دار اتصال هاتفي بين الرئيس الصيني، شي جينبيغ، ونظيره الأميركي على تعاظم التوتر في شبه الجزيرة الكورية، إثر توقعات عن وشك إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية سادسة في ذكرى 85 عاماً على تأسيس الجيش الشعبي الكوري، وهي تصادف اليوم. والاتصال هذا هو الثاني من نوعه بين الرئيسين الصيني والأميركي، وهو يظهر التواصل اليسير بينهما، ويسلط الضوء على التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وصراع الديكة بين واشنطن وبيونغيانغ بلغ نقطة التصادم. وإذا أجرت كوريا الشمالية التجربة النووية المرتقبة، اجتازت نقطة اللاعودة. ويرجح أن تتكبد أعظم الخسائر، على رغم أن الخسائر لن تقتصر عليها. وفي أفضل المآلات، ستفرض عقوبات أممية على كوريا الشمالية، وهذه توجه ضربة قاصمة إلى النشاطات الصناعية الكورية الشمالية فتعجز عن تنمية مجتمعها وتطويره. وإذا شنت أميركا ضربات جراحية على منشآتها الصاروخية والنووية، سيضطر نظام بيونغيانغ إلى اتخاذ قرار مصيري. وإذا لم يلجأ (النظام هذا) إلى رد استراتيجي، خسر قدرات الردع، وتلاعبت به واشنطن. وإذا ردت بيونغيانغ من طريق استهداف سيول، لن تتردد أميركا وكوريا الشمالية عن استهدافها. ومثل هذا الوضع سرعان ما ينفلت من كل عقال. ولا أحد يرغب فيه، ولكن حين تبدأ المغامرة، لن يسعَ أحداً وقفها. وآخر ما ترغب فيه الصين، وهي دولة مجاورة لشبه الجزيرة الكورية، هو وقوع كوريا الشمالية في مثل هذا المأزق، وهي لا تريد اندلاع حرب في المنطقة. لكن نفوذ بكين على ما يحصل محدود. وتأمل واشنطن بأن تحتوي بكين بيونغيانغ وأن تحول دون مواصلة أنشطتها النووية. لكن الصين لا تملك عصاً سحرية. وفي المقابل، تأمل كوريا الشمالية بأن تحمل الصين أميركا وجنوب كوريا على وقف التهديد بالحرب. والحق يقال ليس في مقدور بكين إرضاء الطرفين. وهي تسعى إلى تفادي انسياق أميركا وكوريا الشمالية إلى هذه المغامرة المجنونة، وترمي إلى اقناع بيونغيانغ بالعدول عن تجربة نووية سادسة. وإذا توقفت اليوم، تفادت نتائج كارثية ومدمرة لا يسعها تكبدها. وكوريا الشمالية قادرة على إبرام مساومة مع الولايات المتحدة نظراً إلى إنجازاتها النووية وحفاظها على سيادتها القومية وأمنها. وانتهجت بيونغيانغ مساراً مستقلاً منذ نهاية الحرب الكورية. وتماسك سيادتها القومية يفوق نظيره في كوريا الجنوبية. وحري ببيونغيانغ الاتكاء على قوتها وظروفها الجغرافية السياسية الخاصة، وتعلم إظهار المرونة والحزم. والتراجع خطوة إلى وراء ييسر حل النزاع. وهذا التراجع ليس علامة جبن، بل أمارة شجاعة في جبه التحديات على منوال مختلف. والمسألة الكورية الشمالية النووية هي مثل لغز مليء بالمتفجرات، وحري ببيونغيانغ ألا تشعل فتيله، فما تحتاج إليه هو التزام الحكمة في سبيل هبوط آمن. * افتــتاحية، عــن «غلــوبل تايمز» الصــينية، 25/4/2017، إعداد منال نحاس