وَقَّعَتْ أكثرُ من مائة وستين شركة أمريكية متخصصة في التكنولوجيات الحديثة، من بينها “غوغل” و“فيسبوك” و“تْويتر” و“ياهو” و“مايكروسوفت” و“آمازون“، عريضةً تعبِّر فيها عن رفضها سياسة الهجرة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسعى قانوني تقدَّمت به إلى القضاء في فرجينيا بغرضِ منعِ تنفيذ هذه السياسة. يأتي هذا الموقف بعد توقيع الرئيس الأمريكي الثلاثاء مرسوما يحد من حرية هذه الشركات التكنولوجية في توظيف الكفاءات الأجنبية بتقييد منحِ هذه الأخيرة تأشيرات دخول التراب الأمريكي. “أنا قلق جدا بالنظر إلى ما يجري“، يقول الطالب الأجنبي مايان كاستوريا الحائز على شهادة الماستر في علوم الكمبيوتر الذي ترك بلده وعمله وكل شيء وراءه من أجل مشروعه في الولايات المتحدة الامريكية، مضيفًا “لا أدري ما الذي سيحدث في المستقبل…”. حالة مايان كاستوريا هي، في الواقع، حالة أعداد كبيرة من الكفاءات الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بداية العام الجاري. الشركات التكنولوجية المائة والاثنان والستون الموقِّعة على العريضة الرافضة لسياسة الرئيس الأمريكي بشأن الهجرة، السياسة التي تقضي بمنع منح التأشيرات لمواطني ستة بلدان إسلامية بمقتضى مرسوم رئاسي مُعدَّل وقَّعه دونالد ترامب في بداية مارس/آذار الماضي، بَرَّرتْ موقفَها بكون هذه السياسة “تُكبِّد المؤسسات الأمريكية وأُجَراءَها ومُجمَلَ الاقتصاد خسائر كبيرة” وتُضر بقدرتها على المنافسة على المستوى الدولي واستقطابها الكفاءات الأجنبية. وشَددتْ الشركات في نص العريضة على أن الولايات المتحدة الأمريكية “أمَّة مهاجرين” قَدَّموا جميعا إسهاماتهم في بناء هذا البلد في مختلف مجالات الحياة. سياسة ترامب الخاصة بالهجرة التي يجسدها قرارُه الموقَّع في مارس/آذار الماضي، والذي حَكَمَ القاضي الفيدرالي في جزر هوايْ لاحقًا بتجميد تنفيذه، تُواجِهُ معارضةً قوية داخل الولايات المتحدة الأمريكية واستنكارا خارجها. وتحوَّلت هذه السياسة إلى محور مواجهة قضائية وسياسية شرسة بين الموالين للرئيس الأمريكي الجديد ومُعارضيه. وبالإضافة إلى المظاهرات الجماهيرية العارمة المندِّدة بموقف الرئيس من المهاجرين والتي تُنظَّم منذ بداية العام في مختلف المدن الأمريكية، اتسعتْ رقعةُ الاحتجاجات إلى العديد من الجامعات الأمريكية متسببةً في اضطرابات بين الطلبة بداخلها. جامعة بيركلي، التي توصَف بـ: “التقدمية“، اضطرت الأربعاء إلى إعلان إلغاء تنظيم محاضَرة حول موضوع الهجرة للمُحلِّلة السياسية اليمينية المتطرفة آنْ كَاوْلْتَرْ، كانت مبرمَجة ليوم السابع والعشرين من أبريل/نيسان، خشية نشوب أعمال عنف بين الطلاب، لا سيما أن هذه الجامعة شهدتْ قبل بضعة أيام مشادات عنيفة بين المسانِدين والمعارِضين للرئيس دونالد ترامب. الجامعة أوضحت أن قرار الإلغاء يأتي بعد تبيُّنها أن أمن المحاضِرة والجمهور لا يمكن ضمانه. المحللة آن كاولتر احتجت على قرار الإلغاء وأوضحت للصحافة أنها ستذهب إلى جامعة بيركلي في السابع والعشرين من الشهر الجاري، للتعبير عن استنكارها لهذا التراجع الذي اعتبرتْه مساسا بحرية التعبير مع إمكانية تنظيم المحاضرة في قاعة تكتريها بمالها الخاص والذي سوف تسترجعه، على حد قولها، في إطار دعوى قضائية ضد الجامعة تُطالب فيها بالتعويض عن الضرر. ما وقع لآن كاولتر في جامعة بيركلي، حدث في الجامعة ذاتها لليميني المتطرف ميلو يانوبولوس، رئيس التحرير السابق للموقع الإلكتروني “بْراتْبارْتْ” المحسوب على اليمين المتطرف، حيث تم إلغاءُ محاضرته بعد تصاعد التوتر ونُشوب أعمال عنف داخل الجامعة قبل أيام من موعد المحاضَرة. خلال نهاية الأسبوع الماضي، اعتُقِل واحد وعشرون شخصا من طرف الشرطة خلال مواجهات بين طلاب معارِضين للرئيس دونالد ترامب وآخرين موالين له داخل جامعة بيركلي حسب تقرير نشرتْهُ صحيفة “لوس آنجلوس تايمز”.