×
محافظة مكة المكرمة

«الأرصاد» تحذّر من موجة غبار على جدة.. و«الصحة» تنصح بتوخي الحذر

صورة الخبر

تعيش مصر حالة طوارئ استثنائية منذ ليلة أمس على وقع التفجيرات التي طالت كنيستين؛ إحداهما هي المقر البابوي بالإسكندرية لكن قرية صغيرة في أقصى شمالي البلاد -تدعى البصارطة بمحافظة دمياط- تعيش حالة طوارئ قبل ذلك بنحو 3 أسابيع، وهذه هي اليوميات الحزينة لتلك القرية تحت الحصار الأمني. استيقظ أهالي القرية يوم الإثنين 27 مارس/آذار الماضي على إيقاع اقتحام قوات الأمن، المزودة بعربات مكافحة الشغب، لشوارعها الضيقة بعد أن حاصرت مداخلها المختلفة، وشنت حملة مداهمات واعتقلت عشوائياً بعض الأهالي، وتمركزت في المناطق المهمة بالقرية. القصة بدأت بعد مقتل شرطي أو "خفير" اسمه مسعود الأمير نهاية مارس الماضي في أثناء توجهه لعمله على يد ملثمين، وعلى أثر ذلك بدأت الحملة الأمنية، لكنها لم تكتفِ بملاحقة المشتبه في تورطهم بمقتل الشرطي؛ بل استهدفت الناشطين والمشاركين في الحراك الاحتجاجي بالقرية، المعروفة بمعارضتها الشديدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ إذ اتهمت وزارة الداخلية ناشطين محسوبين على جماعة الإخوان بالمسؤولية عن مقتله في الوقت الذي يتناقل فيه الأهالي روايات عن دور لتجار سلاح ومخدرات في الجريمة بعد اختلافهم مع "الخفير". قبيل الاقتحام، نشر عدد من الأهالي بياناً يتبرأ من قتل "الخفير"، مؤكدين أن أبناء القرية ضد أي سفك للدماء، ومحذرين القوى الأمنية من التذرع بالجريمة للانتقام من أهالي القرية واقتحامها، خاصة وقد سبق لهم توجيه طلبات للحكومة للحد من تزايد تجارة المخدرات، لكن الأجهزة الأمنية كانت مهتمة بمكافحة النشاط السياسي فقط. واشتُهرت القرية بخروج معظم ساكنيها في مظاهرات معارضة للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظامه الحاكم، ما دفع السلطات لمواجهتهم بمزيد من البطش والتضييق، حيث تعرضوا لحصار سابق واعتقالات في صفوفهم وتصفية آخرين، الأمر الذي دفع ببعض الأمهات إلى تسليم أبنائهن الملاحقين أمنياً؛ خشية تعرضهم للإخفاء القسري أو التصفية المباشرة، ولكن هذه المرة كانت أكثر قسوة، حسب روايات الأهالي. فيديو لاقتحام القرية شاهد عيان قال لنا إن "أحد البيوت اقتُحم أكثر من 6 مرات في يوم واحد بغرض الترويع، بينما أُخليت منازل أخرى من أصحابها واستولى الأمن على متعلقاتهم الثمينة منها، ووصل الأمر -في القرية المعروفة بطبيعتها المحافظة- إلى احتجاز بعض النساء في غرف وتهديدهن؛ لتسليم هواتفهن لقطع اتصالهن بذويهن". ويضيف: "قامت قوات الأمن بغلق بعض المدارس ومحاصرة البيوت ومنع أصحابها من الخروج أياماً طويلة حتى لشراء حاجاتهم". بعض الشهود العيان يؤكدون تحول "حيّ عجّور" بالقرية إلى ثكنة عسكرية، ما دفع معظم سكانه إلى مغادرة منازلهم، وفقد كثير من الأهالي التواصل مع أبنائهم المعتقلين الذين يقدر عددهم بـ200 شخص، فيما تُتداول أخبار عن تعرضهم لتعذيب شديد في مقار الاحتجاز، يشمل خلع أظافرهم وتكسير أسنانهم. مقتل الشيخ بلبولة شاهدة عيان أخرى، روت لنا قصة مقتل الشيخ محمد عادل بلبولة الذي تتهمه قوات الأمن بالمسؤولية عن مقتل خفير الشرطة، تقول: "بعد حرق بيته، قام إمام المسجد الأزهري الشيخ بلبولة بالانتقال إلى مكان آخر بعد أن صار متهماً في 20 قضية، وبعد خروج زوجته من السجن بعد حبس عام إضافة إلى اعتقالات لأقاربه وأصدقائه، صار هو المطلوب الأول في القرية". وتضيف الشاهدة: "غاب عن الأنظار فترة كتب خلالها على صفحته على فيسبوك أنه غادر القرية، غير أن الأهالي اكتشفوا أنه لم يغادرها حين انتشر خبر تصفيته، وقال بيان وزارة الداخلية إنه قُتل بعد اشتباك مع الشرطة بعد أن تمكنت قوات الأمن من تحديد مكانه وقتلته، ومنعت الأهالي من حضور جنازته خاصة وأنه يحظى بشعبية جارفة بينهم خشية تحولها لتظاهرة جديدة". وقال شقيق الشيخ بلبولة في تصريح لـ"هافينغتون بوست عربي"، إن شقيقه لا علاقة له بقتل الخفير الذي وقع قبل أسبوعين وأنه ملاحَق منذ نشاطه في تنظيم المظاهرات في 2013 وأحرقوا بيته قبل مقتل الخفير بفترة طويلة، مؤكداً أن هذه الشائعات لا أصل لها من الصحة. محمد عادل بلبولة يحكي قصة اقتحام البصارطة كشاهد عيان قبل مقتله لماذا البصارطة؟ قصة البصارطة في مواجهتها مع قوات الأمن، وصلت ذروتها في مايو/أيار 2015 عندما اعتقلت السلطات خمساً من فتيات القرية، فخرج الأهالي في مظاهرة احتجاجية، قطعوا خلالها الطريق الساحلي الدولي الذي يمر بأطراف القرية. "البصارطة"، إلى جانب قرية أخرى تدعى "الخياطة"، تعد استثناءً كبيراً في محافظة دمياط، فهاتان القريتان على وجه التحديد تعارضان السلطات المصرية بصورة دائمة، فيما تميل معظم المحافظة إلى تأييد الحكومة، وللقريتين تاريخ من وجود أنصار التيار الإسلامي منذ انتخابات 2005 التي فاز فيها مرشحو جماعة الإخوان المسلمين بنحو 20% من مقاعد البرلمان. ويُعرف عن أهالي القريتين تحدي السلطات، ولا سيما بعد مقتل واعتقال عدد من أبناء القرية في اعتصامات منتصف عام 2013 احتجاجاً على الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي (الرئيس الحالي) ضد الرئيس محمد مرسي، لتنضم في ذلك إلى مجموعة من القرى التي عُرفت بمعارضتها الشديدة للنظام؛ مثل: "دلجا" في محافظة المنيا، و"كرداسة" و"ناهيا" بالجيزة، وقرى أخرى في محافظات بني سويف والفيوم (جنوب القاهرة).