×
محافظة المنطقة الشرقية

الاتحاد البرازيلي يعين رئيسا جديدا بعد غد

صورة الخبر

اختلاط الأماني بالحسد بالكراهية يؤدي إلى اختلاق مصطلحات تخويفية ثم تهويلها ليحتمي أصحابها وراءها. العبارات الموظفة في الحوار اليومي تسهم بدور مهم في الدفاع عن الروح اليائسة. إذا أخذنا كلمة الاختلاط أو التغريب وقرأناها في خطاب التطرف سوف نرى أنها مشحونة بعكس حقيقتها. يستطيع أي منا أن يصمم كلمة مخيفة إذا وجد من يتعاون معه. تيار حزبي على سبيل المثال. دعوني آخذ كلمة من مكان بعيد جدا. لنقل التسنين. هل سمعت بكلمة التسنين. من الواضح أنها كلمة عربية مشتقة من الأسنان. لا أظن أنها تنطوي على أي دلالة ثقافية. اخترتها عشوائياً على أي حال. عندما تعتلي منبراً دينياً وتصرخ بأعلى صوتك (يا عباد الله إنهم يمارسون التسنين. انظروا في كتاباتهم وفي رواياتهم في قنواتهم) وآخر يصرخ في مكان آخر: (بدؤوا بتسنين المرأة التي هي عماد الأسرة ومربية الأجيال لهدم كيان المجتمع الإسلامي وتخريب أساساته). إذا لاكت هذه الكلمة الأفواه على منابر متعددة فلن نحتاج إلى تعريف لها لتسمع العوام يقولون في مجالسهم (أنت لا تعرف أهداف هؤلاء العلمانيين إنهم يحاولون تسنين المجتمع المسلم). صارت أداة من أدوات تخويف الناس دون أن يدرك الناس معناها. قوة تأثير الكلمة تأتي من غموضها وعموميتها وتكتسب دلالاتها السلبية إذا أحيطت بكلمات سيئة على الدوام. تأمل في كلمة تغريب ستجدها غير مفسرة وتستخدم دائماً محاطة بإطار من الكلمات المرعبة (هدم عهر تحطيم انحلال انهيار) إلخ. ولتأصيلها وإظهارها في صورة المتفق عليها يعتلي أحدهم المنبر متظاهراً بالبراءة ليقول (يا إخوان لا تتهموا إخوانكم بالتغريب إلا بعد التحقق والتأكد) يوحي لك هذا الرجل (الطيب) أن التغريب كارثة كالخروج من الدين فلا يجوز رمي الناس بها دون دليل. هكذا يتم تدوير الكلمة لتكتسب أدق الدلالات الدعائية المطلوبة. حتى الذين صنعوها ويتعمدون الترويج لها لا يفلتون من تأثرها السلبي عليهم. فكلمة تغريب الآن أصبحت بالفعل كلمة قبيحة حتى في أدبيات الأطراف المتهمة بها. صارت كالخيانة لا يجرؤ أحد على تبنيها أو تفكيكها إلى مكوناتها الأصيلة أو الدفاع عنها. لاحظ أني قلت (الأطراف المتهمة بها) هذا اعتراف مني أن كلمة تغريب هي تهمة. دخلت في لا شعوري بالشتائم التي تحيط بها فأعدت تدوريها كما يريدون. الآن لو بسطنا الأمر وحللنا كلمة تغريب إلى مكونها الأساسي. هي ببساطة تعني أن أحداً ما يحاول أن يجعلنا مثل الغرب. إذا نظرنا إلى الواقع وكيف نعيش فنحن في حقيقة الأمر نقلد الغرب في كل شيء باستثناء حسناته. إذا تحدثنا عن رفاهية المواطن ضربنا المثل بالغرب، وإذا تحدثنا عن نزاهة القضاء كان الغرب مثلنا، وإذا تحدثنا عن الكورة فالغرب أفضل منا، وإذا تحدثنا عن الاستقرار عن التعليم عن الصحة عن الجيش عن التكاسي عن المطاعم عن كل شيء يهم الإنسان. هل سيكون التغريب شيئاً آخر غير هذا. ومع ذلك لا يسعني إلا أن أقول احذروا التغريب.