إذا لم يكن لديك إلمام كافٍ بمفهوم «التداخلات الدوائية»، فأنت في مهب التعرض لأضرار صحية محتملة قد لا تنتبه إليها، وهي الأضرار التي تتفاوت بدءا من عدم الاستفادة من أدويتك في أحسن الأحوال... وصولا إلى احتمالية اصابتك بمضاعفات صحية خطيرة في أسوئها، وهو الأمر الذي يتفاقم في ظل كثرة أنواع الأدوية التي تُباع من دون وصفة طبية، وبات يشتريها كثيرون ويتعاطونها من تلقاء أنفسهم بالتزامن مع أدوية أخرى من دون أن ينتبهوا إلى المخاطر الكامنة التي قد تنشأ عن تلك «التداخلات».«التداخلات الدوائية» هو مصطلح ‹طبّي يُستخدم للإشارة إلى ما يحدث في حالتين: إما عندما يؤثر دواء على فعالية دواء آخر، أو عندما يؤثر غذاء على فعالية دواء إذا تم إدخالهما معاً إلى الجسم بشكل متزامن.وصحيح أن المعتاد هو أن تأثير التداخل بين دواءين هو أول ما يتبادر إلى أذهاننا عندما نسمع كلمة «تداخلات دوائية»، لكن الحقيقة هي أن المصطلح يشمل أيضا امكانية حدوث تداخلات بين أدوية وأغذية، بما في ذلك النباتات الطبية أو الأعشاب.وهكذا، فإن هناك نوعين من التداخلات الدوائية، يُعرف أولهما باسم «تداخلات دوائية-غذائية»، بينما يعرف الثاني باسم «تداخلات دوائية-دوائية». وبدرجات متفاوتة، يمكن لكل نوع من هذين النوعين أن يكون مفيدا ومطلوبا أو أن يكون ضارا.فعلى الجانب الإيجابي يكون تأثير هذا التداخل مفيدا في بعض الأحيان، أي يسهم في زيادة الفعالية العلاجية للدواء. أما على الجانب السلبي، فإن تأثيره قد يكون «عكسيا»، بمعنى أن يتناقص مع الدواء بحيث يقلل جدا من فعاليته إلى درجة جعلته بلا فائدة، أو قد يتسبب في خلق أضرار، أو ربما يخلق تأثيرا جديدا غير مرغوب ولم يكن متوقعا.ولهذا، إذا كنت تتعاطى أدوية لمعالجة مرض عضوي أو نفسي، فمن المهم جدا أن تذكر أسماء جميع تلك الأدوية إذا ذهبت إلى طبيب كي يصف لك علاجا لمرض آخر. كما أنه من المهم أن تتناقش مع طبيبك في كل الأحوال عن الأغذية المتعارضة التي يجب أن تتوقف تماما عن تناولها خلال فترة تعاطي الأدوية التي وصفها لك.في هذه الحلقة الأولى من ملف يتألف من حلقتين متتاليتين، نسلط الضوء على أبرز التداخلات العكسية بين أدوية وأغذية.أجمعت نتائج عشرات من الدراسات التخصصية على أن تناول الشخص لأغذية معينة في أثناء فترة تعاطيه أدوية معينة هو أمر يمكن أن يتسبب في خلق تأثيرات أو مضاعفات جانبية متفاوتة الخطورة، أقلها هو أن يفقد الدواء فعاليته العلاجية، إما بشكل جزئي أو كلي.ووفقا للدراسات ذاتها، تتفاقم مخاطر تلك المشكلة بشكل خاص لدى شريحة الأطفال الرُضّع وشريحة المسنين، إذ أن هاتين الشريحيتين هما الأكثر تعاطيا لأصناف وأنواع متنوعة من الأدوية بشكل متزامن، وهو الأمر الذي يزيد من احتمالات حدوث «تداخلات» غير مرغوبة لا يتم الانتباه إليها في معظم الحالات.