×
محافظة المنطقة الشرقية

الوجهات السياحية في المنطقة تسعى لاستقطاب الصينيين

صورة الخبر

الفن سلاح الشباب لمواجهة العنف في مناطق الصراع يقول الرسام الهولندي الشهير رامبرانت فان راين لن يكون المجتمع عادلا إلا إذا كان طافحا بالجمال، ويؤكد الشباب العربي الذي يعيش في بلدان يسيطر عليها العنف والإرهاب -مثل سوريا والعراق- تلك المقولة، بعد أن أصبح الإبداع بالنسبة إلى المتضررين من الحرب الملجأ الكبير والأهم؛ فهو الذي يمكنهم من تخطي معاناتهم والإحساس بجمال الحياة من زاوية فنية بامتياز. العرب [نُشرفي2017/02/22، العدد: 10551، ص(20)] الأنشطة الثقافية علاج نفسي يعيد البراءة لوجوه الأطفال بغداد/بيروت - يمثل الصراع والعنف وحالة الهيجان جزءا من الحياة اليومية للكثير من الأطفال في العراق، فقد اجتاح تنظيم داعش البلاد في 2014 فارضا نظام حكم متشدد على الملايين من السكان. لكن بعد نحو عامين استعادت القوات العراقية معظم الأراضي التي كانت تخضع لسيطرة المتشددين. ولتخطي العنف والاضطرابات التي يعيشها العراقيون نُظم في الآونة الأخيرة مهرجان للرسم أو دورة فنية للأطفال أملا في مساعدتهم على التعامل بشكل أفضل مع آثار الصراع. الدورة نظمتها كلية الفنون الجميلة في البصرة ومؤسسة الغدير للفنون على مدى ثلاثة أيام وذلك لتطوير مهارات الأطفال الفنية وتوفير متنفس لهم للتعبير عن مشاعرهم من خلاله. وقالت أُستاذة في كلية الفنون الجميلة بالبصرة تدعى حنان عبدالجبار الزبيدي إن الدورة التعليمية أو الورشة الفنية حيوية للمساعدة على معالجة أمور يواجهها أطفال عراقيون إضافة إلى تعزيز آمالهم وطموحاتهم. وأضافت “الأطفال هم إحدى الشرائح المهمة في المجتمع، حيث تحتاج إلى العناية والاهتمام من قبل المنظمات الاجتماعية والدولية والمؤسسات الحكومية ومن ضمنها ما قامت به مؤسسة الغدير باحتضان الطفولة في الدورة الثالثة لمرسم الغدير الذي تقوم فيه باحتضان الأطفال ومعرفة تطلعاتهم إلى المستقبل واحتياجاتهم والمشكلات التي يعانون منها، للتوصل إلى حل يمَكّننا من معالجتها”. يونيسيف: عدد الأطفال العراقيين الذين يعملون ولا يذهبون للمدارس يقدر بأكثر من نصف مليون طفل، حيث تم إغلاق مدرسة من كل خمس مدارس في العراق بسبب الصراع وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن عدد الأطفال العراقيين الذين يعملون ولا يذهبون إلى المدارس يُقدر بأكثر من نصف مليون طفل مع تضاؤل دخل الملايين من الأُسر بسبب استمرار العنف والنزوح. وأضافت يونيسيف في تقرير 2016 أن مدرسة واحدة تقريبا من كل خمس مدارس في العراق أغلقت أبوابها بسبب الصراع وأن نحو 3.5 مليون طفل في سن الدراسة انقطعوا عن التعليم. وأردفت حنان الزبيدي قائلة إن رسومات الأطفال تركز على مشاهد الحياة اليومية، إضافة إلى الحروب والمعارك. وقالت “المهرجان أو المعرض يشمل لوحات مختلفة تعبر عن تطلعات الأطفال؛ أولا الرغبة في الحياة الحرة الكريمة من خلال رسومات الأمن والاستقرار. الحياة العادية للإنسان والبيت والأسرة والمنابر الجميلة. وتعبر رسومات أخرى عن الفرحة والبهجة بالانتصارات التي حققتها السلطات في مواجهة التنظيمات الإرهابية. وهناك رسومات أخرى تجسد حالة التضحيات التي قدمها شهداؤنا الأبرار”. وقال حسين نزال مدير مرسم الغدير إن الهدف الرئيسي من هذه الدورة هو مساعدة الأطفال على التعامل مع المشاعر السلبية والأحاسيس المرتبطة بالصراعات في العراق. وأضاف “من أهم الأهداف إيجاد طريقة لإخراج هذه الفئة العمرية -الأطفال- من دائرة الحرب والقتل والتهميش والحرمان إلى دائرة الجمال والإنتاج الفني، ومساعدة هؤلاء الأطفال على رؤية الجمال عن طريق الفن. وسيكون ذلك حافزا لهم للتخلص من هذه الجوانب السلبية التي تستشري في مجتمعنا”. وقالت طفلة مشاركة في مهرجان الرسم تدعى شمس صفاء “هذا المهرجان جميل جدا. اليوم رسمت قطة وصارت حلوة”. وسيُنظم مهرجان الرسم هذا