من أهم مقومات تحقيق الاستدامة في الموارد المالية تنويع فرص الاستثمار.. تنويع يقوم على دراسة كل الفرص ذات العوائد المجزية، بعيداً عن المخاطرة، وذاك بالتحديد مانصت عليه وثيقة رؤية المملكة 2030 في أهمية إن تنويع اقتصادنا من أهم مقومات استدامته، ورغم أن النفط والغاز يمثلان دعامة أساسية لاقتصادنا، إلا أننا بدأنا التوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية. المشهد الاقتصادي الحالي والمستقبلي يتسم بالعولمة، أي أن تتجاوز الاستثمارات حدود الوطن، إلى مواقع التوطين الاستثماري الناجحة والمثمرة.. وهو التوجه الذي يقوده حالياً صندوق الاستثمارات العامة الذي يستهدف رفع قيمة أصوله من ٦٠٠ مليار إلى ما يزيد على ٧ تريليونات ريال سعودي بحلول العام 2030. ورغم أن المملكة من أقوى 20 اقتصاد على مستوى العالم، إلا أن الاستثمارات الخارجية لم تعكس قيمة المملكة وأهميتها على مستوى القرار الاقتصادي الدولي، في وقت تتنوع فيه فرص الاستثمار وتتوفر في كثير من الدول خاصة تلك التي تؤمن بأهمية العولمة الاقتصادية، مثل اليابان التي أسست مجموعة سوفت بنك اليابانية، للاستثمارات في القطاع التقني، واطلقت صندوق متخصص في المملكة المتحدة يستثمر في ذات المجال على مستوى العالم، ويهدف إلى أن يكون بين أكبر الصناديق الاستثمارية الكبرى في العالم في هذا القطاع الحيوي، خاصة بعد دخول صندوق الاستثمارات العامة فيه بقيمة 45 مليار دولار. الاقتصاد المعرفي أحد المفاهيم التي غدت هدفاً تسعى الدول من خلاله إلى نقل التقنية والاستثمار فيها، وهو اقتصاد يقوم في الأساس على الإبداع والابتكار والمعرفة المعلوماتية والتكنولوجية، وعندما يكون صندوق رؤية سوفت الأكبر من حيث القدرة والقدرات على هكذا نوع من الاستثمار، فإننا ندرك أهمية دخول صندوق الاستثمارات السعودي فيه.. وماتبع ذلك من أعلان - أمس الاول - عن دخول شركة أبل - عملاق التقنية في العالم - كمستثمر في صندوق رؤية سوفت، وكذلك قرب دخول شركة أوراكل لاري إليسون قبل نهاية شهر يناير لتنضم إلى شركات أبل وكوالكوم وفوكسكون. القارئ للمشهد الاقتصادي الدولي، يدرك جيداً تأثيرات وواقع تباطؤ الاقتصادي العالمي؛ إلا أن الاقتصاد المعرفي في عمومه والتقني في خصوصه في نمو مستمر، وهو نمو يدعمه في الأساس توجه الدول إلى التحول التقني في الإدارة والتشغيل والتعليم والتوطين الوظيفي. الرسالة هنا إيضاً إلى الشباب السعودي.. الذي يجب أن يدرك ان مرحلة التحول المقبلة داخل المملكة وخارجها، تحول تكنولوجي بامتياز، وعليه فإن الاستعداد لذلك من خلال الدراسة والتخصص والعمل هي بمثابة الخطوة الأولى لوضع العجلة على سكة قطار التنمية التي ستعتمد على التقنية، انظر مثلاً إلى الشباب السعودي الملتحقين بالبنك الدولي، وفروعه من المؤسسات الأخرى.. باتوا اليوم قدرات في مواقع حكومية مهمة، وأخرى في قيادات نافذة في القطاع الخاص، وكذلك الجيل الحالي من الشباب سيكون التخصص في مكونات الاقتصاد المعرفي.