وفي ضوء أهمية هذا الأمر، نستعرض في التالي عددا من أبرز وأخطر الثنائيات «الدوائية - الغذائية» التي يوجد إجماع بين الأطباء والصيدلانيين حول كونها تفرز تداخلات عكسية غير مرغوبة، كما نقدم توصيات حول كيفية منع تلك التداخلات أو الوقاية من تأثيراتها السلبية على الصحة:المضادات الحيوية+ منتجات الألبانأثبتت نتائج أبحاث متطورة أن الألبان ومعظم مشتقاتها - كالجبن والزبادي - تتسبب في إبطاء أو حتى منع قدرة الجسم على امتصاص عقاقير المضادات الحيوية، ولا سيما التي من فئة «تيتراسايكلين» و«سيبروفلوكساسين». ويوضح اختصاصيون في المجال الصيدلاني أن هذا التأثير التداخلي يحصل لأن جزيئات عنصر الكالسيوم الذي يوجد بكثرة في تلك الألبان ومنتجاتها تلتصق بجزيئات المضادات الحيوية في المعدة والأمعاء الدقيقة فيتشكل منهما مُركّب غير قابل للذوبان، وبهذا لا تستطيع الأمعاء امتصاص المضاد الحيوي.ولتفادي هذا التداخل الدوائي غير المرغوب، يحرص الأطباء والصيادلة على توصية مرضاهم بأن يكون هناك فاصل زمني مدته ساعتان تقريبا بين تعاطي المطاد الحيوي وتناول أي غذاء يحوي حليبا أو أحد مشتقاته.لكن المضادات الحيوية المستثناة من تلك القاعدة هي مضادات الـ«ميترونيدازول» (الفلاجيل ونظراؤه)، إذ يستحسن تناول الحليب ومنتجاته مع أدوية هذه الفئة من أجل تفادي اصابة المعدة باضطرابات.أدوية السكري+ الكحولياتالمشروبات الكحولية ينبغي عدم احتساءها أساسا لأسباب من بينها كونها خطيرة على الصحة في كل الأحوال. لكن بالنسبة إلى مرضى السكري تحديدا، هناك خطورة إضافية تكمن في أن أي جرعة كحوليات كفيلة بأن تطيل مدة تأثيرات حقنة الإنسولين أو أدوية السكري الأخرى التي يتم تعاطيها عن طريق الفم، وهو الأمر الذي يتسبب بدوره في انخفاض حاد في سكر الدم لمدة قد تصل إلى 12 ساعة. ومن المعروف أن لانخفاض سكر الدم مضاعفات وأعراض صحية سيئة.لذا، فإن التوصية المناسبة في هذا الصدد هي أن يتفادى مريض السكري جميع المشروبات الكحولية، إذ أن جرعة صغيرة منها كفيلة بأن تكلفه الكثير من المتاعب الصحية التي قد تصل إلى الدخول في غيبوبة تهدد حياته.وإلى جانب ذلك، يوصى بعدم تناول الكحوليات بالتزامن مع تعاطي أدوية الپاراسیتامول (Paracetamol) المسكنة للآلام والخافضة للحرارة، إذ أن ذلك تنجم عنه تأثيرات جانبية خطيرة قد تصل إلى حد إلحاق أضرار فادحة بأعضاء حيوية في الجسم.أدوية تخفيض الكولسترول+ فاكهة الكريب فروتتكمن خطورة فاكهة وعصير الكريب فروت في أنهما يمكن أن يتسببا في زيادة مفعول العقاقير المخفضة للكولسترول التي تندرج ضمن فئة الـ «ستاتينات» (STATINS)، وهي فئة تعمل من خلال تثبيط إفراز انزيم معين يعرف طبيا باسم «إتش أم جي-كو أيه ريدوكتيز».ومن أشهر الأسماء التجارية التي تباع بها عقاقير الـ «ستاتين» نذكر ما يلي:Lipitor, Ator, Lipobay, Baycol, Lescol, Lescol XL, Mevacor, Altocor, Altoprev, Compactin, Livalo, Livazo, Pitava, Pravachol, Selektine, Lipostat, Crestor, Zocor, Lipex, Vytorin, Inegy, Advicor, Mevacor, Caduet, Envacar, Simcor.وما يحصل هو أن تناول الكريب فروت - سواء خاما أو عصيرا - يسهم في جعل كمية المادة الفعالة المخفضة للكولسترول تزداد في الدم، وهو أمر غير مرغوب لأنه يؤدي إلى تأثيرات جانبية مؤذية من بينها آلام العضلات واضطراب بعض وظائف الكبد.لذا فإن التوصية المفيدة، أن يحرص المرضى الذين يتعاطون أي واحد من هذه العقاقير على الامتناع تماما عن تناول فاكهة الكريب فروت تحديدا طوال فترة العلاج.