النسخة: الورقية - دولي يُمكن لمسلسل «تحالف الصبّار»، الذي قامت مجموعة «إم بي سي» بإنتاجه، عبر ذراعها الإنتاجية المُتمثلة بشركة «أو3»، أن يرسم منعطفاً في مسيرة الدراما العربية، وهو يحمل طراز الطموحات التي تبدّت خلال مشاهدة حلقتين، من البثّ الأسبوعي، الذي شاءته المحطة المُنتجة؛ منعطفاً لا يتعلّق بالجوانب المضمونية التي يتناولها، ولا من ناحية الجرأة في الطرح، مثلاً، بل على مستوى البناء البصري والسرد الفني وإدارة الممثل والاستثمار التقني والمشهد العام لصورة عمل درامي عربي. وفي حين بدا، منذ الحلقة الأولى، أن الاستعانة بالمخرج الإسباني خوسيه ماريا كارو، ومدير تصويره ثيو تلغادو، لم تذهب سدىً، فإن مجريات الحلقات التي جرى عرضها، على المستوى الفني والتقني، تحديداً، تشير إلى أن حقبة جديدة من عمر الدراما العربية، يمكن أن يبدأ عنوانها بجيل شاب من الممثلين العرب، من غير بلد، حتى وإن كان بعضهم أصاب نصيباً من الشهرة، من قبل، إلا أنهم عموماً ليسوا من كبار النجوم المعروفين، لكنهم تمكّنوا في «تحالف الصبّار» من التصرّف باقتدار، مثل النجوم الكبار، أمام كاميرا عالية الجودة، قادرة على التقاط أدنى نأمة يمكن أن تفلت منهم. كما سيكون من عناوينها التحرّر من الأساليب التقليدية في الكتابة الدرامية التي أسّس لها بعض مشاهير كتابة السيناريو التلفزيوني، لنجد أنفسنا أمام حرية تامة يمارسها السيناريست رائد بو عجرم، مُستخدماً أنواعاً من طرق السرد، ليس بالضرورة لها أن تكون جديدة تماماً في الدراما العربية، ولكن حرية استخدامها على هذا النحو، والتنويع في ما بينها، له أن يشجّع الكتاب الشباب على الإقدام نحو اقتراحات جديدة، تدرك أن المسائل التقنية لم تعد عائقاً أمامها. وعلى رغم وجود عدد من المخرجين العرب، ممن حققوا نجاحات متميزة، في مجال الدراما التلفزيونية، وأضافوا إليها، فإن اقتراحات خوسيه ماريا كارو جديرة بالانتباه، دون الخوض في مغامرة سؤال هل عجز المخرجون العرب عن تقديم مثل ذلك، إذ إن الاختيارات الفنية والتقنية لا ترتبط بعدم وجود بدائل، ولا بانغلاق الآفاق على خيارات أخرى، بل توقف عند حافة كونها خيارات إنتاجية. «تحالف الصبّار» كشف عن إنتاج درامي تلفزيوني ضخم، من النواحي المادية والفنية والتقنية، تجتمع في إطاره إمكانات وخبرات عربية، مع طاقم إسباني، لتقدّم عملاً يدور في أجواء الرفاهية والبذخ الفاخر، عبر حكاية تقوم على تشويق بوليسي ومغامرات ومؤامرات، تعتزم فضح «حيتان المال»، وما يبنونه من «تحالفات»، مُحاطة بأشواك سامة، زاد من مقدار تشويقه أنه اتخذ من دبي اليوم مكاناً، ومن صيف وخريف 2013، منطلقاً للأحداث، للتأكيد على أن العمل يتحدّث عن هنا والآن، والعيون مفتوحة تماماً، وليس عن أزمنة وأمكنة افتراضية. يصنع «تحالف الصبّار» تحديه، قبولاً ورفضاً ورغبة في التجاوز. وفي اليقين أنه بمحاولة تجاوزه، على الأقل، يمكن له أن يرسم المنعطف الذي نتوقعه، في سياق الدراما العربية.