الرابوص يجتاح قناة أبوظبي دراما بالرعبتبدو فرصة عرض مسلسل "الرابوص" السوري جريئة لقناة "أبوظبي دراما" وجهة الإنتاج معا، فهو العمل السوري الأول الذي يتعرض بمساحات هامة منه لعوالم الرعب والإثارة والتشويق والجريمة المنظمة، وهو في هذا المنحى العمل العربي الأول أيضا الذي تغامر القناة بعرضه دون وجود ملامح سابقة تشير إلى إمكانية نجاح مثل هذه العروض على الشاشة التلفزيونية.العرب [نُشر في 2017/03/30، العدد: 10587، ص(16)]قصة سورية تحبس الأنفاس أبوظبي - حرصت قناة “أبوظبي دراما” على عرض المسلسل السوري “الرابوص” للمخرج إياد نحاس بشكل حصري خارج الموسم الرمضاني، مما جعلها تخوض مغامرة عرض أول مسلسل رعب سوري عبر قصة مبتكرة يقتحم فيها مؤلفها سعيد حناوي عالما افتراضيا تتداخل فيه الأزمنة، وتتعدد الأمكنة. ويدخل مسلسل “الرابوص” بالمشاهد العربي أماكن جديدة على الدراما السورية والعربية عموما، حيث مكانان أساسيان تنطلق منهما خيوط الحكاية، سجن ومستشفى للأمراض النفسية، أين يعيش بطلا العمل الرئيسيان، أولهما عاصي (عبدالمنعم عمايري) الرجل العصابي، ابن البيئة الفقيرة المعدمة الذي لا يتورع عن القيام بأي عمل بغية تحقيق أهدافه، حتى لو كان طريق تحقيقها يمر من خلال ارتكاب جريمة قتل، وهو نتاج أسرة مفككة لوالد متسلط عنيف، فتكون إحدى ضحاياه ابنته التي تفقد القدرة على الكلام نتيجة ضربه لها. أما الشخصية الثانية فهو نزار (عمار شلق)، وهو رجل غني يتزوج متأخرا من الفتاة سارة (أمل عرفة) التي ينتزعها من خطيبها السابق عصام (بيير داغر)، وتنجب له طفلة. وسرعان ما يتهمها لاحقا بخيانته مع خطيبها السابق، فيقتلها، ويطلب من سائقه التخلص من الطفلة، ويغدو شبح زوجته الذي يطارده في منامه جزءا من حياته اليومية لاحقا، وهو ما ينتهي به إلى مستشفى الأمراض النفسية. إياد نحاس: علينا صناعة دراما سورية مختلفة لأجل إخراجها من رتابتها وإلى جانب هذا الخط الأساسي في العمل، أوجد صناع المسلسل العديد من المحاور الموازية التي يستعرضون من خلالها جرائم تتعلق بالشعوذة والاتجار بالأعضاء البشرية. وكلمة “الرابوص”، في اللهجة الدارجة السورية تعني الشلل الذي يصيب شخصا عندما يعيش كابوسا في منامه، وهو حالة يتخوف الناس منها وتأتي لأشخاص مبتلين بظروف قاهرة يعيشونها وربما أزمات ضمير حادة. ويقول مخرج العمل إياد نحاس “اشتغلنا على تقديم شكل جديد في الإخراج، يتوافق مع موضوع المسلسل الذي يعد بدوره جديدا نسبيا على الدراما التلفزيونية السورية، ونعني بذلك موضوع التشويق والإثارة والرعب”. ويضيف “أعتقد أننا معنيون بصناعة دراما تلفزيونية سورية مختلفة لأجل إخراجها من حالة الرتابة التي باتت تعيش فيها، فالدراما التلفزيونية هي بالنهاية دراما تتعامل مع فن بصري، وبالتالي يجب الاعتناء بها بصريا وتقديم شكل بصري مناسب على أكثر من صعيد”. ويشدّد نحاس على أنه حاول وضع بصمته الخاصة، كما فعل صاحب الموسيقى التصويرية حين وضع ثيماته الخاصة بالعمل، ويقول “اجتهدت كي أصنع صورة متناغمة مع موضوع العمل وخصوصيتي كمخرج، فبيت عاصي (عبدالمنعم عمايري) مليء بالسوداوية، ولأجل ذلك جعلت المكان كله أسود حتى الأرض والحيطان، إلا من خيط أبيض درامي واحد هو لون لوحات الفنان الذي يعيش في المكان، وهذا ما يدخل المتلقي في الحالة السوداوية للفكرة حتى قبل أن تتحدث أي شخصية من شخصيات العمل”. وعن ضرورة أن تطرح الدراما السورية جديدا في شكلها ومضمونها، يقول نحاس “هناك حاليا متاعب في الدراما السورية، التوزيع واحد منها، ولكن الباقي يأتي من خلال الإنتاج، والصراع الذي يدور بين المنتجين أنفسهم، وبتنا اليوم نفتقد حالة الشغف التي كانت السبب في إنجاز دراما هامة ومضيئة في تاريخ الفن السوري خاصة والعربي عموما، فالذين صنعوا هذا المجد كانوا لا يتقاضون مبالغ مالية كبيرة، إذ أن ما كان يشغلهم هو الهاجس الفني لا غير، الآن اختلف الموضوع”. وحول تطوير رؤى الإنتاج وضرورة خروجه من النظرة التقليدية يبيّن نحاس “الإنتاج المختلف والمتطور هو السبيل الوحيد لكي تنهض أي دراما، لذلك تتجه الدراما السورية التي باتت تتنافس حاليا مع العديد من الألوان الدرامية الأخرى كالمصرية والخليجية وحتى التركية، إلى بناء جسور جديدة بينها وبين المتلقي من خلال صيغ مختلفة، بعيدا عن الأشكال التقليدية الجاهزة الموجودة الآن والتي لم تعد تأتي بفرص نجاح، يجب أن نخرج من الأعمال الجاهزة التي شوه بعضها نمطا فنيا بعينه”.