×
محافظة تبوك

أمير تبوك يدشن مجمع الأمير سلطان الثقافي ويفتتح ويتفقد مشاريع تنموية بقيمة 400 مليون ريال في الوجه

صورة الخبر

لقد شكّلت العقود الثلاثة الماضية، وجه العالم العربي، من محيطه لخليجه، وعلى إثر ذلك ترشح في مشهدنا الثقافي والفكري والاجتماعي، العديد من الأفكار والقيم والقناعات، بعضها تسلل من عمق تراثنا ووعينا العقدي والأيدلوجي، بينما البعض الآخر، عبارة عن عمليات نقل من خزان المعرفة الغربية. خلال العقود الطويلة الماضية، تضخمت إشكالية إيجاد علاقة منسجمة بيننا وبين المنجز الغربي كفلسفة ومنهج وسلوك. وقد مرت التجربة العربية التي لم تخرج بعد من شرنقة البدايات، والباحثة عن موطئ قدم في عالم قوي ومتطور، بالعديد من المراحل والانعطافات التي أخّرت علاقتها المترددة والمضطربة بالعالم الغربي. علاقة ملتبسة، ولكنها على كل حال، شكّلت حالة من التعاطي البرجماتي بين حضارتين مختلفتين ومتناقضتين، وبينهما مسافة كبيرة جداً، من حيث التجربة والمنجز. لقد انتقلت إلى عالمنا العربي، الكثير من الأفكار والمظاهر الغربية، عن طريق عدة أساليب وحالات، كالاستعارة والاستلهام والاستيحاء والتعريب والمحاكاة، وغيرها من التفاعلات التي لم تستقر بعد في بنية الفكر والوعي الجمعي العربي، رغم كل تلك الصيحات والقناعات التي بشّر بها المعجبون بالحضارة الغربية، وما أكثرهم. السؤال هنا: كيف تنظر -تتعاطى أجيالنا الشابة إلى- مع واقع الحضارة الغربية الحديثة؟ سؤال معقد وكبير كهذا، لا يمكن الإجابة عليه بشكل سريع ومباشر، ولكنه يتطلب دراسات وأبحاث، للوصول إلى صورة كاملة، ترسم ملامح وخطوط وألوان المشهد المعقد الذي يحكم العلاقة المرتبكة بين شبابنا العربي والحضارة الغربية الحديثة. أكثر من ألف مبتعث ومبتعثة مع بعض أفراد أسرهم، ينتشرون كالفراش في أهم الدول الغربية والشرقية، ينهلون العلم والمعرفة والتجربة والخبرة من جامعاتها ومعاهدها، تماماً كما يتشربون عادات وتقاليد وأفكار وسلوكيات تلك المجتمعات. في أمريكا وكندا وبريطانيا، وكذلك في اليابان والصين وكوريا الجنوبية، وأيضاً في بعض الدول العربية، يتنقل شبابنا من مكان لآخر، يحملون معهم الكثير من أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم الرائعة، ولكنهم أيضاً -وبكل أسف- بعضهم، يدسون في شنطهم المزدحمة بصور الطفولة ومستلزمات الغربة الطويلة، الكثير من عقدهم وعصبيتهم وطائفيتهم ونظرتهم المشوهة للآخر، والتي اكتسبوها من تلك المنابر والمناهج والتراث. الحمد لله، أن أغلب مبتعثينا، يُمثلون صورة مشرقة لوطننا العزيز، ووسائل الإعلام الغربية والشرقية، تُشيد بتفوقهم وتميزهم، وتصفهم بالمذهلين والملهمين، بل إن الكثير منهم يُزينون لوحات الشرف في أهم الجامعات العالمية. ولكن -وآه من لكن- البعض منهم، يظنون بأنهم يحملون على عاتقهم هداية البشرية كافة وفرض رسالة الإسلام بالقوة على تلك المجتمعات التي وفّرت لهم ممارسة شعائرهم وطقوسهم الإسلامية بكل سهولة ويسر. تلك الممارسات الغير مسؤولة التي يقوم بها بعض مبتعثينا ضد الآثار والمرافق والقناعات الخاصة بتلك الدول، إضافة إلى الصورة المرعبة التي يحملها الغرب في الأساس عن "جهاديينا" الشباب في ساحات الفتن والقتال، يزيد من سوداوية النظرة العامة التي تتبناها الدول الغربية والشرقية بحكوماتها وشعوبها، ضد العالم العربي والإسلامي ككل، لأنها هي التي أفرزت هذا الجيل المتشدد والمتطرف، مما سيؤثر بلا شك، في فقدان الثقة والاحترام والتعاون بيننا وبينهم، والخاسر الأكبر من كل تلك العلاقة المضطربة والتصادمية، هو نحن. صورة الغرب في عيون شبابنا، آن لها أن تتغير، ولكن كيف؟، فهذا هو السؤال الذي يبحث عن إجابة.