غداة الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لإصلاح مصادر المياه المغذية لدمشق، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال منسق عملية المصالحة في وادي بردى شمال غرب العاصمة، تزامناً مع كسر قوات النظام وميليشيا "حزب الله" نظام التهدئة بقصف منطقة عين الخضرة قبل اجتياحها. شهدت منطقة وادي بردى ليل السبت- الأحد اشتباكات عنيفة بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد، مدعومة بميليشيا «حزب الله» اللبناني وفصائل المعارضة في ريف دمشق، بعد ساعات من مقتل مسؤول ملف التفاوض اللواء المتقاعد أحمد الغضبان أثناء خروجه مع فرق الصيانة من الوادي وتبادل الطرفين الاتهامات بالمسؤولية عن ذلك. ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أمس، فإن قوات النظام وحلفاءها استغلت وقف العمليات العسكرية، بموجب اتفاق يتيح دخول فرق الصيانة لإصلاح الأضرار اللاحقة بمصادر المياه المغذية لدمشق، مقابل وقف العمليات العسكرية وخروج المقاتلين الراغبين بمغادرة الوادي، وسيطرت خلال الساعات الماضية على قرية عين الخضرة، وتقدمت إلى بلدة عين الفيجة، التي تضم مصادر المياه إلى دمشق. ومع توسيع عملياتها، لتشمل محور كفير الزيت، قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة قرية دير قانون، ما أسفر عن مقتل أكثر من 12 شخصا وإصابة العشرات، بعضهم في حال خطرة، في حصيلة هي الأعلى خلال يوم واحد منذ بدء الهدنة في 30 ديسمبر. وأكد مصدر عسكري سوري السيطرة على مساحات جديدة في محيط عين الفيجة، أبرزها مرتفع رأس الصيرة الاستراتيجي المشرف على الفيجة ودير مقرن، مؤكدا أن القوات تمكنت من تثبيت نقاط تمركزها في قرية عين الخضرا، ما سهل للعملية البرية في المنطقة. اغتيال الغضبان وتبادل طرفا النزاع الاتهامات بالمسؤولية عن اغتيال الغضبان، الذي عينه النظام لتنسيق عملية المصالحة في هذه المنطقة، على غرار ما حصل في مناطق أخرى، وتولى مهامه قبل 24 ساعة من مقتله، وفق المرصد. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) ليل السبت - الأحد، أن «إرهابيين أطلقوا النار على الغضبان، بعد خروجه من اجتماع مع متزعمي المجموعات الإرهابية المسلحة في قرية عين الفيجة». في المقابل، اتهمت المؤسسات والفعاليات المدنية في قرى وبلدات وادي بردى في بيان مشترك «يد الغدر» باغتيال الغضبان «عند حاجز للنظام، لتقضي على كل أمل في حل سلمي يحقن الدماء»، مناشدة الفصائل «عدم التوجه إلى أستانة»، ومطالبة بدخول «مراقبين أمميين للإشراف على وقف إطلاق النار وانسحاب النظام وحزب الله». دير الزور ولليوم الثاني على التوالي، واصل تنظيم داعش هجومه على محاور عدة في مدينة دير الزور، وحقق تقدما على الأطراف الجنوبية وغرب المطار العسكري، وسيطر على عدد من التلال المشرفة عليه. وأوضح المرصد أن تقدم التنظيم، الذي يسعى للسيطرة على المحافظة بالكامل، جاء «رغم شن قوات النظام أكثر من 120 ضربة جوية على مواقعه، فضلا عن القصف المدفعي العنيف». ووفق حملة «فرات بوست»، فإن «داعش» تقدم على حساب النظام وميليشياته عقب عملية تسلل لمجموعة انتحاريين إلى كتيبة التأمين والسيطرة عليها، قبل أن يشعلوا كل جبهات في المدينة والريف الغربي، مشيرة إلى أن عناصر التنظيم أسروا عددا من قوات النظام ونقلوهم مع كميات من الذخائر وجثث زملائهم إلى القرى المحيطة بمطار دير الزور العسكري. حمص والرقة وفي حمص، أوقف النظام العملية العسكرية الواسعة الهادفة لاستعادة آبار النفط والغاز ومدينة تدمر بعد يوم واحد من إطلاقها، وفق مصدر ميداني في القوات الحكومية أرجع السبب للظروف المناخية القاسية وتشكيل ضباب حد من الرؤية وجعل القيام بأي هجوم بري محفوف بالمخاطر، بسبب العربات المفخخة والكمائن التي ينصبها «داعش». ونفى المصدر سيطرة النظام على مفرق جحار، الذي اعتبره نقطة محورية وتحولا مهما للسيطرة على آبار النفط في جحار وجزل والمهر والشاعر، مبينا أن «أقرب نقطة تتواجد فيها القوات تبعد 7 كيلومترات عنه». وفي الرقة، شن «داعش» هجوما معاكسا على مواقع قوات سورية الديمقراطية (قسد) في الريف الغربي قرب سد الفرات، أمس الأول، فيما استهدف طيران التحالف مخبزا وسط