الأهواز. أو عربستان، وطنٌ عربي سليب من قبل العدو الفارسي، تمَّ احتلاله عام 1925، عندما منحه البريطانيون الإيرانيين. ومنذ ذلك الحين والمحتل الفارسي يُمعن في تفريسه، سواء في العهد الشاهنشاهي الآفل، أو في عصر الثورة الخمينية، التي تدعي أن الأولوية في انتمائها لدين الإسلام العربي. وقد وصلت سياسة التفريس، ومحاربة اللغة العربية، شأواً لا يُطاق؛ فالأهوازي - مثلا - يُمنع من التحدث بلغته الأم (العربية) إطلاقاً؛ حتى في المحاكم هناك، لا يجوز الترافع بالعربية، كما لا يجوز للأهوازي الذي لا يتكلم الفارسية، الاستعانة بمترجم؛ فالعربية في معايير المحتل الفارسي لغة محظورة، كما هي (العبرية) في الدول العربية. ومنذ احتلال الفرس للأهواز قامت عدة انتفاضات عربية على المحتل الفارسي، كان أهمها ثورة (بني طرف) عام 1936 فقمعها شاه الفرس حينها «رضا بهلوي»، وقبض على 16 من زعماء عشائرها العرب، ودفنهم أحياء، ردعاً لغيرهم. وفي عام 1940 قامت قبائل بني كعب، ومعها قبيلة كنانة الأهوازية، بثورة بقيادة الشيخ حيدر بن طلال الكعبي، وطردت حامية الاحتلال الفارسي من ثكناتها، ولم تستطع سلطات الاحتلال من القضاء عليهم إلا بعد القبض على الشيخ حيدر ورفاقه وإعدامهم. وفي عام 1943 قام الشيخ حاسب بن الشيخ خزعل بثورته، وأصابت مبدئياً بعض النجاح؛ إلا أن الفرس عادوا وأخمدوها. وهناك عدد آخر من الثورات التي لا يكاد الفرس يخمدوها بالحديد والنار حتى تثور ثانية. إخواننا عرب الأهواز أغلبهم شيعة جعفرية اثني عشرية؛ أي على ذات مذهب الفرس المحتلين، غير أن حقيقة العنصرية الفارسية تأبى إلا أن تمد عنقها، لتثبت أن الانتماء المذهبي هو للتصدير خارج إيران فقط، أما في الداخل فلا يكترثون بالشيعة قدر اكتراثهم بتسيّد القومية الفارسية. وما ينطبق على الأهواز، ينطبق كذلك على الجزر الإماراتية الثلاث التي احتلتها إيران وترفض الانصياع للمجتمع الدولي بشأنها. عرب الشمال لا يكترثون بهذه الحقائق الثابتة، رغم أن أغلبهم يرفعون شعار (القومية العربية)، إلا أنهم يُطبّقون مفاهيم هذا الشعار بشكل انتقائي؛ بل إن بعضهم، خاصة يسارييهم، لا يستحون من مناصرة إيران، في مواجهة مناوئيهم من العرب، مع أن العدو الفارسي لا يختلف إطلاقاً عن المحتل الإسرائيلي؛ فهذا يحتل أرضاً عربية، وذاك يحتل أرضاً عربية. وأتذكر أنني في لندن، قبل أكثر من عشرين سنة، التقيت بعربي من الأهواز، شيعي المذهب؛ وقال لي حينها مقولة ما زالت تتردد في ذهني كلما جاء الحديث عن إيران والأهواز؛ يقول: الفرس ما زالوا منذ القادسية حتى اليوم، وهم يضمرون أحقاداً على العرب، ولن يكتفوا بسرقة الأهواز العربية، بل سيفعلون كل ما يستطيعون، ويبذلون ما يملكون، حتى يُلحقوا بقية الدول العربية بالأهواز السليبة. وعندما أرى تدخلات إيران في دول الجوار العربية، وتوسعهم السرطاني في تلك الدول، ممتطين ذريعة الدفاع عن (الشيعة)، في حين أنهم يقمعون الشيعة العرب في الأهواز، أتذكر مقولة ذلك الأخ الأهوازي. لقد جامل العرب، خاصة عرب الشمال، إيران، فأضاعوا الأهواز، وها هي جحافل الغزو الفارسي تدك بلدانهم؛ فهل من مدّكر؟ إلى اللقاء