ندرك أن الدول الكبرى لا تتجسس على شعوبها، ماذا يقولون؟ ومن يكره الرئيس ومن يعمل على الإطاحة به؟ لأن هناك مؤسسات خاصة لقياس الرأي العام، الرئيس نكسون تجسس على الحزب المنافس فكانت فضيحة وترجيت، التي أطاحت به. إنما هي أن تتجسس فعلى بعضها البعض، عن الأبحاث والتطورات العلمية والدفاعية. وآخر المخترعات، رغم وجود السوق المشتركة فإن هناك أموراً قد تبدو غامضة فتحاول حل لغزها، ولقد كان اكتشاف تجسس أوباما على السيدة ميركل مستشارة ألمانيا شيئاً هز الحلفاء الأوروبيين.. الدول الكبرى تتجسس أكثر على الدول الصغيرة والنامية، كذا علاقاتها ببعض، ومستعدة لشعل نار الفتنة بين بلدان لها علاقات جيدة مع طرفيها، ولعل أحد تلك كانت الحرب العراقية الإيرانية، والحروب العربية عامة.. وذلك لسياسة ما سمي الاحتواء بحيث تسلط بعض الدول على أخرى فتستنزف الموارد ناهيك عن نيران العداوة التي لا تطفأ بسهولة. استنزاف الموارد يعني الفقر من جهة والكسب لخزينة الدول الكبرى وتشغيل مصانع الأسحة والأيدي العاملة.. رغم الفائدة من علاقات الدول الصغيرة والنامية مع شركاتها الكبرى، تتجسس عليها، لعدة أسباب بينها ماذا يخرج من معلومات وماذا تكسب من ذلك. كذا علاقات الدول فيما بينها فإذا كانت الدول الصغيرة والنامية والقائمة على الحكم الفردي تتجسس على العلاقات بين جماعات الداخل وحركاتهم، فإن تلك الدول قد يهمها ذلك ولكن ما يهمها أكثر العلاقات الخارجية، ما بين المتأرجحة والثابتة وعلى اثرها تعرف كيف تمارس أنشطتها.. تتجسس على الدول النامية والآخذة بالنمو، الأبحاث والتجارب والموارد، تعمل على تنظيم علاقتها بها وإخضاعها أو تركها، لأنها لا تستحق المجازفة. المناجم في أفريقيا قد تكون سبباً لإثارة حروب ومآسٍ إنسانية قد تكون واردات البترول على قمة العلاقات سلباً وطرداً. الأدوية وتصنيفها، وسرقة الحقوق، وعدم تسويقها.الدواء الذي يوجد بالهند لا يتجاوز سعره العشرين روبية يمنع تصديره، بل يعاد تصنيعه في دولة كبرى ليكلف ما يفوق الأربعين دولاراً. لكن الهند لأنها دولة قوية تحمي أراضيها واقتصادها مع توفير الأدوية الفعالة والرخيصة في بلادها لمواطنيها. خاصة عندما تملك جميع المواد الخام وأيدي عاملة متقنة للصناعة. عندما نرجع بالذاكرة لولاية كلينتون ونذكرك توجيهه ثلاث ضربات للعراق وأفغانستان والسودان، كان هدف السودان يدعو للعجب فقد ضُرب مصنع أدوية معروف لدى الجميع بما في ذلك الجهات الاستخبارية. أقام صاحب الدعوة، نلاحظ ليس السودان كدولة، شكوى على أمريكا وكسب الدعوة، لماذا المصنع؟ قيل إنه يصنع أسلحة ولكن أثبت التحقيق أنه لا علاقة له بالأسلحة، إنما قيل يقوم بأبحاث ودراسات جادة عن مادة الصمغ العربي وما تحويه من عناصر يمكن أن تساعد في علاج بعض الأمراض، ووصلت من خلال ذلك لأمور مذهلة عن هذا المنتج الطبيعي. لذا فهي ضربة لأجل شركات ومصانع الأدوية، فإن الانتصار لا يعني فقط تعميم العلاج بهذا المنتج فقط إنما تأثير ذلك على سوق الحلوى التي تصنعها أمريكا ومشروباتها الغازية، ومعنى ذلك بور كبير لكل أنواع الكولا وأيضاً أنواع اللبان الذي يطعم منه بالصمغ العربي، غير ذلك سيكون للسودان مصدر جميل ولديها منجم لا ينتهي. فنرى أثناء مقاطعة أمريكا للسودان استثنت الصمغ العربي، طبعاً هي تشتريه رخيصاً كمادة أولية. بينما السودان كان ممكن أن تجعل منه مركباً دوائياً يعالج أمراضاً مختلفة وربما يصد وباء. هذا جزء من تجسس الدول الكبرى.