المدينة. وأعلنت «قسد» أنها أفشلت الهجوم على قريتي الوديان وجعبر الشرقي اللتين سيطرت عليهما أخيرا غرب مدينة الرقة. اجتماع الأستانة سياسياً، وبعيد إعلان الهيئة العليا للمفاوضات دعمها محادثات السلام في كازاخستان، بوصفها «خطوة تمهيدية» لمفاوضات جنيف في 8 فبراير، عكفت فصائل المعارضة المسلحة على اختيار ممثلين عنها في الاجتماع المقرر في 23 الجاري بالأستانة. وقال مصدر في المعارضة إن الفصائل الـ13 التي تمت دعوتها للمشاركة في المحادثات تجتمع بالعاصمة التركية أنقرة لتشكيل وفدها، مشيرا إلى أن «هناك اعتراضا من بعض الفصائل للمشاركة، ما لم تكن هناك ضمانات دولية، وخاصة عدم التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار الذي أقر نهاية العام الماضي». قناعة النظام وفي وقت سابق، شكك وزير المصالحة في حكومة الأسد بنجاح مؤتمر الأستانة. وفي حوار مع موقع «تسنيم» الإيراني يوم الجمعة، قال علي حيدر إن النظام وافق على اللقاء «من باب الإيجابية»، وليس «القناعة المطلقة»، مؤكدا أنه لا يعول عليه، ولا ينتظر الكثير من انعقاده. وفي موقف يعد الأبرز لحكومة الأسد، انتقد حيدر التنسيق الروسي – التركي حيال الأزمة السورية، قائلا: «بالنسبة للدول الصديقة كروسيا، أنا أميّز بين مصالحها الشخصية، مصالح دولتها، وبين موقفها من الأزمة. وبالتالي العلاقة الروسية - التركية، إن تحسّنَت، فيمكن أن تتحسن لمصالح هذه الدول، وليس لمصلحة سورية». قواعد روسية وفي موسكو، نقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن مصدر لم تسمه، أن روسيا تنوي تطوير وتوسيع قواعدها البحرية والجوية في سورية، في مسعى موسكو لترسيخ وجودها هناك، موضحا أنها ستبدأ بإصلاح مدرج ثان في قاعدة حميميم الجوية قرب مدينة اللاذقية، مع تأهيل قاعدة طرطوس البحرية، لتتمكن من استقبال سفن أكبر مثل الطرادات. وأكد المصدر أن روسيا ستنشر أنظمة صواريخ دفاعية أرض-جو من طراز «إس-300»، فضلا عن قاذفات صواريخ «باستيون» في طرطوس. إيران تعيد تشكيل سورية ديموغرافياً في خطوة ستنعكس مستقبلاً على نفوذها في المنطقة، تعمل إيران على إعادة تشكيل هوية سورية من خلال تنفيذ عمليات تغيير ديموغرافي، بحسب صحيفة «الغارديان»، التي حذرت من أنها تسعى إلى طرد السنة من دمشق ومحيطها، وتأمين الطريق إلى الحدود اللبنانية، وإحلال عوائل شيعية من العراق ولبنان محلها. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن جهود إيران حالياً تتركز على تهجير أهالي الوديان التي تربط بين دمشق ولبنان، وهو أمر جرى التركيز عليه منذ انطلاق الثورة السورية قبل ستة أعوام، وإحلال سكان جدد مختلفي الولاء، وذلك ضمن خطة إيرانية لتعزيز قبضتها على سورية من خلال عمليات التغيير الديموغرافي. وباتت مقايضة السكان عنصراً بارزاً في أي خطة لوقف إطلاق النار بين النظام وفصائل المعارضة، وهي على ما يبدو محاولة لإعادة ترتيب البلاد بين مناطق لمعارضي الأسد ومناطق نفوذ لمؤيدين له تقودها إيران، ومن ثم يسهل التحكم والسيطرة عليها لتعزيز مصالح طهران، كما أنه أمر سيمنح إيران مستقبلاً ورقة هامة في أي مفاوضات تتعلق بسورية. ففي داريا مثلاً، انتقلت قرابة 300 عائلة عراقية شيعية وسكنت أحياء تم إجلاء العوائل السورية منها في أغسطس الماضي، في إطار صفقة تم بموجبها نقل 700 مقاتل من مقاتلي المعارضة مع عوائلهم إلى إدلب. وفي الوقت الذي توصلت فيه روسيا وتركيا إلى اتفاق لوقف إطلاق نار شامل، تمهيداً للوصول إلى توافق سياسي بين نظام الأسد والمعارضة، فإن إيران تكثف جهودها لإجراء تغيير جذري في المشهد الاجتماعي بسورية، وترسيخ نفوذها من طهران وحتى الحدود الشمالية للأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل. وتعمل إيران من خلال أذرعها العسكرية المنتشرة في سورية، وخاصة «حزب الله»، على إعادة تشكيل المناطق السورية طائفياً، من خلال جلب عوائل شيعية إلى المناطق التي يتم إجلاء سكانها السنة منها. واتخذت طهران حماية ما يعرف بـ«المزارات الشيعية» ذريعة للتدخل في سورية في بادئ الأمر، حيث تمدد وجودها بعد ذلك ليبدأ بعملية شراء العقارات المحيطة بمرقد السيدة زينب بدمشق، وآخرها شراء قطعة أرض كبيرة محيطة بالمرقد.