الأدوية المضادة للجلطات+ فيتامين «ك»الأدوية المضادة للتجلط تستخدم لمعالجة أو الوقاية من انسداد الأوعية الدموية التي تنجم عن تخثرات دموية ومن ثَم انتقالها إلى مناطق أخرى في الجسم.ومن الثابت بحثيا أن فيتامين «ك» تحديدا يتسبب في تقليص فعالية هذه الأدوية، التي من أشهرها عقاقير «وارفارين» (Warfarin) التي تباع على نطاق واسع في الكويت وحول العالم تحت أسماء تجارية كثيرة من أشهرها ما يلي:Aldocumar,Anasmol,Anticoag,Befarin,Cavamed,Cicoxil,Circuvit,Cofarin,Coumadin,Coumadine,Cumar,Farin,Foley,Haemofarin,Jantoven,Kovar,Lawarin,Maforan,Marevan,Marfarin,Marivanil,Martefarin,Morfarin,Orfarin,Panwarfin,Scheme,Simarc,Uniwarfin Varfarin,Varfarins,Varfine,Waran,Warcok,Warf,Warfareks,Warfarin,Warfarina,Warfarine,Warfarinum,Warfen,Warfin,Warik,Warin,Warlin,and Zyfarin.لكن هذا لا يعني الامتناع تماما عن تناول فيتامين «ك»، بل يعني تناوله في حدود معينة. لذا يوصى أي مريض ممن يتعاطون أي واحد من أصناف هذا الدواء بأن يسأل طبيبه عن مصادر فيتامين «ك» وأن يستشيره حول الكمية الآمنة المناسبة له، والتي يمكنه أن يأكلها يوميا خلال فترة تعاطي الدواء من دون أن تسبب تأثيرات عكسية.أدوية القلب+ الألياف غير القابلة للذوبانبشكل خاص، ينطبق الأمر هنا على أدوية القلب التي توصف لمعالجة الاضطرابات الأذينية والبطينية وحالات اعتلال القلب، وهي الأدوية التي تقوم بزيادة انقباضية عضلة القلب. وتنتمي معظم تلك الأدوية إلى فئة عقاقير الديجوكسين (Digoxin). ومن أشهر الأسماء التجارية التي تباع بها هذه الأدوية في الكويت وحول العالم ما يلي:Cardigox,Cardiogoxin,Cardioxin,Cardoxin,Coragoxine,Digacin,Digicor,Digomal,Digon,Digosin,Digoxine Navtivelle,Digoxina-Sandoz,Digoxin-Sandoz,Digoxin-Zori,Dilanacin,Eudigox,Fargoxin,Grexin,Lanacordin,Lanacrist,Lanicor,Lanikor,Lanorale,Lanoxicaps,Lanoxin,Lanoxin PG,Lenoxicaps,Lenoxin,Lifusin,Mapluxin,Natigoxin,Novodigal,Purgoxin,Sigmaxin,Sigmaxin-PG,Toloxin.وعلى من يتعالج بأي واحد من تلك العقاقير أن يراقب جيدا ما يتناوله من أعشاب وأي أغذية أخرى غنية بالألياف الغذائية غير القابلة للذوبان، إذ أنه من الثابت أن تلك الألياف تحديدا تتسبب في إبطاء قدرة الجسم على امتصاص مادة الـ«ديجوكسين» الفعالة، علاوة على تقليل فعاليتها العلاجية.وفي هذه الحالة، لا ترتكز التوصية الطبية الأنسب على الامتناع تماما عن تلك الألياف أو حتى تقليلها، بل تتمثل في الحرص على عدم اجتماع الدواء مع تلك الألياف في المعدة. وبشكل عام، يوصي الأطباء بأن يتعاطى المريض عقار الديجوكسين قبل أو بعد موعد الطعام بساعتين تقريبا لضمان عدم تأثره سلبيا بالألياف الغذائية.عقاقير ضعف الانتصاب+ فاكهة الكريبفروتعندما يصل الأمر إلى تعاطي أحد عقاقير الـ«سيلدنافيل» (أي الفياغرا وأشقائه) لمعالجة مشكلة ضعف الانتصاب لدى الذكور، فإن أهل الاختصاص يوصون بتفادي تناول فاكهة الكريبفروت، إذ أن هناك مؤشرات بحثية كشفت عن أن تلك الفاكهة تتسبب في زيادة تأثير المادة الفعالة التي توجد في تلك العقاقير. وهذا الأمر قد يبدو جيدا لأول وهلة، لكنه في واقع الأمر يجلب تأثيرات عكسية مزعجة من بينها الصداع والارتفاع الحاد في ضغط الدم، علاوة على مضاعفات خطيرة قد تهدد حياة المريض لا سيما إذا كان فوق الخمسين من العمر.