شهدت الساحة العراقية في الأسابيع الماضية تنامي وتيرة أعمال التفجيرات في الكثير من المحافظات والمدن وارتفعت أعداد الضحايا بين القتلى والجرحى، وزادت مشاعر الخوف والقلق بين الناس وخشيتهم من عودة موجات القتل التي اجتاحت هذا البلد بعد الغزو الأمريكي عام 2003. وفقدان الأمن والخوف وعودة السيارات المفخخة وظهور الانتحاريين، في أماكن تجمع الناس، بأحزمتهم الناسفة وما ينشرونه من هلع ورعب بات يحرم الكثيرين من الحركة الطبيعية لقضاء حاجياتهم. هذه الأحداث المؤسفة تجري في أجواء سياسية قلقة نشأت في بيئة تبرز فيها الطائفية بألوانها المختلفة وعللها القبيحة وتشوهاتها المريضة التي تدفع الناس إلى الاصطفاف العرقي والمذهبي والجهوي. ولم يعد المسؤولون في بغداد قادرين على «إخفاء» هذه المشكلة وتفاقهما ونتائجها حتى داخل ما يمكن أن يظن أنه منسجم فكريا من نظام بغداد، وليس خافيا، أيضا، أن حكومة نور المالكي لم تستطع التفاهم مع المختلفين معها تحت مظلة الوطنية القادرة على استيعاب الجميع مما يدفع البعض إلى السلبية والشعور بعدم جدوى التمسك بالحوار. هذه الأجواء السياسية الفاسدة هي التي تفتح الأبواب المشرعة لأصحاب مشاريع تفتيت العراق أو رهن إرادته عند الغير للدخول بأدوات القتل والدمار للمزيد من تعميق الشكوك بين الطوائف والانتماءات العرقية والمذهبية والإقليمية. وإذا أراد من بيده قرار السياسية العراقية في هذا الظرف العصيب أن يتدارك الأخطاء ويقف في وجه المجموعات الإرهابية فعليه إعادة النظر في مشروعه السياسي ونظرته لدور شركاء الوطن ومسؤولية الجميع عن حفظ العراق العربي الآمن المشارك في قضايا أمته العربية. لن يغفر العراقيون لمن يضحي بوطنهم من أجل مصالح فئوية أو شخصية.