أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، خلال ترؤسه أعمال الدورة الرابعة لمنتدى التعاون العربي الروسي، الذي نظمته وزارة الخارجية والتعاون الدولي، أمس، في أبوظبي، أن جمهورية روسيا الاتحادية تعد شريكاً سياسياً واقتصادياً فاعلاً لتحقيق التنمية الشاملة ودعم استقرار المنطقة، مشدداً سموه على أهمية تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك بين الجانبين العربي والروسي وتنميتها على جميع المستويات والصعد، وتحقيق الأهداف الرامية إلى بناء شراكة حقيقية تخدم مصالح الجانبين، مشيراً سموه في الوقت نفسه إلى أن تبني إيران لخطاب وسياسة طائفية ودعمها لجماعات متطرفة وإرهابية، يجعل تدخلها أكثر خطورة على أمن واستقرار عالمنا العربي، الأمر الذي يعمق أكثر حالة عدم الاستقرار التي أسهمت في ظهور العنف والتطرف والإرهاب الخطر. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في الكلمة الافتتاحية لأعمال الدورة الرابعة لمنتدى التعاون العربي الروسي، إن السنوات الماضية شهدت تفاقماً في الأزمات، وانهياراً غير مسبوق في استقرار منطقة الشرق الأوسط، وما أدى إليه ذلك من أعمال العنف والفوضى والأوضاع غير المستقرة، وغياب القدرة على إدارة الأزمات لحل الصراعات في المنطقة وكل ذلك يحتم علينا توحيد جهودنا المشتركة وجهود المجتمع الدولي، لإيجاد الحلول الأساسية لهذه الصراعات ووضع الخطوات الإجرائية الملموسة للحد من الخسائر المستمرة التي تعصف بنا. وأكد سموه «أننا في هذا السياق ندرك جيداً مدى أهمية تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المشترك بين الجانبين العربي والروسي، وتنميتها على جميع المستويات والصعد وتحقيق الأهداف الرامية إلى بناء شراكة حقيقية تخدم مصالح الجانبين، لاقتناعنا بأن روسيا الاتحادية تعد شريكاً سياسياً واقتصادياً فاعلاً لتحقيق التنمية الشاملة وبما يحقق استقرار المنطقة». عبدالله بن زايد: • «تبني إيران لخطاب وسياسة طائفية، ودعمها لجماعات متطرفة وإرهابية، يجعل تدخلها أكثر خطورة على أمن واستقرار عالمنا العربي». سيرغي لافروف: • «ندعو بشكل مستمر إلى كفاءة أفضل في التعاون الدولي ضد الإرهاب، مع الدور المركزي والتنسيقي للأمم المتحدة». كما أكد سموه «أن الخطر الأكبر الذي يواجه دولنا ومجتمعاتنا بمختلف انتماءاتها هو التطرف والإرهاب والطائفية الذي أصبح آفة عالمية تقوض بناء الدولة الوطنية وتمزق النسيج الاجتماعي والتوافق المجتمعي، وتقضي على تراث تاريخي من التسامح والتعايش تميزت به مجتمعاتنا العربية لقرون عديدة، وتهدم عرفاً وتاريخاً من احترام التنوع وممارسة التسامح كما أنها تشكل تهديداً للأمن الوطني والأمن الإقليمي والدولي، كما أننا نعتبر مثل هذه الأخطار أحد معوقات التنمية المستدامة للشعوب». وقال سموه: «لقد زاد خطورة هذه الأوضاع ما نشاهده من التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وما يؤدي إليه ذلك من تهديد خطر للأمن والسلم ما يستوجب التصدي له والحيلولة دون تمدد نفوذه في منطقتنا العربية، انطلاقاً من رفضنا المطلق لمنطق الهيمنة والاستقطاب، وتأكيداً للحفاظ على الدولة الوطنية وهويتنا العربية بالتعاون مع الدول الصديقة». وأشار سموه إلى أن «استمرار إيران في احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث: (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى)، يعتبر خير مثال ودليل على ذلك»، مضيفاً أن «تبني إيران لخطاب وسياسة طائفية ودعمها لجماعات متطرفة وإرهابية، يجعل تدخلها أكثر خطورة على أمن واستقرار عالمنا العربي الأمر الذي يعمق أكثر حالة عدم الاستقرار التي أسهمت في ظهور العنف والتطرف والإرهاب الخطر». وقال سموه إن «المشهد المضطرب الذي تشهده الساحة العربية ليس وليد اليوم، وإنما أتى نتيجة فشل المجتمع الدولي في إصلاح الوضع القائم والجائر المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وانتهاكها الصارخ لحقوق الشعب الفلسطيني، ولابد لنا في هذه الظروف الصعبة أن نحرص على حل الدولتين بما يتمتع به من إجماع دولي ويهدده التوسع الكبير للمستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية». وحول الأزمة اليمنية، أكد سموه أهمية الالتزام الكامل بدعم الشرعية الدستورية والحفاظ على وحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض