ابن الديرة زيارة واحدة لجمعية تعاونية أو أحد مراكز التسوق باحثا عن مصادر الفواكه والخضروات المعروضة، بلد المنشأ المستوردة منه، ستجد أنك بلا مبالغة أمام أمم متحدة زراعية!! فأنواع الفواكه المتعددة كل منها مستورد من دولة على امتداد قارات العالم، والخضروات كذلك، وتعجب كيف تعيش هذه الثمار كل الوقت الطويل من لحظة قطافها ، إلى استهلاكها من قبل المشتري في الإمارات، حتى لو كانت مستوردة بالطائرة، بما يعني أنها تتعرض لإطالة عمرها الافتراضي بمواد حافظة، فالمنتج المحلي المقابل لها سريع التلف، حتى يكاد في كثير من الأصناف لا يحتمل العيش لليوم التالي. مصلحتنا كدولة وحكومة وشعب أن ننتج ما نأكل ونشرب لنضمن أنه غير معالج كيماويا، ويمكن أن يتوفر بالعلم والتكنولوجيا على مدار العام، وإن تعذر ذلك على المستوى الوطني فيمكن تحقيقه إقليميا مع الدول الخليجية الشقيقة، عبر الدورات الزراعية المتكاملة جغرافيا والمتعاقبة زمنيا. وعربيا يمكن أن يتحقق على نطاق أوسع، وأرضنا خصبة وتنتج ثمارا غاية في التميز، وكل دولة عربية تشتهر بتميز انتاجها الزراعي في صنف أو أكثر، بحيث إذا جمعتها في سلة واحدة، تكون ملكت الأفضل وبأفضل الأسعار، وحققت السوق العربية المشتركة على أرض الواقع، وليس شعارات مرفوعة منذ قرون من دون أن تجد حظها من التطبيق العملي الناجح. الأمن الغذائي المستدام هدف استراتيجي لا يؤجل ولا يحتمل أن يضعف الاهتمام به في أي حال من الأحوال، لأنه يملك الزراعة والصناعة الغذائية، وهما مصدران أساسيان للدخل الوطني لا مجال للاستهانة بهما، حتى في الدول النفطية، فما بالنا وهذه الدول تسعى صادقة لتنويع مصادر الدخل وهي محقة في ذلك، وعدم الاعتماد على مصدر واحد وأساسي مهما ارتفع شأنه. الارتقاء بالمنتج الزراعي يستنهض الهمم لرفع شأن البحث العلمي التطبيقي، نحو زيادة الإنتاج كما ونوعا، وإدخال المكننة الزراعية في العملية الإنتاجية كاملة منذ رش البذور وإلى تغليف المنتج وإعداده للتسويق، والبحث العلمي الجاد يتطلب ميزانيات داعمة تتيح لرواده أفضل ظروف العمل الفاعل الناجع، الذي يوصل إلى أفضل النتائج، وهو بطبيعة الحال أساس تقدم الأمم، وبدونه ستبقى محلك سر أو خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الخلف، لأنه بكل بساطة يعمل على تحديد المشكلات الزراعية، ويحدد مخاطرها، ويضع أفضل الحلول لها عبر الحد من تلك المشاكل تمهيدا لإزالتها تماما. الأبحاث والمراكز البحثية مهمة لتحقيق ثورة زراعية حقيقية، تؤمن غذاءنا فلا نكون تحت رحمة أحد، وبأفضل مواصفات الإنتاج، وأقل تكلفة ممكنة، وعلى الأقل نحمي بها أطفالنا من تلك التي تطالها يد الربح الأقصى فتسرطنها غير مبالية بعواقب ذلك على الصحة العامة للبشر، فالمهم لديها الربح غير المحدود بأقل تكلفة ممكنة! ebn-aldeera@alkhaleej.ae