ندد نشطاء ومنظمات حقوقية بضلوع خمس مؤسسات مالية وبنكية فرنسية في تمويل الاستيطان الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية المحتلة، عن طريق مشاركتها بمصارف وبنوك وشركات إسرائيلية تعمل مباشرة في المستوطنات. وأصدرت ثماني منظمات فرنسية، منها جمعية "التضامن فرنسافلسطين" والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومنظمة الحق الفلسطينية ورابطة حقوق الإنسان الفرنسية وعدة نقابات، تقريرا قبل أيام بعنوان "الصلات الخطرة بين المصارف الفرنسية والاستيطان الإسرائيلي". وأكدت المنظمات أن مصارف "بي أن بي باريبا" و"سوسيتيه جنرال" و"كريديه أغريكول" و"وبي بي سي أيه" وشركة "أكسا" للتأمين، تدير شراكات مالية، وبعضها يمتلك أسهما مع مصارف وشركات إسرائيلية، تشكل أداة "أساسية في سياسة الاستيطان المتواصلة"، عبر مساهمتها في مشاريع بناء وتطوير المستوطنات بصورة مباشرة وغير مباشرة. مواصلة الضغطوأفاد التقرير أن هذه المؤسسات المالية الفرنسية ضالعة في "تطوير وتوفير خدمات حيوية للمستوطنات مثل بناء المساكن والمصانع والبنى التحتية، والمرافق الحيوية مثل مد خطوط شبكات الإنترنت والهاتف والكهرباء".شعار بنك سوسييتيه جنرال الفرنسي (الجزيرة) وتعليقا على ذلك، قال ديدييه فاغارت، وهو أحد معدي التقرير والأمين العام لجمعية "التضامن فرنسا فلسطين" إن "ضلوع المصارف الفرنسية ثابث ومؤكد، بل تلقينا ردا من كل من مصرفي سوسييتيه جنرال وبي إن بي باريبا يقران بالتعاون مع عدة شركات ومصارف إسرائيلية". وأورد فاغارت مثالا على نوع التعاون بين المصارف والشركات الفرنسية والإسرائيلية بالقول إن "ثلاث بنوك فرنسية قدمت قرضا بقيمة تناهز 300 مليون يورو لشركة إسرائيل للكهرباء. وتقوم هذه الشركة بتزويد المستوطنات غير الشرعية داخل الأراضي الفلسطينية بالكهرباء". توعية المواطنوأوضح فاغارت في حديثه للجزيرة نت أن التقرير يهدف أساسا إلى "توعية المواطن الفرنسي والضغط على المؤسسات المالية والبنكية الفرنسية" من أجل إرغامها على "سحب قروضها واستثماراتها"، مع الشركات الإسرائيلية في المستوطنات، كما فعل عدد من الشركات الأوروبية، في كل من "لوكسمبروغ، وهولندا والنرويج وألمانيا". وأفاد فاغارت أن "الضغط الحقوقي والشعبي أتى أكله من قبل" في فرنسا، حينما اضطرت شركة أورنج للاتصالات الفرنسية عام 2015 لسحب استثمارتها من المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية. وأكد الأمين العام لجمعية التضامن فرنسا فلسطين، أنه تم إطلاق عريضة شعبية على الإنترنت، لكي يطلب كل "زبون فرنسي" يتعامل مع هذه البنوك الفرنسية، "استفسارا" واضحا و"للتنديد" بتعاون هذه البنوك مع الشركات الإسرائيلية التي تمول وتبني المستوطنات. خطاب "مزدوج"كما قال التقرير إن الحكومة الفرنسية مسؤولة بطريقة غير مباشرة عن دعم المشروع الاستيطاني في إسرائيل بسماحها لمؤسسات فرنسية مالية بتمويل شركات تعمل في الاستيطان. ودعت الحكومة الفرنسية لممارسة "ضغوط حقيقية" على المصارف وشركات التأمين الفرنسية لوقف أعمالها مع تلك المؤسسات والمصارف الإسرائيلية.ماريز أرتيغلون: الحكومة الفرنسية مارست "خطابا مزدوجا" تجاه القضية الفلسطينية (الجزيرة) وفي تصريح للجزيرة نت اتهمت ماريز أرتيغلون نائبة رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في باريس الحكومة الفرنسية بممارسة "خطاب مزدوج" تجاه القضية الفلسطينية، وذلك بالدعوة صراحة إلى حل الدولتين وإدانة الاستيطان، وفي الوقت نفسه تغض الطرف عن ضلوع شركات فرنسية بعضها تساهم فيها الدولة، في تمويل وبناء المستوطنات". انتهاك صارخوأوضحت أرتيغلون أن الحكومة الفرنسية تقع عليها "المسؤولية في تحذير الشركات الفرنسية التي تتعامل بشكل متعمد، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في تمويل وبناء المستوطنات الإسرائيلية، لأنها تتعارض مع القانون الدولي وتعد انتهاكا صارخا لحقوق الشعب الفلسطيني". كما أعربت نائبة رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن أسفها لما سمته "جشع" بعض الشركات المصرفية الفرنسية، "التي تجري وراء الاستثمارات والربح وتشجع على الاستيطان الإسرائيلي واستمراره، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني". وأضافت "هذا يعد جريمة متعددة الأطراف لا يجب السكوت عنها". يشار إلى أن التقرير أوضح أن لجنة من الأمم المتحدة كانت أصدرت تقريرا مماثلا في 2013، أدان البنوك الإسرائيلية في تمويل وبناء المستوطنات. كما أن التقرير الأممي اعتبر أن الشركات والمصارف الإسرائيلية تقع عليها مسؤولية مباشرة في نهب وانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني عبر تشجيع المستوطنات.