×
محافظة المدينة المنورة

المسؤولين يتفقدون الجوهرة

صورة الخبر

بغداد: «الشرق الأوسط» تجري ثالث الانتخابات التشريعية في العراق منذ الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة له عام 2003 في ظل نفوذ إيراني متصاعد استمد زخمه من الانسحاب العسكري الأميركي نهاية 2011، ونزاع دام في سوريا المجاورة يلقي بظلاله على الوضعين الأمني والسياسي في البلاد. ويتوجه الناخبون العراقيون إلى صناديق الاقتراع غدا لاختيار أعضاء برلمانهم الجديد في وقت ينازع العراق للبقاء خارج دائرة الصراع القائم في المنطقة بين القوى الإقليمية، من دون أن ينجح في ذلك. ويقول أستاذ التاريخ السياسي في جامعة المستنصرية عصام الفيلي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الانتخابات المقبلة في العراق تجري وسط صراع إقليمي دولي محتدم، ربما عنوانه الأبرز سوريا، والعراق ليس بعيدا عن هذا الصراع». ويضيف «العراق كان تاريخيا ساحة لصراع القوى العظمى، واليوم أيضا يبدو العراق من جديد ساحة لنزاعات مماثلة». ولعبت طهران وواشنطن في انتخابات عام 2010 دورا رئيسا في إعادة انتخاب نوري المالكي، السياسي الشيعي النافذ الذي يحكم البلاد منذ 2006، لولاية ثانية على رأس الحكومة الحالية في تحالف مصالح بدا اضطراريا بينهما. لكن الانسحاب العسكري الأميركي نهاية عام 2011 منح النفوذ السياسي الإيراني مساحة أكبر للتحرك ضمن العملية السياسية في العراق حتى جعل من طهران أكبر اللاعبين في بلاد خاضت معها حربا دامية بين 1980 و1988. ويقول الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مايكل نايتس، إن «النفوذ الإيراني اليوم بالتأكيد أكبر من النفوذ الأميركي كون الإيرانيون باتوا يملكون سيطرة مباشرة على بعض الأحزاب». ويضيف أن «التأثير الأميركي محصور حاليا بالاتفاقات العسكرية والمعدات، إذ تستطيع الولايات المتحدة ممارسة ضغوط على قادة البلاد من خلال الامتناع عن تسليم معدات وتأخير ذلك وهو الأمر الوحيد الذي تقدر عليه واشنطن حاليا»، وفقا لنايتس. وبينما يتصاعد النفوذ الإيراني، يغرق العراق أكثر في دوامة الصراع الإقليمي حول الموقف من نظام الرئيس السوري بشار الأسد والنزاع في هذا البلد المجاور الذي يملك حدودا مشتركة مع العراق تمتد لنحو 600 كلم. وينقسم السياسيون العراقيون في موقفهم من أحداث سوريا، لكن الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة تتبنى في العلن موقفا محايدا من النزاع هناك وتدعو إلى حل سياسي. لكن الغالبية الشيعية التي تحكم العراق تشعر بتقارب تجاه نظام الأسد، ممثل الأقلية العلوية في سوريا، وتخشى أن تدعم الغالبية السنية هناك في حال توليها الحكم العراقيين السنة في بلاد تشهد منذ سنوات طويلة نزاعا سنيا شيعيا بلغ ذروته في حرب أهلية بين الطرفين قتل فيها الآلاف بين 2006 و2008. ويرى الفيلي أن «الأمن القومي لإيران لن يسمح بحكومة لا تؤيدها، والدول التي تنافسها إقليميا، والتي قد تجد الولايات المتحدة إلى جانبها، ستدفع نحو عكس ذلك». ورغم صراع النفوذ الإقليمي هذا، يرى مراقبون أن طهران ترمي بثقلها لإنجاح الانتخابات العراقية، ولترسيخ عامل التماسك في البلاد والوحدة بين الشيعة خصوصا، حتى تتفرغ للنزاع المنخرطة فيه في سوريا. ويقول دبلوماسي غربي «إيران باتت اللاعب الأقوى (في العراق) منذ فترة طويلة». ويضيف «أولوية الإيرانيين تقوم على إبقاء العراق هادئا قدر المستطاع لأنها منشغلة تماما في سوريا وقد باتت طرفا في عملية التنسيق مع ميليشيات شيعية في العراق لإرسال عراقيين إلى سوريا من أجل القتال هناك إلى جانب حزب الله اللبناني». ويستدرك الدبلوماسي الغربي «لكن لو ظهر أن العراق يتحول إلى دولة ناجحة، فربما ستشعل إيران الأمور قليلا فيه. إلا أن العراق اليوم يبدو بعيدا كل البعد عن التحول إلى دولة ناجحة».