×
محافظة المدينة المنورة

حارس أمن يتعرض للطعن لمنعه مجهولين من اقتحام مستشفى

صورة الخبر

بين أكوام الفحم الأسود يلتقط البائع السوداني علي رحيمة أنفاسه اللاهثة قانعا بمهنته التي يربح بها زرقه وأطفاله .. يجد متعته بين الغبار المتصاعد ولا يجد حرجا في أن يخرج من بين غبار الفحم رافعا رأسه، في إشارة عكسية لمن يتحرجون من العمل الشريف. علي رحيمة ليس وحده، فهناك عشرات مثله أمضوا في المهنة ما يقارب 15 عاما دون ملل أو يأس من غد أفضل، بعضهم أصيب بالمرض جراء استنشاق الغبار الناتج عن الفحم، واحتفظ البعض في ذاكرته غرائب القصص التي تصادفهم من مهنتهم فيها المحزن والمبكي والطريف. عرق أسود «عكاظ الأسبوعية» غاصت في عالم باعة الفحم ونقبت معم عن سيرهم الذاتية وحياتهم وما يدور في محيطهم، حيث يروي السوداني علي عبدالمنعم رحيمة كيف أنه قضى في المهنة ما يقارب 14 عاما كانت كافية لتشبع جسده وخلاياه من غبار الفحم، (عند عودتي في العطلات إلى قريتي النائية في السودان أشعر بآثار هذه المهنة على صحتي، أعاني من الربو وضيق التنفس، وألاحظ أن العرق المتصبب من جسدي مائل إلى السواد وهو أمر يحرجني كثيرا). يضيف البائع رحيمة أنه لا يجد في بيع الفحم أي عيب أو منقصة لأنها مهنة شريفة يكتسب منها لقمة عيشه بالحلال.. مسلطا الضوء على أسرار مهنته، ويقول: إن للفحم أنواعا منها المستورد من السودان والصومال وإندونيسيا، خلاف ما كان عليه سابقا حيث كان تجار الفحم يحرقون الخشب ثم يتم دفنه عدة أيام قبل تسويقه. إدمان الغبار رشاد الغيثي (يمني الجنسية) يمارس المهنة منذ 8 أعوام، كابد فيها كثيرا من المتاعب إلا أنه تقبلها بطيب نفس وخاطر جميل، فعلاقته بالفحم طيبة وودودة، ويقول الغيثي: إن يومه لا يختلف عن أي بائع آخر في مهنة أخرى إلا أن الاختلاف هو في المظهر العام فقط، حيث ترى الوجوه والثياب مليئة بالسواد فضلا عن الأثر السالب على صحة الباعة، ومع ذلك تظل المهنة أثيرة وحبيبة إلى النفس كما يقول (على مدى 8 أعوام ونحن نستنشق ما يتناثر من الفحم ولا يأتي نهاية اليوم حتى نتشبع منه.. أصبحنا مدمنين لغبار الفحم، أقاربي في اليمن يعلمون طبيعة عملي ولا أحد يعترض عليه). معظم العاملين في حقول الفحم تغيرت أشكال وجوههم عن لونها الحقيقي وينتقد بعضهم نظرة الآخرين كما يقول فتحي اليافعي وهو يستعد لأداء صلاة الظهر (نجد صعوبة في عملية الوضوء لتراكم الطبقة السوداء على أجسادنا.. والمهنة لم تعد كما كانت في الماضي حيث انحصر الزبائن في المطاعم التي تعتمد على الشواء، بالإضافة إلى بعض بائعي الجراك والمعسل، والسوق يزيد نشاطه في مواسم البرد حيث يعمد الكثير إلى شراء كميات كبيرة من الفحم لاستخدامه في الرحلات البرية، صحيح أن البعض يتعاطف معنا حال رؤيتنا بهذا المنظر فيقوم بدفع قيمة كيس الفحم إضافة إلى الإكرامية). انقراض الفحم صديقه يوسف اليافعي أكثر ما يرجوه أن تتغير نظرة البعض لبائع الفحم، واعتبارها مهنة وضيعة للأسف البعض اعتزل المهنة خوفا من عيون الناس وكلامهم. أما مصطفى عثمان الذي مضى أكثر من 10 أعوام في مهنة بيع الفحم فقال: أناس كثيرون من الباعة ممن يعرفهم أصبحوا أثرياء من المهنة، وباتوا يملكون مزراع في السودان، وأضاف مصطفى أنه التقى كثيرا من الجنسيات خلال ممارسته المهنة متنقلا في عدد من مدن المملكة، (نقضي حياتنا بشكل طبيعي وتجبرنا بعض الظروف إلى نيل إجازات متقطعة بين كل فترة وأخرى حفاظا على الصحة، لكن المؤكد بأن الفحم سينقرض بعد فترة قصيرة لاستغناء كثير من الناس عنه فأصبح استعماله محدودا إما من أصحاب المطاعم أو من ملاك محلات الشيشة والمعسل).