لم يكن المشهد الرائع الذي سطر به المواطن تلاحمه مع قرار مليكه، بمبايعة الأمير مقرن بن عبد العزيز، ليكون ولياً لولي العهد، إلا استمراراً لأسطورة الثقة المتبادلة والوعي الوطني، بأن الهدف النهائي هو رسم خيوط الاستقرار لهذا البلد، ووضع الثقة فيمن هو أهل لها عن جدارةٍ واستحقاق. فالأمير مقرن، رجل مسئولية وقدرة في جميع المواقع الوظيفية التي تولاها طوال مشواره العملي هذا أولا.. ثانياً ربما كانت صورته الأولى، قبل ربع قرن تقريباً، تضع بصمات استثنائية لشخصية واعدة، عندما كان طيارا في القاعدة الجوية بالظهران، وحتى تقاعده، قبل أن ينتقل من الخبر، إلى الرياض، مفتتحاً سلسلة مهام وطنية غير عادية، من إمارة حائل التي تولاها، إلى المدينة المنورة، التي أصبح أميرها، ثم رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة، فمستشاراً ومبعوثاً خاصاً لخادم الحرمين الشريفين، حتى النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، فالثقة الملكية الكريمة وإقرار هيئة البيعة لشخصه ليكون صمام أمان المرحلة، وتعيينه ولياً لولي العهد. عبر هذه المحطات، كان مقرن بن عبد العزيز، هو ذات الشخص، المتواضع للغاية، والصبور جداً، والمستمع بحفاوة، والمنتقد باحترام، ليجذب بصفاته تلك حب وتقدير كل من اقتربوا منه، سواء بشكل مباشر، أو بالصدفة. الطيارُ المبتسم دائماً، حتى في أصعب الأوقات، والشغوف للغاية بالعلم وعلوم الفلك والطيران، أضاف لمهارة القيادة، شجاعة وحسماً، جعلاه في سنوات قليلة، يمشي بخطواتٍ واثقة، باتجاه المهام الجسيمة، ليتحمل الأعباء الوطنية، عبر كل المسؤوليات والتكليفات.. ليثبت في كل مرحلة أنه أهل للثقة وجدير بها من ولاة الأمر في بلادنا.. وما التوافد الحميم، لجموع المواطنين الأوفياء، لمبايعة الأمير مقرن، إلا دلالة على التقدير والاطمئنان الكبير لقرار المليك القائد وسمو ولي العهد الأمير سلمان، بالاختيار الأصلح، ثم الثقة الكبيرة والأمل الذي يعلقه كل مواطن على سموه الكريم، انطلاقاً من مسيراته المتعددة، وإسهاماته في خدمة وطنه وأمته. وربما كانت أولى كلماته عقب تعيينه، أصدق تعبير عن شخصية رجل، اختارته الأمانة، ليحملها، وسعت إليه، ليكون أهلا لها، وما قوله بأنه يضع هذه الأمانة نصب عينيه، إلا وعد «بالعمل الدؤوب والقضاء على كل المعوقات التي تعترض الإنجاز في كافة المناحي التي تهم الوطن والمواطن».. وهذا ما يجعلنا جميعاً نقف معه ونؤازره وندعو له. مرة أخرى أقول.. أن الأمير مقرن رجل استثنائي استطاع أن يستفيد من مدرسته الأولى «عبدالعزيز».. ومن بعده قادة هذا الوطن من.. إخوانه. مقرن.. ابتسامته دائماً تسبق كلماته.. وهو أسلوب عرفه به الجميع.. فسكن قلوبهم وأحبوه.