع من أيار (مايو) الجاري. وهي ليست الحملة الأولى ضد «القاعدة» في اليمن، وسبق أن شنت القوات حرباً استمرت شهراً وأسفرت في حزيران (يونيو) 2012 عن طرد التنظيم من معقله الرئيسي في محافظة ابين الجنوبية، بعد أن سيطر طوال سنة على مناطق واسعة وأقام فيها إمارة إسلامية. وفر مقاتلوه حينها إلى الجبال والمناطق النائية. وسبق الحملة العسكرية الحالية حملة جوية نفذتها طائرات أميركية من دون طيار أسفرت عن مقتل 55 شخصاً. من جانبه، قال عبداللطيف السيد، وهو قائد في اللجان الشعبية المساندة للجيش: «لقد وجدنا في المناطق التي استعدنا السيطرة عليها خنادق وسراديب تحت الأرض كانت تستخدم على ما يبدو مخبأ للقياديين، كما عثرنا على مصانع للمتفجرات وعلى معسكرات للتدريب». وأكد أن «الحملة لن تكلل بالنجاح إن لم نكمل ملاحقة المسلحين لنعثر عليهم حيث يختبئون، وإلا سيستجمعون قواهم ليعودوا إلى تنفيذ عملياتهم». اليمنالقاعدةالجيش اليمني