مرتين كل عام في البصرة ويدير خلاله أساتذة في كلية الفنون الجميلة دورات فنية. لننسى وجع الحرب ويتيح المرسم للأطفال الذين يعرضون أعمالا فنية واعدة فرصة لمواصلة دراستهم في الاستوديوهات الفنية التابعة لمؤسسة الغدير وليوظفوا تجاربهم المبكرة في تطوير أنفسهم إلى فنانين بارزين مستقبلا. وليس بعيدا عن العراق يعاني السوريون أيضا من سطوة الحرب والعنف الدائرين في بلادهم، ولتخطي تلك المعاناة شارك ستة فنانين سوريين شبان يعيشون حاليا في سهل البقاع بلبنان في معرض الأحد الماضي بأعمالهم التي شملت أفلاما ولوحات وصورا فوتوغرافية. وجاء معرض بيروت الذي حمل عنوان “المشهد من البقاع” في أعقاب برنامج تدريبي استمر تسعة أشهر في البقاع بهدف تطوير وتعزيز مهارات الفنانين. وفي فترة التدريب كان لكل فنان مُدرب خاص ساعده على تطوير عمله وإعداده للمعرض. ونظم المشروع برنامج “سيناريو” الذي ساعد اللاجئين بالفن والثقافة، بالتعاون مع مجموعة الدكتافون اللبنانية بالتوجيه الإبداعي ومنظمة “النساء الآن من أجل التنمية” الخيرية السورية. وقالت الفنانة تانية الخوري من مجموعة الدكتافون إن هذا المشروع كان حيويا في إبراز محنة اللاجئين الذين يعيشون خارج العاصمة اللبنانية بيروت وعادة ما يكونون عُرضة للإهمال. وأضافت “حاولنا مساعدتهم لمدة تسعة أشهر ثم انتقل كل شخص للعمل على مشروع وواصلنا دعمهم. وحاليا نحن نعرض جزءا من هذا المشروع الذي سيصبح متوفرا في المستقبل على موقع إلكتروني. نريد منهم أن يجربوا إذا كان باستطاعتهم العمل في مجال الفن حتى يصبحوا فنانين”. وأوضحت أن “هذه التجربة مهمة جدا بالنسبة إلى هؤلاء الشبان لأنهم يتدربون على أيادي فنانين محترفين”. وأكد أوسكار وود المخرج المشارك لبرنامج سيناريو والذي يعمل مع لاجئين في لبنان أهمية النظر للاجئين على أنهم فنانون. وأضاف وود “بالطبع هذه عملية في غاية الأهمية. لكن من اللطيف جدا القيام بها من خلال وسيط أو من خلال عدسة الفن لأنها تركز بشكل مختلف على تجربتهم وتضعهم في قائمة الفنانين أولا قبل كونهم لاجئين”. وعملت فنانة سورية شاركت في البرنامج تدعى محبة غرز الدين مع أطفال من اللاجئين السوريين لمساعدتهم على التعبير عن آلامهم وصدماتهم من خلال الفن وجمع كل أعمالهم في مشروع فني واحد. لحن الحياة وقالت محبة (23 عاما) -وهي لاجئة من مدينة داريا السورية- “اللاجئون في لبنان عبارة عن أرقام عوضا عن أجساد أو ملامح. أردت أن أسلط الضوء على هذه النقطة. يعتبر اللاجئون وخاصةً الأطفال منهم أكثر فئة مستهدفة وتعرضت للعنف. أردت أن أجسد تلك الحقيقة بألوان، وأنقل أحاسيسهم ومشاعرهم عن تلك الحوادث أو عن أحلامهم بواسطة اللوحات”. وكانت أصغر فنانة مشاركة في المعرض هي شهد ختو (16 عاما) التي أخرجت فيلما قصيرا يتناول قصة أُسرة سورية لاجئة تعيش في لبنان أمضت فترة طويلة لكي يلتئم شملها في ألمانيا. أما الفنان الشاب محمد شربجي (17 عاما) فقد أعد فيلما وثائقيا كاملا عبر هاتفه الجوال يتناول كفاح وطموحات صبي سوري. وقال شربجي -وهو من ريف دمشق- “هذا الإنجاز الذي قمت به اعتبره بداية لحياتي ولمستقبلي. أريد أن يرى العالم مشاكل اللاجئين في لبنان وكيف واجهنا الحياة الصعبة”. وأتاح المشروع للفنانين الشبان زيارة أماكن ثقافية مفيدة لهم في أنحاء بيروت شملت مسارح ومتاحف، وذلك بهدف صقل مهارات الفنانين وإتاحة منصة أشمل لأعمالهم. ويهيمن موضوعا العنف والحرب في السنوات الأخيرة على أعمال الفنانين العرب عموما والعراقيين والسوريين على وجه الخصوص، حيث تحمل الحرب معها الكثير من الوجع والألم، لكنها أيضا تترك أرثا فنيا يؤرخ لفترة زمنية فاصلة في تاريخ الشعوب. وتوضح المبادرات الفنية والفعاليات الثقافية التي يطلقها الفنانون يوميا على صفحات التواصل الاجتماعي لمساعدة ضحايا الحرب من أطفال ولاجئين، أن التعاون المشترك والابتكار ينجح في بعث الأمل في نفوس المتضررين من العنف.