الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، والأنفس بيده يقبض ما يشاء ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى، كل شيء عنده بمقدار. في يوم الاثنين الموافق 28-6-1435هـ وبعد عمر يناهز الخامسة والستين عاشها يتيم الأب والأم حيث توفيا والداه وهو صغير في السن، ولكن قيض الله له من يرعاه مع أخيه الأكبر حتى تعلما وتوظفا وشقَّا طريقهما في الحياة. فقد انتقل إلى جوار ربه صاحب القلب الكبير والابتسامة الدائمة والمحب للناس الأخ الذي لم تلده أمي - أبا أحمد فهد بن إبراهيم بن عثمان الفهيد، فمن عرف أبا أحمد لابد وأن يحبه لما يكتنزه من الخير في نفسه ومحبته للناس ومساعدتهم وقضاء حوائجهم والسؤال عنهم وصحبته لهم وخدمته لهم، فرغم عيشة اليتم إلا أنه كان ذا قلب كبير وحب للخير، فقد كافح في هذه الحياة فذاق مرها حتى اكتوى بها ثم ضاق حلوها ولم تغره بل كان وفياً للجميع، كان وأخوه عنواناً للمحبة والألفة لم يفترقا إلا بعد ما كثر الأبناء فنزلا متجاورين لبعضهما البعض يجتمعان كل يوم، وقد رزق أبو أحمد بزوجة بارة محبوبة انجبا ولدين وخمس بنات، فكان منزلهما مجمع للأهل والأصحاب، يحب الآخرين ويعمل على التواصل معهم مهما أساؤوا له، كما كان بره بوالديه والدعاء لهما وبذل الخير باسمهما ديدنه مما أثر ذلك في بر أبنائه به، كان دائم السؤال إذا اشغلت الحياة أصحابه عنه فيتواصل معهم باللقاء أو بالهاتف لا تشغله أمور الدنيا الفانية عن الدار الآخرة، عمل في مهنة التدريس هذه المهنة الشريفه فخرَّج أجيالاً متسلحة بالعلم والدين، كان منهجه قويماً لا تزمت فيه أو تفريط، كانت بساطته واضحة يدخل قلب من يقابله بما يتمتع به من مزايا حميدة وإخلاص جميلة وصفات محببة، عانى في السنتين الأخيرة من مرض السرطان فكان حامداً لربه شاكراً لم يتذمر أبداً أو يشتكي رغم آثار المرض الواضحة على جسمه إلا أن لسانه دائماً يلهج بحمد الله وشكره، وها هو يغادر هذه الدنيا الفانية حيث منَّ الله عليه بأمور فأسأل الله بأن تكون له رفعة في الأخرة وعلامة من علامات الرضاء، وهي اشتداد المرض عليه ولم يتذمر منه، وفاته كانت في يوم الاثنين، بياض وجهه وتبسمه أثناء غسله، الجموع الغفيرة التي حضرت للصلاة عليه في جامع الملك خالد بأم الحمام وشيعته إلى مثواه وكانت تدعو له، مظاهر العزاء التي كانت متواضعة وملتزمة بأمر هذا الشرع القويم، صلاح أبنائه وبناته وبرهم به. وإننا لنسأل الله العلي القدير أن يرفع درجته في عليين ويلحقه بالصالحين وأن يجعل ما أصابه تكفيراً وتمحيصاً له، وأن القلب ليحزن وأن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. ونعزي ابنيه أحمد وأبراهيم وزوجته وبناته وأسرة الفهيد وكل عزيز عليه، وإننا لنوصي أبناءه بالسير على نهجه والاقتداء بعمله ومواصلة البر بأصحابه وأحبابه الكثر. سائلين الله أن يجبر مصيبتهم وأن يحسن عزاءهم وأن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يغفر لوالدهم ويسكنه فسيح الجنان، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والحمد لله رب العالمين. عبدالرحمن بن محمد السلمان - سدير