من المنتظر أن تتصدر التساؤلات حول قوة التعافي الاقتصادي العالمي جدول أعمال قادة السياسة ودوائر الأعمال في المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس. وبدأ نحو 2500 مدير تنفيذي ومسؤول حكومي كبير وخبير اقتصادي وعالم أعمال المنتدى الذي يستمر لمدة أربعة أيام في منتجع دافوس السويسري لبحث ليس فقط سبل الخروج من سنوات الأزمة، بل أيضا كيفية التعامل مع المشكلات المستمرة مثل تنامي عدم المساواة والبطالة بين الشباب وظاهرة شيخوخة المجتمعات. وقبل ساعات من بدء الاجتماع، دعا البابا فرانسيس المشاركين في المنتدى إلى خفض معدلات الفقر والأخذ في الحسبان احتياجات المناطق الأكثر تضررا في العالم. وقال إنني "أطلب منكم ضمان أن تفيد الثروة البشرية لا أن تتحكم فيها". ويستعد الاقتصاد العالمي لتلقي قوة دفع هذا العام، مع توقع تحقيق معدل نمو يبلغ 7ر3 بالمئة حسبما قال صندوق النقد الدولي قبل يوم من انطلاق المنتدى الذي بدأ بينما يحذر من تدني التضخم في الدول الغنية ووجود فقاعات الأصول في الأسواق الصاعدة. وقال نائب أول سابق لرئيس صندوق النقد الدولي على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي في دافوس إن النظام المالي العالمي لا يعمل بكفاءة كافية خاصة في منطقة اليورو. وقال جون ليبسكي وهو أيضا الزميل بمعهد السياسة الخارجية بكلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكينز لتلفزيون رويترز "بعد مرور ست سنوات على بدء الأزمة المالية في اليونان لم يستعد النظام المالي العالمي عافيته بعد". ويقول ليبسكي "عمليات إعادة الرسملة وتطهير ميزانيات البنوك لم تكتمل بعد ومازال يتعين عمل المزيد". وأضاف "هذه واحدة من القضايا أو المهام الرئيسية في منطقة اليورو عام 2014". ويعقد المنتدي الاقتصادي العالمي الرابع والأربعين في الفترة من 22 إلى 25 يناير. ومن بين الحضور وزير الخزانة الأمريكي جاك ليو ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ورؤساء البنوك المركزية مارك كارني وماريو دراجي وهاروهيكي كورودا. وأظهر تقرير اقتصادي نشر امس ارتفاع عدد مسؤولي الشركات الذين يعتقدون أن الاقتصاد العالمي سيتحسن خلال العام الحالي إلى ضعف ما كان عليه منذ عام. شمل المسح الذي أجرته مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز (بي.دبليو.سي) للاستشارات الاقتصادية حوالي 1344 مسؤولاً من مختلف أنحاء العالم حيث أعرب 44% منهم عن تفاؤلهم بأداء الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي. في الوقت نفسه قال 39% فقط إنهم يثقون في ترجمة هذا التحسن الاقتصادي إلى أرباح لشركاتهم. وقال دينيس نالي رئيس بي.دبليو.سي "سيظل تعافي الاقتصاد العالمي هشا ولكن مع تراجع بسيط في الضغوط عليه". وكان مسؤولو الشركات في غرب أوروبا الأكثر تفاؤلا بأداء الاقتصاد في حين كان مسؤولو شركات شرق ووسط أوروبا الأشد تشاؤماً. واحتفظت الولايات المتحدة والصين بصدارة قائمة أفضل أسواق التصدير في العالم في حين قفزت ألمانيا إلى المركز الثالث خلال العام الحالي. كما تحسن تصنيف إندونيسيا والمكسيك وتركيا وتايلاند وفيتنام في قائمة الأسواق الواعدة للصادرات. وردا على سؤال بشأن أكثر ما يثير قلق مديري الشركات تصدرت "القيود القانونية الزائدة" و"عجز الميزانيات الوطنية"و"زيادة الضرائب" قائمة الأمور المثيرة للقلق. وقد يبدو ظاهريا أن تضافر عدة عوامل من بينها انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية ووفرة السيولة وتسارع وتيرة النمو الاقتصادي سيسهم في دعم تعافي الاقتصاد العالمي من الازمة المالية العام الجاري. وانطلاقا من الثقة بتحسن آفاق أكبر اقتصاد في العالم مهد مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي)السبيل لإنهاء برنامج التحفيز النقدي فيما يبدو المستثمرون مستعدين لهذا التحول إثر موجة اضطراب في الاسواق العام الماضي. الا أن مساعي البنك المركزي الامريكي للعودة لمجموعة السياسات التي كانت قائمة قبل الأزمة ما زالت تمثل قفزة هائلة إلى المجهول في وقت تنهي فيه برنامجا غير مسبوق من طباعة النقود. وقد يهدد أي تحرك خاطيء مساعي انعاش الاقتصاد العالمي وهي معضلة واحدة فحسب من المعضلات التي تواجه مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا في اجتماعهم السنوي في دافوس هذا الأسبوع. وبوجه عام تشمل المخاطر التي يواجهونها نموا أبطأ من المتوقع في الولايات المتحدة وانكماشا في منطقة اليورو وغياب الاصلاحات الهيكلية في اليابان والقروض المتعثرة في الصين. وما من شك أن التحديات لا تقتصر على ذلك. وقال مايكل سبنسر الاقتصادي في دويتشه بنك "في حين يسعى مجلس الاحتياطي لعودة اسواق النقد لحالتها الطبيعية تفاديا لفقاعة ائتمانية تحاول الصين تنفيذ اصلاحات في القطاع المالي لوضع حد لفقاعة ائتمانية". وقد يميل ميزان المخاطر هذا العام تجاه الولايات المتحدة ومنطقة اليورو حتى إن بدا أن الصين واليابان يواجهان تحديات أكبر فيما يخص السياسات. ووضع المستثمرون في الحسبان العديد من الأنباء الجيدة في ضوء تسجيل الأسهم الاوروبية أعلى مستوى في خمسة أعوام ونصف العام في الأسبوع الماضي، وفي حالة تسجيل نمو أضعف من التوقعات قد تضطرب الأسواق ويتعثر التعافي العالمي. وقال اندرو بوسومورث مدير محفظة في بيمكو أكبر صندوق سندات في العالم "قد يقود نمو اضعف مما تتوقعه الأسواق لحركة تصحيح، وفي حالة الاسهم تنبأت الاسواق باوضاع اقتصادية أكثر إشراقا".