ذلك النوع من إدمان العمل الذي يطلقون عليه في "الولايات المتحدة الأمريكية" اسم "الإدمان الجدير بالاحترام" يفقد صاحبه فرحة الاستمتاع بالأحداث المهمة التي تجري في حياة أطفاله، لأنه لا يحضر أي نشاط يشتركون فيه .. وليس بالضرورة أن يكون السبب في ذلك هو حتمية وجوده في العمل، لكن قد يكون السبب أنه يحتاج بشدة إلى أن يكون موجودا في العمل. وهذا النوع من الآباء المدمنين للعمل يتجنبون الإجازات حتى لا يفقدوا أي ساعة يمكن أن يقضوها في العمل. ومدمن العمل هو مدمن "أدرينالين"، فكلما ازداد الضغط العصبي الناجم عن ضغط العمل، زاد إفراز هرمون "الأدرينالين"، ولذلك يبحث المدمن دائماً عن الوظائف المرهقة التي تستنفد طاقته. إن إدمان العمل هو بالفعل مرض نفسي يستحوذ على الإنسان، ويتسبب في اضطراب سلوكه بصورة قد لا يلاحظها لاعتقاده أنه يتصرف بصورة طبيعية. وإدمانه العمل يبدأ منذ مرحلة الطفولة، وقد ينجم عنه ضعف الثقة بالنفس الذي ينتقل مع الإنسان إلى مرحلة البلوغ. والكثير من مدمني العمل هم في الواقع أطفال لعائلات مضطربة ومفككة، ويأتي إدمانهم للعمل كمحاولة للسيطرة على موقف لا يمكن السيطرة عليه. أيضاً يأتي إدمان العمل كنتيجة لسلوك بعض العائلات التي تسعى إلى الكمال لأطفالها، ودائماً تتوقع من أطفالها نجاحاً غير معقول وغير مناسب لقدراتهم، ويكبر هؤلاء الأطفال وفي رؤوسهم فكرة واحدة، وهي أنه ليس هناك شيء جيد بما يكفي يرضيهم، ولذلك يبذلون كل جهدهم للوصول إلى إرضاء والديهم الذين لن يرضوا بالقطع بأي شيء، لأنهم يبحثون عن المثال في كل شيء يتعلق بأطفالهم. إدمان العمل ذلك الإدمان الجدير بالاحترام في "الولايات المتحدة الأمريكية" أطلق عليه اليابانيون اسم "الموت بضغط العمل"، وذلك بعد أن تسبب في وفاة نحو ألف حالة كل يوم، وبعد أن ثبت أنه السبب الرئيس في إصابة نحو 5 في المائة من الموظفين تحت سن الـ 60 بالأزمة القلبية. كما تسبب إدمان العمل في "هولندا" في ظهور ظاهرة تعرف باسم "مرض وقت الفراغ" الذي أصاب نحو 3 في المائة من عدد السكان، وذلك بسبب إصابة الهولنديين بمرض الإجازات لأنهم حتى بتوقفهم عن العمل طلباً للاسترخاء لا يمكنهم الحصول عليه وتكون النتيجة إصابتهم بالمرض.