التدخل الإيراني في شؤونه الداخلية، وأهمية الحل السياسي في اليمن الذي يجب أن يستند إلى أسس ومرجعيات واضحة تتمثل في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني والقرارات الدولية، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2216. ولفت سموه إلى أن الوضع المتأزم في سورية أمر خطر للغاية، فمواصلة التدخلات الإيرانية أدت إلى تقويض الجهود الدولية للحل السياسي للأزمة السورية، مؤكداً سموه الالتزام بحل سياسي في سورية، يحفظ وحدتها وسلامة أراضيها. وأشاد سموه في هذا السياق بجهود تعزيز وقف إطلاق النار في «أستانة»، داعياً إلى مفاوضات سياسية جادة مبنية على مخرجات «جنيف1»، وعلى ضرورة تسريع تقديم المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سورية، للحد من الكارثة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوري الشقيق. وعلى صعيد ليبيا، قال سموه: «إننا نرحب بما اتفقت عليه الأطراف المعنية في اتفاق الصخيرات، ولا بديل عن الحوار الليبي لتذليل العقبات التي تعترض تنفيذ جوانب الاتفاق، ونعرب عن قلقنا إزاء تدهور الوضع الاقتصادي في ليبيا، مع أهمية مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لليبيين في جميع المناطق الليبية ونشيد كذلك بإيجابية الجهود الكبيرة التي نجحت في محاصرة تمدد الإرهاب ونرى ضرورة دعمها». وأكد سموه «أن ما تشهده المنطقة العربية من تطورات متسارعة حملت معها أبعاداً وتداعيات سلبية، أثرت في أمن واستقرار دولها وحاولت النيل من وحدة وتماسك مجتمعاتها والإضرار بمنجزاتها التنموية، وسمحت لإيران بالتدخل في شؤونها الداخلية وتنفيذ أجندتها السياسية لزعزعة الاستقرار الإقليمي وتأجيج الصراعات المذهبية، التي ولّدت العنف والتطرف والإرهاب بهدف تقويض أركان الدولة الوطنية الحديثة وتدمير مؤسساتها وهياكلها، وتعريض سيادتها واستقلالها لمخاطر حقيقية». وأكد سموه أهمية تعزيز الحوار السياسي العربي الروسي، الرامي إلى تنسيق المواقف المشتركة في جميع المحافل الدولية، وفي إطار احترام مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية. وأشاد سموه بحرص روسيا على استقرار المنطقة، والتزامها بأصدقائها. من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن فترة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة تأتي نتيجة للممارسة الخاطئة المعروفة باسم «الهندسة الجيوسياسية»، التي تتضمن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة وتغيير الأنظمة، ونتيجة لذلك نحن نرى تصاعداً غير مسبوق في مستوى التهديد الإرهابي. وأضاف: «ندعو بشكل مستمر لكفاءة أفضل في التعاون الدولي ضد الإرهاب، مع الدور المركزي والتنسيقي للأمم المتحدة، بناءً على القانون الدولي، ومن دون معايير مزدوجة». وأشار إلى أنه خلال خطاب في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ سنة ونصف السنة، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنشاء واجهة عريضة لمحاربة الإرهاب لتوحد كل الدول، مؤكداً ضرورة التطبيق الفعال لكل قرارات مجلس الأمن، الخاصة بمكافحة الإرهاب «فهذه المسألة ذات أهمية قصوى». وأضاف: «أدعو أصدقاءنا العرب للانضمام للمبادرة الروسية، لتفعيل المادة رقم 41 من ميثاق الأمم المتحدة، وتبني حظر تجاري واقتصادي عام لكل المناطق التي تحت سيطرة (داعش)». بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، إن المقومات التاريخية والثقافية بين العالم العربي والاتحاد الروسي، تمثل أرضية صلبة للبناء عليها، لمواجهة الأزمات والتحديات المشتركة على جميع الصعد، مشيراً إلى أن تركيبة النظام الدولي الحالية تحتم على العالم العربي وروسيا مد جسور التعاون والتضامن والتنسيق المشترك، بحيث يجري العمل على بناء شراكة حقيقية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والعلمية والتكنولوجية، والبدء في تفعيل الأنشطة المدرجة في خطة العمل 2016 - 2018. وأكد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أهمية العمل على إنجاز مشروعات مشتركة وإقامة شراكات في مختلف المجالات وتحفيز القطاع الخاص، من خلال تطوير مجلس الأعمال العربي الروسي، وتفعيل دوره كآلية لدفع التعاون وتطوير التّواصل بين الغرف التجارية وممثّلي القطاع الخاص في الجانبين.