قصة الفن التشكيلي السعودي تعد بالنسبة للمنتسبين فيه مصدر فخر واعتزاز حينما نضعه في دائرة المقارنة مع من يماثله في الدول العربية، التي يوجد بها أكاديميات ومعاهد متخصصة في الفنون الجميلة بكل تفاصيلها الموسيقية أو المسرحية والتشكيلية التي تتفرع للنحت والتصوير الزيتي والديكور وخلافها. ويأتي الاعتزاز أن الفنانين التشكيليين يقفون جنبًا إلى جنب بإبداعاتهم مع خريجي تلك الأكاديميات والمعاهد المتخصصة وافتقارهم إلى الدراسة الأكاديمية في هذا المجال سوى دراسة تختص بتدريس التربية الفنية كان لمعهد التربية الفنية الوحيد على مستوى المملكة الدور الأكبر في تقديم دفعات متمكنة من أسس العمل الفني نتيجة تلقيهم الخبرات التشكيلية من معلمين عرب يعدون من رواد الفنون التشكيلية في دولهم ومنها العراق ومصر وفلسطين وسوريا. ويمكن لنا وبإيجاز أن نعرج على محطات هذا الفن الذي يشبه طفل أنابيب عاش على الرضاعة الصناعية فكان فاقدًا للرحم الحقيقي وللتغذية من مصدر طبيعي. مرحلة المدارس الابتدائية والمتوسطة تعد المدارس البيئة أو الرحم الذي تولد فيه الموهبة التشكيلية وتتبلور وتزداد تألقًا كلما وفقت بمعلم لديه الحاسة الإبداعية في اكتشاف الموهوبين للأخذ بهم إلى مراحل أكثر نحو تلمس طريقهم لكسب الخبرات المبدئية ولنا في كل التشكيليين أمثلة وكما يتحدثون عن بداياتهم وإشاراتهم إلى معلميهم في المراحل الابتدائية والمرحلة المتوسطة التي أصبحت نهاية الطريق لمادة التربية الفنية.. تسبب هذا التوقف أو انقطاع مد التوجيه والتدريب في المرحلة الثانوية التي لا تدخل مادة التربية الفنية ضمن موادها. معهد التربية الفنية أغلبية التشكيليين أو لنقل كل من أسهم في تأسيس الحركة التشكيلية أو الفن التشكيلي في المملكة هم من خريجي معهد التربية الفنية الذي افتتح عام 1965م ومن المؤسف أنه أغلق عام 1990م، حظي في دوراته السبع الأولى بنخبة من التشكيليين العرب منحوا الدارسين في تلك الفترة قدرًا كبيرًا من خبراتهم لفنانين سعوديين وآخرين من بعض دول الخليج واليمن، وأصبحوا أبرز من أسهم في تأسيس بدايات انطلاقة الفن التشكيلي بأساليبهم التي تنوعت بتنوع مصادر تعلمها من الفنانين العرب فظهرت ملامح الفن العراقي والمصري بشكل بارز في بدايات معارض الفنانين الأوائل ثم بدءوا يكتشفون قدراتهم في الجمع بين ما تلقوه من سبل التنفيذ وما علق في تجاربهم الأولى من تأثر بمعلميهم إلى أساليبهم الخاصة أضف عليه بعض ممن تلقوا دراساتهم خارج المملكة مرحلة من تطوير الأداء وتوظيف الفكرة بعيدًا عن الأساليب التسجيلية التي كانت السمة الطاغية على لوحات البدايات المتعلقة بالموروث والبيئة والطبيعة والتقاليد والعادات، إلى مرحلة القضايا الإنسانية والتفاعل مع القضايا العربية وخلافها. أقسام التربية الفنية في الجامعات أتت مرحلة أقسام التربية الفنية في بعض جامعاتنا نقلة جيدة للرفع من مستوى معلمي التربية الفنية مع ما يتلقاه الطلبة من دروس ومحاضرات وورش اكتساب الخبرات في بعض التخصصات المتعلقة بالفنون التشكيلية كالتصوير التشكيلي والنحت والخزف أثمرت بعض المواهب المتميزة التي أكملت تطوير إبداعها باكتساب الخبرات من ورش ودورات بعد التخرج محلية وعربية ودولية بجهودهم الخاصة. الرئاسة العامة لرعاية الشباب كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب الحضن الحقيقي لتأسيس الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية حيث اهتمت الرئاسة بعد