لو لم تحصل هذه القصّة لي، وحصلت لغيري لما صدّقْتُه إن حكاها لي، بل إنّني أستصعب تصديق نفسي لدرجة كبيرة!.عموماً، هاكم القصّة:الثلاثاء الماضي، ذهبْتُ مع زوجتي لمحلّ تجاري في جنوب جدّة، وأوقفْتُ سيّارتي نظامياً في الشارع المُطِلّ عليه، ويشهد الله أنّني لم أر ماكينة تحصيل رسوم الموقف التي كانت بعيدة بعشرات الأمتار، وماهي إلّا دقائق حتى رأينا شاحنة الشركة التي عيّنتها الأمانة تشرع في سحب سيّارتي، فركضنا وركبنا في السيّارة لنُرْغِم سائق الشاحنة بعدم سحبها، ثمّ نزلْتُ لأتفاهم معه، فإذا به يخبرني أمام عُمّال المحلّ أنّ رقم سيّارتي وُضِع في حاسوب الشركة، وأنّه ما لم أدفع الغرامة التي تفوق الرسوم بمئات المرّات فسيُسجّل عليّ مبلغ ٣٠ ريال يومياً لأجلٍ غير محدود، فسألتُه: يعني لو لم أدفع الغرامة لـ١٠٠٠ يوم ستتضاعف لـ٣٠ ألف ريال؟ فأجاب بثقة: نعم وأكثر، وأضاف أنّ سيّارتي عُرْضة للسحب مستقبلاً في منطقة صلاحية الشركة، مُردِّداً عبارة (من أنذر فقد أعذر)!.أنا لم أدفع الغرامة، ولو كانت هناك ماكينة تحصيل رسوم بجانب الموقف لدفعتُ الرسوم، فما كانت الرسوم لتمنعني عن النظام إذا اعتمدته الحكومة، لكن ليس هذا بيت القصيد بل هو الأمانة التي كما أطلقت أيدي شركات الخدمات في الشوارع تعبث فيها، أطلقت أيدي شركات المواقف تفعل ما تشاء دون رقيب وحسيب، بعد أن ضمِنَت نسبتها الاستثمارية، ولا همّ لهذه الشركات سوى مضاعفة أرباحها، بتغيير وتشديد قوانينها الأشبه بقوانين قراقوش، وآخرها مضاعفة الغرامات، وملاحقة الناس، وتصيّد سيّاراتهم، وتوعّدهم ولو كانوا بصحبة نسائهم، ممّا لا تفعله إدارة المرور نفسها رغم أنّها السُلْطة الحكومية المعنية بالأمن المروري!.ثقافة الأمانة بإطلاق اليد تحتاج لكفّ يد!.