أدان القضاء الأميركي شركة «أبل» العملاقة، بدفع غرامة بقيمة مليوني دولار، لموظفين سابقين قالوا إن الشركة حرمتهم من حقوق عدة. وجرى رفع الدعوى القضائية، أول مرة سنة 2011، من قبل أربعة موظفين، لكن آلاف الموظفين الآخرين انضموا إلى الشكوى في وقت لاحق للمطالبة بإنصافهم. وكذلك الحال تغريم ومحاكمة شركات أخرى عالمية لأسباب متنوعة، فيما أصدرت محكمة أسترالية حكماً بتغريم شركة أدوية بمبلغ 6 ملايين دولار، بسبب تضليلها للعملاء بشأن دواء مسكن للآلام، حسبما أفادت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية. وقالت «ذا غارديان» إن المحكمة أدانت شركة «ريكيت بينكيزر»، لأنها باعت أنواعاً مختلفة من عقار نورفين، على أنها تعالج الآلام في مناطق معينة في الجسم لكنها تحوي جميعاً القدر نفسه من المادة الفعالة لتسكين الألم، وهي إيبروفين لايسين بمقدار 325 ميليغرام. هذه أمثلة على مقاضاة الشركات وتغريمها في حال ارتكابها أخطاء تضر بالدولة والمجتمع. ولكن المفارقة هنا بين شركات استلمت مشاريع عملاقة ولم تكملها أو تسلمها في المواعيد المحددة المبرمة في العقود. إن ما نعبر عنه تأخُّر المشاريع الحكومية وتعثرها. ولقد استوجب الأمر تنشيط العقل الاستثماري ومقاضاة تلك الشركات وصنع القرارات وتغيير الإستراتيجيات. وهكذا يتم تقليص الخسائر. نتيجة لذلك، يُحدِث هذا الانسحاب مزيداً من التساؤلات: لماذا لا تُغرم الشركات التي لم تنجز مشاريعها، وتسبَّبت في خسارة مئات الملايين من الريالات سنوياً؟!. وكذلك الحال مع مشاريع تنموية مهمة معطَّلة في جميع القطاعات، وتوقف تنفيذها بسبب سوء الإدارة، لأن التكسُّب المادي هو الطاغي على المصلحة العامة، وبشكل أو بآخر ضاعت بنود أنظمة المشاريع، والمناقصات، والمبالغ الضخمة التي رُصدت لها، ويسندون مهام الإشراف لشركات أصغر وأقل إمكانية وغير قادرة على التنفيذ، طمعاً في حصة أكبر. سوف يدور في هذا المقال مزيد من التساؤلات أهمها: كيف نتناول هذه المسألة بمزيد من الاهتمام، فتغدو الأهمية مهيمنة في شكلها وعمقها؟ في الواقع تُعَدُّ المملكة من الدول الأكثر إنفاقاً على مشاريع البنية التحتية، والمشاريع الحكومية، والخطط الضخمة لتنمية مستدامة. وأبرز ما يمكن تحصيله هو واقع غير منسجم مع خطط التنمية وغاياتها، من حيث أعدادها والآثار السلبية الخطيرة المترتبة على قطاع التنمية في المملكة في هذا المقام اجتماعياً واقتصادياً، مما يؤثر على الوطن والمواطن بكل تأكيد. وعلى ضوء هذا التعثر يجب محاسبة المقصر، سواء كان المقاول أو الشركة من قبل الجهة الحكومية مالكة المشروع، وفقاً للاتفاق بحسب الجداول الزمنية المحددة بين الطرفين لتسليم المشاريع في وقتها أو تغريمها وفق ما يقتضية القانون. كما أكدت حوكمة الشركات أهمية كبيرة في الآونة الأخيرة لهذا الموضوع في تحقيق الشفافية والمساءلة لإدارة الشركة في مدى كفاءة استخدام الموارد المتاحة، والعجيب أن الشكل الهرمي لإدارة الشركات غير الملتزمة بالعقود المصداقية وفقاً للأهداف المنشأة من أجلها. ويقول الدكتور أشرف جمال الدين الرئيس التنفيذي لمعهد «حوكمة»، إن الحوكمة هي النظام الذي يتم من خلاله توجيه المؤسسات والرقابة عليها. ويعني ذلك أن الحوكمة تشمل التوجيه الإستراتيجي للمؤسسات، ومتابعة تحقيقها لأهدافها المرسومة. لقد قطع الشرق الأوسط شوطاً كبيراً في مجال الحوكمة، حيث أرست معظم بلاده نظماً لحوكمة الشركات خصوصاً المساهمة منها، ويتضمن ذلك التشريعات والقوانين والأدلة.