إنشائها بإنشاء إدارة مختصة بالثقافة ومنها الفنون التشكيلية سبقتها إدارة رعاية الشباب بوزارة الشؤون الاجتماعية عند تأسيسها للأندية وإضافة (ثقافي) لأنشطة النادي الرياضية شاملاً الرسم والصحافة الحائطية فكانت بيئة جيدة لتنمية المواهب استقطب لها مدربون عرب من خريجي معاهد وكليات الفنون ثم تطور دورها في الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي اهتمت بمراسم الأندية وأقامت لها مسابقات، إضافة إلى معارض وسابقات لمكاتب الرئاسة في مناطق المملكة في مجال الفنون التشكيلية. جمعية الثقافة الفنون الجمعية السعودية للثقافة والفنون أحد روافد دعم الفنون التشكيلية من خلال لجنة الفنون التشكيلية التي مر بإدارتها عديد من الفنانين وأقامت عديدًا من المعارض والمسابقات في بداية تأسيس الجمعية وكانت الأبرز في هذا المجال. الجماعات التشكيلية تعد الجماعات الفنية التي تشكلت بعد أن رأى بعض التشكيليين أهمية التحرك ودعم الجهات الرسمية ولتغطية الفترات التي لا يكون فيها معارض لتلك المؤسسات، البعض من تلك الجماعات بعدد محدود والبعض يقوم به فنانون في مناطق أو محافظات بعيدة عن المدن الكبيرة ومنها ما تشكل باسم مدن وأخرى بأسماء مواقع تاريخية إلى آخر المنظومة الكثير منها توقف لأسباب عدة منها عدم وجود قواسم مشتركة بين أعضائها أو لسوء الإدارة أو لعدم قناعة الأعضاء بمستوى ما يقدم فيها من مستوى يضاف إلى ذلك ما يتم من إضافة أسماء لا تمتلك الموهبة وليس أمام تجاربه البدائية ما يؤشر إلى أنهم سيصبحون فنانين وإنما تأتي إضافتهم لتكملة عدد في المجموعة مع ما تذمر منه بعض الأعضاء من إرهاق الجانب المادي الذي يجمع لنشاط المجموعة، ومع ذلك قدمت تلك الجماعات حراكًا متميزصا أثرى الساحة وحرك الساكن. الصالات التشكيلية الصالات التشكيلية رغم عدم وجود توازن في وجودها أو توزيعها على مدن المملكة مما يرهق الفنانين في المناطق التي لا يوجد بها العدد المحقق لرغباتهم حيث نرى أن محافظة جدة في المنطقة الغربية هي الأكثر عددًا والرياض في المنطقة الوسطى تأتي في المرتبة الثانية يليها الخبر في المنطقة الشرقية، هذه الصالات التي ليس لها منهج أو رقابة مادية تختلف في شروط العرض فيها كما تختلف في مستوى ما تقدمه إضافة إلى أن البعض منها غير مناسبة للعرض لضيق المساحة أو افتقارها للتجهيزات التي تتطلبها المعارض كالإضاءة الجيدة وسبل العرض الأخرى. جمعية التشكيليين جمعية التشكيليين تعد آخر مؤسسة رسمية كونها أنشئت بقرار من وزارة الثقافة والإعلام إلا أنها تحسب من جمعيات النفع العام المجتمعية التي تعتمد على دعم المؤسسات الخاصة والهبات، تمارس الجمعية دورها في إطار العمل المؤسسي وتقيم أنشطة في مركزها الرئيس وبعض فروعها وتجد الإقبال من الأجيال الشابة من الفنانين والفنانات والاهتمام من القطاع الخاص. افتقار للتوثيق وقاعدة البيانات والأرشفة مع هذا التطور في مراحل الاهتمام بالفنون التشكيلية وتعدد محطات الدعم ومؤسساته إلا أن المؤسف عدم وجود توثيق احترافي مبني على جمع تفاصيل تلك المراحل ورصد كل مرحلة من خلال قاعدة بيانات تنتقل من مرحلة إلى أخرى وربطها بالإصدارات التي تعد أهم مصادر التوثيق، فلم يتبق من هذا المشوار الجميل سوى ما تحتفظ به ذاكرة المخضرمين من التشكيليين الذين عايشوا تلك المراحل وأسهموا في دعمها بالمشاركات خصوصًا من تولوا الكتابة أو التأليف عن هذا الفن إلا أنها لا تغني عن الأرشفة المتعارف عليها عالميًا.