×
محافظة الرياض

الدوادمي.. مقومات سكانية و«شح» في رحلات السعودية

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي سيقترب إجمالي المدخرات الداخلية في الصين هذا العام من الخمسة آلاف بليون دولار فيما ستكون مدخرات الولايات المتحدة حوالى ثلاثة آلاف بليون دولار. وإذا سمحت الصين، كما يُتوقع، للاجانب بالاستثمار فيها وللصينيين بالاستثمار في الخارج، ستعيد سعة المدخرات هذه تشكيل المالية العالمية تشكيلاً عميقاً. وفي حال أصبحت الهيئات الصينية، على المدى البعيد، أكبر المالكين العالميين للأصول المالية، ستتحول كل صدمة عنيفة في الصين الى حدث عالمي، تماماً مثلما انطلق الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي والركود الكبير في العقد الاول من القرن الحالي من الولايات المتحدة. وفي وثيقة نشرت في 2012، شدد المصرف الشعبي الصيني على ان الانفتاح المالي سيحسن نوعية الأصول الخارجية الصينية ويشجع الاستخدام الدولي لليوان (الصيني) ويساهم في إعادة هيكلة المؤسسات الصينية. ولاحظ المصرف ان «الصين لن تواجه أخطاراً كبيرة في هذا الانفتاح»: فالأصول والديون ستكون مسعرة باليوان، والقروض قصيرة الأمد ليست إلا جزءاً صغيراً من الدين الخارجي الصيني ويمكن التحكم بالأخطار المرتبطة بالاسواق الوطنية للعقارات ورؤوس الأموال. بيد أن الغرور قد يفضي الى السقوط. وعلى نحو ما أشرنا مرات عدة، يمكن نوعية الموازنات العامة ان تتدهور تدهوراً سريعاً للغاية خصوصاً عندما يدخل لاعبون جدد الى الاسواق الوطنية وتظهر فيها فرص غير اعتيادية. وكان المدير العام المساعد لصندوق النقد الدولي ستانلي فيشر أعلن في 1998 ان الظروف السابقة لتحرير اقتصادي ناجح تتألف من اقتصاد كلي (ماكرو) مستقر ونظام مصرفي سليم واسواق مالية متطورة. الأكيد ان هذه الأخيرة غير موجودة في الصين. أما القول بامتلاكها نظاماً مصرفياً صلباً، فمسألة قابلة للجدال على أقل تقدير، لذلك فهي لا توفر مناخ اقتصاد كلي مستقر. وإذا أخذت في الاعتبار المخاطر المرتبطة بتحرير هذه صفاته في اقتصاد على هذا القدر من الضخامة، تكون وجهة النظر الأكثر عقلانية ان الصين غير جاهزة بعد. يدرك المصرف الشعبي ذلك. لذا اقترح إجراء هذه العملية على ثلاث مراحل. في الاعوام الثلاثة الأولى، تُخفض الضوابط على الاستثمارات الأجنبية المباشرة للشركات. في الاعوام الثلاثة او الخمسة التالية، تُخفف الضوابط على الارصدة المرتبطة بالتبادلات وتشجع عملية تدويل اليوان. وبين العامين الخامس والعاشر، يُحرر دخول رؤوس الاموال، ثم يحرر خروجها. وسيتعين على المصرف الشعبي انتظار تحرير التحويلات الشخصية وأدوات السوق المصرفية والمنتجات الفرعية. ويتمنى أيضاً منع «تحويلات المضاربات» منعاً غير محدود، من دون ان يُعرّف هذه التحويلات. قد يخدم هذا الانفتاح تسريع وتيرة الإصلاح الداخلي. وإذا كان الإصلاح شاملاً ستخسر الحكومة سيطرتها على أكثر روافع الاقتصاد فاعلية. بيد ان جزءاً ضخماً من احتياطي العملات الاجنبية لدى الحكومة (3800 بليون دولار في كانون الاول - ديسمبر 2013) سيتحول الى أصول حقيقية. لكن خطراً آخر يكمن هنا. فهذه الأموال ستؤدي الى ارتفاع اجمالي المساهمات (وبالتالي لرفع الاوراق المالية) على كفتي الموازنة. وأظهرت دراسة نشرها مصرف انكلترا نهاية 2013 ان الدمج بين هذا الانفتاح وبين النمو الاقتصادي السريع نسبياً سيفضي الى رفع قيمة الاصول والحقوق الصينية في العالم من خمسة في المئة الى اكثر من 35 في المئة من اجمالي الناتج العالمي الخام بحلول العام 2025. وكذلك جاء في دراسة لصندوق النقد الدولي ان نشرت في آب (اغسطس) 2013 أن «الاوراق المالية العائدة للأصول الصينية في الخارج (ستبلغ) ما يتراوح بين 15 و25 في المئة من اجمالي الناتج المحلي». عليه قد تتخلى الصين عن وضعها كلاعب صغير نسبياً في الاسواق المالية العالمية لتصبح من اللاعبين الرئيسيين. وجاء في وثيقة نشرها صندوق النقد الدولي في 2013 بعنوان «درب الصين نحو الاستقرار المالي الكبير» كشفٌ بعدد من البلدان التي انزلقت تحت عبء تحرير النظام المالي مثل اندونيسيا والمكسيك وكوريا الجنوبية. فكل تحرير اقتصادي يفتح الطريق امام الفرص. لكن اذا كان النظام الذي ننوي فتحه يعتمد على اسعار مشوهة وعلى اخطار ذاتية – وتعاني الصين من هاتين الظاهرتين على مقياس كبير جداً - فإمكان وقوع فشل مرتفع جداً. ويتفاقم الخطر عندما يكون الفرق بين الدين الداخلي والكتلة النقدية بالمقارنة مع اجمالي الناتج المحلي شديد الارتفاع (كما هي الحال في الصين). في النهاية، يفرض هذا التحرير الاقتصادي مشكلة دولية عندما يكون الاقتصاد المعني مدعواً الى ان يكون الاقتصاد الاول في العالم... ينبغي ان تجري هذه العملية بأعلى درجة من الحذر وفي اطار من الحوار الوثيق بين الصين وبين شركائها.     * صحافي اقتصادي، عن «فايننشل تايمز» البريطانية، 12/4/2014، إعداد حسام عيتاني