×
محافظة الرياض

برس الرائد في مأزق الإصابات قبل الشعلة

صورة الخبر

لدينا إيمان تام كمجتمع سعودي بأن الشارع يمثل الخطر الأوحد على أطفالنا، فمن خلاله يمكن أن يتعرّف الطفل على كل ما هو "سيئ"، ويتطبّع بطباع سيئة، وربما يخطو خطواته الأولى في عالم المخدرات من خلاله، وفي المقابل لدينا إيمان تام بأن "المدرسة" هي الحصن المنيع أمام كل السلوكيات الخاطئة التي تهدد أبناءنا، فكيف لا تكون كذلك ومَن يديرها ويتعامل مع أطفالنا هو "تربوي" يمارس التربية أولاً قبل التعليم. أجزم أن ذلك الإيمان بقدسية المدرسة ومنسوبيها تبدّد تماماً ولم يعد له وجود في داخل كل مَن قرأ الدراسة الخطيرة التي كشفت عنها أخيراً المديرية العامة لمكافحة المخدرات، وأشارت إلى أن الأغلبية العظمى من المتعالجين من إدمان "الحشيش" تعرّفوا عليه للمرة الأولى من خلال المدرسة. وتكمن خطورة الدراسة في أنها كشفت عن أن المدرسة التي يعتقد "رب الأسرة" أنها منبر للعلم والتربية والحصن المنيع للطفل من السلوكيات السيئة، ما هي إلا مكان للتعرُّف على "المخدرات". النسبة كبيرة وخطيرة، فالدراسة تشير إلى أن 70 في المائة من "المدمنين" عرفوا الحشيش من خلال المدرسة، وأن 26 في المائة من هؤلاء المدمنين جرّبوا تدخينه لأول مرة عندما كانوا في المرحلة الثانوية، وزادت الدراسة من خطورتها عندما أشارت إلى أن 10 في المائة من المدمنين تعرّفوا عليه في سن مبكرة وتحديداً في المرحلة الابتدائية. عبد الإله الشريف مساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية، في تعليقه على الدراسة، تحدّث بحديث مهم من واقع تجربته، فقد وصف السن ما بين 12 و20 عاما بالأخطر، فأغلبية مَن تعاطى المخدرات تعاطاها في تلك المرحلة، محملاً التربية القاسية وأصدقاء السوء والمحاولات الخاطئة للتفريغ النفسي، المسؤولية الأكبر في إدمان المخدرات. تلك الدراسة تجعلنا نعيد مراجعة أفكارنا في طريقة تربية أطفالنا، وإعادة ترتيب المواضع التي يمكن أن يتعرضوا للخطر من خلالها، وتتطلب منا أيضاً ضرورة الإيمان التام بأنهم ــ أي أبنائنا ــ أمانة في أعناقنا وحدنا، ونحن مسؤولون عنهم مسؤولية مباشرة دون وسيط أو بديل، ولا يمكن رميهم في المدرسة دون رقيب والاتكال على منسوبي التعليم في تربيتهم ومراقبتهم، وكأنهم آباء بنظام "الإعارة"، فبعض المعلمين ــ مع الأسف ــ يحتاج إلى إعادة تربية، وبعضهم يتعامل مع التعليم كوظيفة لا هَمّ له من امتهانها إلا ما يقبضه نهاية الشهر.