النسخة: الورقية - سعودي كان يجمع بأصابع يده لحيته الكثة، وهو يدعو «اللهم احفظ الخليج من كل حاقد وحاسد وعدو، واحفظ قادته، ودوله من كل سوء، واجمع كلمة حكامه وشعوبهم، ووحّد صفوفهم على الخير، وانْهِ ما بين دوله من خلافات ونزاعات، إنك على شيء قدير». فقلت: ليت الذين حشروا أنفسهم فيما حدث بين قطر وبعض دول الخليج العربي، لو سمعوا دعوة ذلك المسّن الذي توجه إلى خالقه بدعوة فيها صدق، ليجمع الله خليجنا فهو يدرك قول الشاعر: تأبى الرماح إذا اجتمعنّ تكسرا***وإذا افترقنّ تكسرت آحاداً. فمهما حدث وكان من اختلافات فنحن مجبورون على أن نتحّد في وجه من يريد زرع الخلافات بيننا، دولاً وشعوباً يجمعهم مصير واحد مشترك، وليتهم قبل أن تسيل محابر أقلامهم، وتبالغ في الشتم والحط، واستخدام التعابير المشينة بحق دولة وحكامها وشعبها، حتى لم يتبق لبعضهم كالذي وصف دولة قطر «بالدولة المراهقة»؛ إلا شطبها من على الخريطة. ليتهم وقد أخذوا يشطحون وينطحون في كتاباتهم، ويعلّقون بمقالاتهم على الأزمة الخليجية، ويحاولون وضع تفسيرات تسّيرها عواطفهم، ورسم تعقيدات للأزمة، لو تريثوا وأدركوا قبل أن تخوض أقلامهم. إن ما حدث ستكون أبواب الحلول بعون الله مفتحّة أمام حكام الخليج، ولديهم من الحكمة والتعقل ما يعينهم على تجاوز الخلافات، وتركوا للساسة قيادة الأزمة بدلاً من الدخول على خطها. فوحدة دول الخليج مطلب شعبي وحكومي، وقادتنا في الخليج - وفقهم الله - يدركون أهمية اتحادهم، والذي ندعو الله أن تكون الأزمة بين دوله «سحابة صيف ثم تنقشع»، وتعود العلاقات بين دول الخليج إلى مجاريها، صحية، نقية، لأنه مهما حدث فسنبقى في دول الخليج العربي إخوة متحدّين، متعاونين، ديننا واحد، ومصيرنا مشترك، تجمعنا لغة واحدة، ولنا عادات وتقاليد مشتركة، وبيننا جوار وصهر ونسب، وعائلات مشتركة في تربطهم أواصر القربى والنسب من قديم الزمن، ويجمعنا في دول الخليج العربي تاريخ واحد، ونعيش على جغرافية مشتركة الحدود، وعدونا الطامع في مكتسباتنا وخيراتنا وأراضينا واحد «وأنفك منك وإن كان أجدع»، فكم كنّا كشعوب نرتدي أثواب الفرح والعزة، ونحن نرى حكامنا قادة الخليج يجتمعون في قمم الخليج منذ انعقاد أول قمة خليجية في 25 من أيار (مايو) 1981، مروراً بالثانية، ثم الثالثة حتى آخر قمة خليجية عقدت في الكويت قبل فترة من الزمن، حتى إن كل قرية وهجرة ومدينة في دول الخليج العربي الست، وهي تتحول إلى شعلة من الفرح، وليس على شفاه الصغار والكبار، سوى دعاء لله بأن يتممّ أعمالهم بالنجاح، ونشيدهم المحفور في ذاكرتنا المجتمعية «خليجنا واحد، وشعبنا واحد، يعيش يعيش، الله أكبر يا خليجاً ضمنا، الله أكبر». فليس أمامنا إلا التضامن لإفشال خطط العدو الحقيقي الفرس ومن خلفهم ممن يريد بخليجنا شراً، ودعوتنا هذه، لا يعني أن نغض الطرف عمن يريد ببلدنا السعودية سوءاً، فنحن صف مع قادتنا، لكن وحدة أهل الخليج ضرورة حتمية لا بدّ منها، وما أجمل ما قاله شوقي «فالاتحاد قـوة علويـة*** تبني الرجال وتبدع الأشياء. محمد بن إبراهيم فايع mfaya11@hotmail.com