الأدوية المضادة للدرقية+ الأغذية الغنية باليودالأدوية المضادة للدرقية هي تلك التي تتداخل بشكل أو بآخر مع إفرازات هورمونات الغدة الدرقية لتؤثر عليها سواء بالزيادة أو بالنقصان. وقد كشفت أبحاث عدة عن أن عنصر اليود الغذائي يتسبب بشكل مباشر في إحداث إضطرابات لدى المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية، إلى جانب تسببه في تقليص فعالية العقاقير المشار إليها آنفا.وفي حين أن الأغذية الأغنى بعنصر اليود هي ثمار البحر (السيفود) وأعشاب البحر وملح الطعام وبدرجة أقل في البيض واللحوم ومشتقات الألبان، فإن التوصية البديهية هي تفادي تلك الأغذية بالتزامن مع التداوي بأي عقار من العقاقير المعالجة لفرط أو خمول نشاط الغدة الدرقية.أدوية العلاج الكيماوي+ الحمضياتطبيا، لا تحقق جرعة أدوية العلاج الكيماوي نتيجتها المرجوة في كبح نمو الخلايا السرطانية إلا إذا كانت عند مستواها الموصوف بالضبط دون زيادة أو نقصان. وينطبق هذا الكلام بشكل خاص على علاجات الـ«إتوبوسايد» (Etoposide) الكيماوية التي اتضح بحثيا أن تناول عصير أي حمضي معها يتسبب في إعاقة امتصاص الجسم لها، بما في ذلك عصير البرتقال والتوت البري وغيرهما.والتوصية التي يقدمها الأطباء إلى المرضى الذين يتعاطون عقاقير معالجة كيماوية هي ضرورة شرب كمية كافية من الماء بعد ابتلاع الدواء لضمان أن الجرعة بأكملها قد نزلت إلى المعدة، ثم الانتظار لمدة لا تقل عن ثلثي ساعة قبل احتساء أي عصائر حمضية.تداخلات متنوعة أخرى• الجبن والشوكولاتة واللحوم المدخنة والنبيذ هي أغذية تحوي تراكيزعالية من حمض التيرامين الأميني الذي يمكن أن يسبب ارتفاعا مفاجئا وخطيرا في ضغط الدم، لذا من الخطير تناول تلك الأغذية بالتزامن مع العقاقير المضادة للاكتئاب، وتحديدا التي تعمل من خلال تثبيط أنزيم «MAO».• الأغذية الغنية بالبوتاسيوم (كالموز، والبرتقال، والأوراق الخضراء، وبدائل الملح) تُسبّب اضطرابا في انتظام وتيرة وسرعة دقات القلب عند تناولها بالتزامن مع الأدوية الخافضة لضغط الدم والأدوية المدرة للبول.• الشاي يحوي مادة «العفص» المسؤولة عن لونه وطعمه. وترتبط جزيئات العفص مع جزيئات الحديد التي توجد في أي دواء، وبالتالي تمنع امتصاصه.• لفول الصويا ومشتقاته تداخل عكسي مع معظم أدوية الغدة الدرقية.• تحوي عشبة عرق السوس مركبا يدعى الغليسرزين، وهو مركب يقلل من فعالية العقاقير المدرة للبول وأدوية الضغط، كما أنه يزيد من فعالية بعض الستيروئيدات مسبباً تأثيرات جانبية ضارة وغير مرغوبة.• احتساء الكحوليات بالتزامن مع تعاطي مضادات الالتهاب (مثل الايبوبروفين والنابروكسن) ومسكنات الألم ذات التأثير القوي (مثل الكودئين والمورفين) يزيد مخاطر الإصابة بنزيف معدي والغيبوبة، أو حتى الوفاة.• يحتاج امتصاص فيتامين B12 إلى وجود عامل كيميائي في بطانة المعدة يعرف باسم «العامل الداخلي». ويمكن لبعض أدوية تقليل حموضة المعدة (مثل: أوميبرازول وانسوبرازول وغيرهما) أن تعيق امتصاص ذلك الفيتامين، وبالتالي يقل مستواه في الدم.للتواصل مع الملف:alrai.pulse@gmail.com