×
محافظة المنطقة الشرقية

الشوكولاتة تقلل خطر الإصابة بالسكري وأمراض القلب

صورة الخبر

"تألمت فتعلمت فتغيرت" يقال إن المصاعب مَحك الرجال، وإن الشدة كحل ترى به ما لا تراه بالنعمة، وإن المحنة في العيش فكرة وقوة؛ إذ إن الشدائد والصعاب تُخرج أفضل ما في الإنسان، وتصلح من النفس بمقدار ما تفسد من العيش. وتعلو قيمة الإنسان بمقدار ما تكتنفه من ضغوط، وما يجتاز من صعوبات، وإن مكابدة أزمة واحدة تُعلم الإنسان ما لم يكن ليتعلمه في العمر بأسره، وتريه أشياء لم يكن ليراها بمفرده؛ إذ إن بداخل كل منا طاقات كامنة لا تثيرها الأحداث التقليدية، بل توقظها المعاناة، والألم الحقيقي الناتج عنها يَهب القوة للضعيف، والذكاء للغبي، ويبث الشجاعة في أكثر النفوس جبناً، ولا يمكن للإنسان أن يتعلم فلسفة جديدة، أو يكتشف طريقاً جديداً في الحياة، دون أن يدفع الثمن، والثمن هنا هو الألم. بدأ الألماس بداية متواضعة كالفحم، مجرد كربون، غير أن الألماس تعرض للضغط الشديد، ودرجة الحرارة العالية، لتحطم بنيته وتعيد تشكيله بخصائص جديدة؛ ليتكون شيء جديد أقوى وأندر، وبعد ذلك يمر الألماس بعمليات القطع والصقل لاستخراج منه حجراً هو الأجمل والأثمن. والبشر كل البشر تريد أن تبرق وتلمع كالألماس، ولا تقطع وتصقل مثله، ولا شيء مجاني، والأسوأ من ذلك أننا نتبرم من المشاكل والمصائب التي هي طريق النمو، دون أن ندري أن هذه المصائب هي الأتون الذي سنصهر فيه؛ ليعاد تشكيلنا، ونُمحص من الشوائب، لنخرج للحياة ذهباً خالصاً. ونظراً لقصر نظرك، ومحدودية إدراكك، تعمى عن الفوائد والدروس التي تخلفها المصاعب، وبما أنك لا تستطيع أن تعرف النوايا الإلهية بمجرد رؤية أعمالها، فإنك حتماً ستخدع حول معرفة نواياها؛ إذ إن أعمالها ما هي إلا إعداد إلهي لتهيئتك لما هو أكبر وأفضل. وسأقص عليك قصة المعاناة، التي تمخض عنها موهبة أدبية فريدة، اعتبرها النقاد من أعظم روائيي ذلك العصر، ألا وهو: دوستويفسكي. عام 1849 ألقي القبض على دوستويفسكي مع ثلاثين شاباً، بتهمة الاشتراك بجمعية سياسية، وكانت التهمة أنهم يحتفلون بميلاد الكاتب الفرنسي فورييه الذي كان مشهوراً ببرنامج يقترحه لتغيير المجتمع. وبعد أن ألقى رجال القيصر القبض عليهم، وبعد أن قضوا سبعة أشهر فى السجن، حُكم عليهم بالإعدام، وفي يوم التنفيذ، نصبوا الأعمدة، وألبسوا المتهمين لباس الإعدام، وحضر القسيس، ووقف الجنود مع بنادقهم، ورُبط المتهمون كلٌ إلى عمود، وتجهز الجنود لتلقي أوامر إطلاق النار. في هذه اللحظة المروعة، وهذا الاختبار المؤلم، حين وقف دوستويفسكي أمام الجنود ينتظر إطلاق النار، جعله ينظر للحياة من موقف الموت. جاء حكم القيصر، باستبدال الحكم من الإعدام إلى النفي أربع سنوات، وقبل الذهاب للسجن كتب دوستويفسكي إلى أخيه: أخي الحبيب وصديقي.. حصل ما حصل، وحكم عليَّ بالسجن، لا تظن أن الحكم قد هدّني أو غم عليّ، فالحياة في كل مكان هي الحياة، هي بداخلنا وليست فيما هو خارج عنا. أخي لقد كابدت من الحياة الشيء الكثير، حتى ما يكاد شيء يخيفني الآن في العالم، لن يهون قلبي، أو تفشل عزيمتي أمام المصائب، وهذا في اعتقادي هو الحياة، أو الواجب في الحياة. عندما ألتفت إلى الماضي، وأتذكر مقدار الوقت الذي ضاع عبثاً، وكم منه ضاع في الأوهام والكسل والجهل بالعيش، وكيف أني لم أقدر الوقت حق قدره، وكيف جنيت على قلبي وذهني، أحس أن قلبي يسيل دماً. إن الحياة هبة، ومن الممكن أن نجعل من كل دقيقة منها عصراً طويلاً من السعادة، الآن حياتي ستتغير الآن سأولد من جديد. الأوقات العصيبة سوف تأتي، ولكنها لم تأتِ لتبقى، بل تأتي لتمر تاركة خلفها درساً كان لا بد لك من تعلمه، وفي كل مرة تواجهك فيها المصاعب، تَذكّر أنك مررت بالألم مرات فألفته، وذقت حلاوة ثمراته. عِش الألم، استفِد منه، افعل شيئاً به، ودَعه ينقلك إلى المستوى التالي من العظمة. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.