الشعر بالنسبة لشتيوي الغيثي استراحة محارب. الكاتب السعودي المشغول بخطاب النقد الاجتماعي، يعود إلى الحياة الشعرية بمجموعة قصائد ديوانه الجديد عمرٌ يزمله القصيد والذي صدر حديثاً عن دار مدارك وضم أكثر من عشرين نصاً شعرياً كُتب بين عام 2011 و 2016، اختار الشاعر نشرها في مجموعة شعرية ثانية بعد مجموعته الأولى لا ظل يتبعني. وتتسم تجربة شتيوي الجديدة بتنوع شديد على مستوى الشكل والموضوعات من قلق العمر والتأمل في الإنسان إلى قصائد العشق وموضوعات أخرى ظهرت وفق التركيب والشكل الكلاسيكي للقصيدة الموزونة، إلا أنها أيضاً تضمنت وعياً حديثاً يتوافق مع فكر الشاعر النقدي، كما في قصيدة الطائي، حيث نقرأ: قال من أنت؟/ قلتُ من سلالة المتعبين بأوهامهم/ والذين تكسرت الأغنيات على وجع بهم/ في شتاء نسيتُ اختلاط دموعي فيه - صغيراً - برائحة للحطب. متمماً صيغته النقدية الرجال الذين يفرون من عجزهم بافتعال الغضب. الكتاب ضم أيضاً قصائد عمودية، كما في القصيدة التي عنون بها شتيوي ديوانه عمرٌ يزمله القصيد فجاءت لمواساة العمر ولطرح سؤال الحكمة بعد بلوغ الأربعين، والتي يقول عنها د. محمد صالح الشنطي في التوطئة النقدية للديوان: هذه الثنائية التي تنتظم ظفائر الدلالة في قصائد الديوان لا تقف عند تخوم هذه المعاني القريبة من إنسانيته وإحساسه بعذابات الآخرين حيث يطالعنا بها الشاعر منذ الفاتحة الأولى للديوان؛ إذ ينشر أطيافاً من سيرته الشعرية، يؤرخ لبدء كينونته بباكورة إبداعه للقصيد كان طيناً فمسه الشعر، فالشاعر يؤرخ لميلاده بانبثاق الشعر على لسانه وتدفقه من روحه. ويضيف د. الشنطي: كل شيء هو غيض من فيض. تجربته التي تشكلت في أتونها كينونته: الوطن أيها الوطن المشتهى والشتات وكلما اقترب من طفولته ازداد قرباً من الشعر حيث البراءة والوداعة والنقاء فهو دائم الخوف على روحه الشاعرة تحت وطـأة الحياة، إذ يكتب: حينما يكبر، تنكسر الأغنيات. ويرى د. الشنطي أن الشاعر مشدود لمسافة التوتر بين الذات التي تحس بوطأة الزمن الغلاب ومحيطها الذي يفترسه البؤس واليأس فتنشط الذات وتتشظى بين الحقائق النفسية التي تنبعث من غسق الروح وبين معطيات الواقع التي تتلظى على جمر المعاناة. وعن المكان يكتب الناقد السعودي: يتماهى الشاعر مع المكان ولكنه يتمرد على الزمن، ماضيه وحاضره وكأنه يخوض صراع الشعر الأزلي مع البؤس الإنساني. شتيوي الغيثي