أكد وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي أن التنسيق والتعاون بين المملكة واليمن مستمر لقطع الطريق أمام الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة واليمن، فيما لم يستبعد الوزير اليمني التمديد للرئيس عبد ربه منصور هادي لمرحلة انتقالية ثانية. وقال وزير الخارجية اليمني في حوار مع «عكاظ» إن العلاقات بين البلدين الشقيقين المملكة واليمن تسير من حسن إلى أحسن، خصوصا في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حيث قامت المملكة بدور محوري في التوفيق بين أطراف العمل السياسي للتوصل للتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مشيدا بدور المملكة ووفائها بالتزاماتها للمانحين. وأضاف: «هناك دول أوفت بكامل تعهداتها وعلى رأسها المملكة»، مرجعا التأخير في استيفاء اليمن لمخصصات المانحين إلى سببين رئيسيين: تأخر اليمن، وعدم إيفاء بعض الدول نظرا للبيروقراطية. وأشار إلى أن للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين دورا محوريا وحيويا لأمن الأمتين العربية والإسلامية وما تنتهجه من سياسة يأتي في إطار الحفاظ على مصالح الأمة واستقرارها ونمائها الاقتصادي.. وفيما يلي نص الحوار: • كيف تقيمون واقع التعاون والتنسيق بين المملكة واليمن في ظل حرص خادم الحرمين المستمر على ضرورة دعم اليمن وبما يسهم في التغلب على التحديات التي تعترض التسوية السياسية؟ العلاقات بين البلدين الشقيقين اليمن والمملكة تسير من حسن إلى أحسن، خصوصا في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فقد قامت المملكة بدور محوري في التوفيق بين أطراف العمل السياسي للتوصل للتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة، وما التوقيع عليها في الرياض برعاية الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلا إقرار بهذا الدور، ولتكون المملكة أحد الرعاة الأساسيين لسير تنفيذ المبادرة، ولا يقتصر دور المملكة على هذا الجانب بل للعلاقات الأخوية أوجه متعددة ومنها الدعم السخي الذي قدمته وتقدمه المملكة لتجاوز ما يواجهه اليمن من أزمات اقتصادية. • إذن.. كيف تقرؤون دور المملكة في الحفاظ على الأمن والسلم للأمة العربية والقضاء على كل المخططات الرامية لتمزيق كيان المجتمع الإسلامي الواحد؟ لا شك أن للمملكة دورا محوريا وحيويا لأمن الأمتين العربية والإسلامية وما تنتهجه من سياسة يأتي في إطار الحفاظ على مصالح الأمة واستقرارها ونمائها الاقتصادي. • ما هو موقف الحكومة اليمنية حيال استمرار عمليات استهداف دبلوماسيين وعاملين في سفارة المملكة بصنعاء وآخرها محاولة اغتيال الملحق الثقافي؟ تقف اليمن بكل حسم ومسؤولية أمام هذه الاعتداءات الإرهابية والتي تهدف في المقام الأول إلى استهداف التعاون القائم بين البلدين الشقيقين وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما تدركه كل من المملكة واليمن وتعملان معا عبر مواصلة التنسيق والتعاون بينهما، وبما يقطع الطريق أمام هذه المحاولات. • ما هي الأهمية التي تكتسبها اجتماعات المانحين وأصدقاء اليمن المقرر انعقادها في نيويورك أواخر الشهر الجاري وانعكاساتها على الواقع اليمني وبرنامج الحكومة ومخرجات الحوار الوطني؟ لا شك أن الاجتماع الوزاري السادس لمجموعة أصدقاء اليمن المقرر عقده في نيويورك على هامش أعمال الدورة الـ68 للجمعية العامة للأمم المتحدة يكتسب أهمية كبيرة، حيث يتزامن مع دخول العملية الانتقالية مرحلة مهمة ومفصلية، كما يمثل فرصة للوقوف على التقدم المحرز في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، ومناقشة العقبات التي تعترض مسار التسوية السياسية، فضلا عن مناقشة الخطوات المطلوبة من اليمن منذ الوقت الراهن وحتى انعقاد المؤتمر الوزاري السابع للمجموعة في شهر مارس المقبل، وكذا جوانب الدعم المطلوب لليمن من قبل أصدقاء اليمن والمجتمع الدولي. • ما أبرز الأجندات التي سيحملها اليمن إلى نيويورك؟ وهل تشمل مكافحة الإرهاب؟ سيناقش المؤتمر ثلاثة محاور أساسية: المحور السياسي، والمحور الاقتصادي، والمحور الأمني، للوقوف على آخر التطورات في العملية السياسية، ومؤتمر الحوار الوطني الشامل، كما سيتم مناقشة الوضع الاقتصادي في اليمن والإصلاحات الاقتصادية، بالإضافة إلى تقييم مستوى التعهدات في مؤتمر المانحين في الرياض، ومؤتمر أصدقاء اليمن في نيويورك، اللذين انعقدا في سبتمبر 2012، والتأكيد على أهمية الإسراع في تخصيص وتنفيذ ما تبقى من تعهدات، بالإضافة إلى مناقشة ما قامت به الحكومة اليمنية من جهود في سبيل تنفيذ واستيعاب هذه التعهدات، وسيناقش المؤتمر التطورات الأخيرة في مجال الأمن والجيش وسير عملية إعادة الهيكلة فيهما، بالإضافة إلى تهديدات المجموعات الإرهابية وجهود مكافحتها وكذا الدعم الدولي المطلوب لمساندة هذه الجهود. • ما هي الأسباب الرئيسية وراء البطء في استيفاء اليمن لمخصصات المانحين؟ وهل لها ارتباطات بالدول المانحة؟ صحيح أنه حصل بعض التأخير في تشكيل الجهاز التنفيذي لاستيعاب التعهدات، ولكن الحكومة اليمنية ذهبت إلى مؤتمر المانحين في الرياض بمشاريع جاهزة لتقديمها للمانحين، وهناك للأسف تأخير من بعض المانحين بسبب الإجراءات البيروقراطية في تخصيص وتنفيذ تعهداتهم، ولكن هناك دول أوفت بكامل تعهداتها وعلى رأسها المملكة التي كانت السباقة في تخصيص وتنفيذ تعهداتها، وهذا ليس بغريب على المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين. • ماذا عن نتائج اللجنة الحكومية المكلفة بتنفيذ النقاط الـ (20 + 11) وخاصة بعد اعتذار الحكومة للأطراف المتضررة من أحداث الحقبة الماضية؟ بالنسبة لنتائج أعمال اللجنة الحكومية المكلفة بتنفيذ النقاط العشرين والإحدى عشرة، لعلكم سمعتم أن مجلس الوزراء في اجتماعه في أغسطس الماضي وافق على مصفوفة الإجراءات التنفيذية للنقاط العشرين المقترحة من اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، والنقاط الإحدى عشرة التي أقرها فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني والخاصة بإجراءات وتدابير لبناء الثقة. وقد تضمنت المصفوفة الإجراءات التنفيذية المزمنة لجميع النقاط التي لم تنفذ، حيث سبق وأن نفذت العديد من القضايا التي تضمنتها بعض تلك النقاط منذ فترة، وقرار المجلس شمل تلك المجالات التي لا تزال بحاجة إلى تنفيذ بناء على ما رفعته اللجنة الوزارية وبعد النقاشات المستفيضة التي عقدها المجلس. هذا وقد شمل قرار مجلس الوزراء الاعتذار عن جميع الحروب السابقة سواء حرب 1994 أو الحروب الست في محافظة صعدة. غير أن تنفيذ عدد من تلك النقاط يفوق ما يتطلبه من التزامات مالية إمكانات اليمن ولذلك سيتطلب التنفيذ تعاون المجتمع الدولي وخصوصا ما يتعلق بإعادة الإعمار والتعويضات، ونحن بصدد إنشاء صندوق لجبر الضرر وآخر للتعويضات لتولي مثل هذه المهام. الحوار الندي • ماذا عن المزاعم التي تتحدث عن تشكيل لجنة مناصفة بين الشمال والجنوب لإجراء حوار ندي؟ بالنسبة لتشكيل لجنة مناصفة بين الشمال والجنوب لإجراء حوار ندي فهذا أمر مستغرب، خاصة وأن المؤتمر تم تشكيله بما يعطي الجنوب وضعا أفضل، حيث أعطى للجنوب ما يزيد على الـ 50% التي تتحدثون عنها، وقد التزمت كل المكونات السياسية المشاركة في المؤتمر أن تكون نسبة أعضائها في المؤتمر بواقع يزيد على 50% من الجنوب. وبالفعل نسبة المشاركين من الجنوب تزيد على نظرائهم من المحافظات الشمالية، على الرغم من التباين الكبير في عدد السكان لصالح الشمال، ولكن انطلاقا من روح المسؤولية وتفهم الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا قبلت بها جميع المكونات السياسية في مؤتمر الحوار بأن يعطى الجنوب تمثيلا أكبر من 50%. • في ظل التأخير في عقد الجلسة العامة والإشكاليات التي تعترض القضية الجنوبية، ألا يمكن أن يتم تمديد فترة الحوار لشهر آخر؟ يجري العمل حاليا على استكمال أعمال مؤتمر الحوار الوطني حسب ما جاء في آلية تنفيذ المبادرة الخليجية، ونأمل أن يتم ذلك في الموعد المحدد رغم ما يعتري ذلك من بعض العقبات والصعوبات التي يدور الحوار لحلحتها بمساندة الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي. • إذن ما أبرز الضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار وتوقعاتكم لمستقبل الحوار؟ عندما قبلت الغالبية العظمى من القوى السياسية في الساحة اليمنية بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والذهاب إلى مؤتمر الحوار الوطني لحل الخلافات والخروج برؤى موحدة يجري صياغتها في دستور يرسم معالم الدولة المدنية الحديثة ونظامها السياسي، ما كان ذلك إلا إيمانا من الجميع بأنه من خلال الحوار، والحوار وحده هو المخرج الوحيد لتجاوز الأزمات والصراعات التي عانت وتعاني منها اليمن وعكس ذلك قناعات الوعي الجمعي للمجتمع اليمني التي تلاقت مع توجه الأشقاء وفي طليعتهم دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة ومساندة من الدول الصديقة وفي طليعتها الدول الراعية لتنفيذ المبادرة، وبالتالي فإن الحامل الرئيسي لتنفيذ مخرجات الحوار هو الإرادة الوطنية ومساندة الأشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي. فترة انتقالية ثانية • لماذا يرفض بعض الأطراف التمديد للرئيس عبد ربه منصور هادي في ظل استمرار تهديدات القاعدة؟ سبق القول إننا نأمل ونعمل على الانتهاء من المرحلة الانتقالية حسب ما تضمنته الآلية المزمنة للمبادرة، وبالتالي فإن الحديث عن التمديد لفخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي يأتي في إطار التكهنات الصحفية وحديث سابق لأوانه وإن كان هذا لا يمنع إعادة ترشحه لفترة ثانية في إطار ما سيسفر عنه مؤتمر الحوار من دستور ونظام سياسي، فلقد أثبت فخامته أنه رجل المرحلة وقاد البلاد في أصعب الظروف. إضعاف القاعدة • ما أبرز النجاحات التي حققها اليمن في حربه على الإرهاب؟ كما تعلمون أصبح الإرهاب ظاهرة دولية لم تعد آثارها محصورة على بلد معين، الأمر الذي يستلزم معه تعاون إقليمي ودولي حتى نتمكن من مواجهته بالطرق والآليات السليمة وبما يؤدي إلى تجفيف بؤره ومنابعه. ولذلك فنحن في اليمن سعينا ومنذ البداية إلى العمل على مواجهة الإرهاب بمقاربة شاملة لا تقتصر على الجانب الأمني والعسكري، على أهميتها بكل تأكيد، ولكن للوصول إلى نتائج مستدامة فإنه لا بد من التركيز على كافة الجوانب لا سيما الاقتصادي والتنموي والتوعوي منها كون الإرهاب يجد بيئته في ظروف الفقر وتنامي البطالة وتردي مستوى المعيشة للأفراد والجهل بالدين، وهذا يفرض علينا تحمل المسؤولية والإعداد الجيد لمواجهة آثار الإرهاب المدمرة على كافة المستويات. ولذلك فإننا ندعو شركاءنا بأن يتم إعطاء الجانب الاقتصادي والتنموي الأهمية الكافية وبما يعمل على تحسين الحياة المعيشية للناس ويخلق فرص عمل للشباب ويواجه عملية استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة، ومن هنا جاء اهتمام القيادة والحكومة اليمنية بالتنمية المستدامة والإصلاح السياسي والتوعية الشعبية كجزء من الحملة لمكافحة الإرهاب، ولعل من أهم ما جاء في هذا الخصوص هو العمل على الانتهاء من المصفوفة الوطنية الشاملة لمكافحة الإرهاب التي تهدف في مجملها إلى القضاء على الإرهاب والتطرف عبر نوعين من الإجراءات: الأولى ذات طبيعة أمنية عسكرية، والثانية تتعلق بالإجراءات الحكومية والمجتمعية وتنصب على الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفكرية والتوعوية، ولذلك فإن بلادنا تعتبر حليفا استراتيجيا في الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب وهو ما يدفعها إلى تعزيز جهودها على الصعيد الإقليمي والدولي وحرصها على وضع الأشقاء والأصدقاء في صورة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها في مجال مكافحة الإرهاب، والتأكيد على مواصلة التعاون والتنسيق الثنائي والدولي وبما يحقق النتائج المرجوة الرامية لاستئصال فكر التطرف والعنف والإرهاب، الأمر الذي ظهر مؤخرا في النجاحات التي تحققت على أيدي الأجهزة الأمنية والتي وجهت ضربات ناجحة ضد عناصر القاعدة (رغم محدودية الإمكانات مقارنة بالدول الأخرى) مما أسهم في الحد من أنشطتهم الإرهابية وأضعف من قدرتهم على استهداف المصالح المحلية والأجنبية. مبادرة لليمن • ما موقف الحكومة اليمنية مما يدور في سوريا ومصر؟ أولا إننا في الجمهورية اليمنية ندين أساليب العنف والإرهاب أيا كان مصدرها، ونعتبر أمن واستقرار أي بلد عربي جزءا لا يتجزأ من أمننا القومي، ثانيا سبق وأن قلنا إننا في الجمهورية اليمنية انتهجنا مبدأ الحوار لحل خلافاتنا ومشكلاتنا ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن الحل الناجع لما يدور في البلدين الشقيقين لن يتأتى إلا عبر الجلوس على طاولة الحوار، ثالثا الأمل في أن الجامعة العربية تكون لها القدرة على معالجة الأزمات والخلافات العربية، وأنه لو كانت هناك منظومة عمل عربي فاعلة لاستطعنا تجنب الكثير من الأوضاع المأساوية التي تعاني منها أوطاننا العربية، رابعا نرى أنه من الأهمية بمكان إنشاء مرجعية عربية للوساطة وحل الخلافات.