مرَّ بنا «العيد الكبير» كما يطيب للمسلمين حول العالم تسميته، ونتغامز نحن حول ذلك «لأنهم يذوقون اللحم فيه بعد حرمان عام كامل». لا يقف الأمر عند السخرية المبطنة التي نُظهرها حول التسمية، فكلُّ تعاطينا مع عيد الأضحى خالٍ من التقدير لشعيرة عظيمة، فنبدأ بالتذمر و»الحلطمة» حول أسعار الأضاحي، ومن ثم -فجأة ودون مقدمات- ترى أهل البيت الواحد يتفاخرون بعدد الأضاحي التي نُحِرت باسمهم هذا العام، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم نحر أضحيتين؛ واحدة عن نفسه وآل بيته والأخرى عن غير القادرين من أمته، ومن ثَمَّ تأتي السقطة الثالثة فنتفاجأ بخبر أن فلاناً من الناس أحضر عاملاً يدين بديانة «ما يعلم بها إلا الله» لينحر له دون أن يذكر اسم الله عليها، وكأن الموضوع «بنجدع همها ونخلص»، ومع أن هذه الحادثة من الشواذ، إلا أنها تُظهر انعدام الحماس الكافي لتطبيق الشعيرة على أحسن وجه، وعدم إيلائها الأهمية التي تستحقها. آخر المصائب التي تتكرر للعام الثاني على التوالي وتنتشر كما النار في الهشيم، جَعْل الأضاحي المعلقة بعد الذبح مقاعد للرضع، أو مراكمة قطع من لحم الأضاحي حولهم، أو كتابة تهنئة بقطع من أجزاء الأضحية، وهذا استهتار عظيم بقيمة الشعيرة والنعمة التي حُرم منها كثيرون، ولن أقول حول العالم، ولكن حتى بين جنباتنا تكمن فئات متعففة لا تعرف اللحوم طريقها لموائدهم إلا ذاك الفتات الذي يتفضل به بعض المحسنين. شعيرة الدم عظيمة، كونوا لها أهلاً أو تَنَحُّوا، فقبل 120 عاماً أجاز علماء الصومال إرسال صدقاتهم لسكان الجزيرة !!.