×
محافظة حائل

رافعة تغوص في رمال ملعب

صورة الخبر

لم تعد عبارة "سدّد ثمّ اعترض" غريبةً على مسامع الكثير منَّا، فعندما يعترض أحدنا على مخالفات مرورية ما، أو يجد نفسه مُلزماً بسداد فواتير لأحد القطاعات الخدميّة، فإنَّه يصطدم بتلك العبارة، ممَّا يجعلنا هنا أمام أخذ ورد، وربَّما مواعيد قد يطول أمدها، الأمر الذي قد يجعل الشخص مُجبراً على السداد وترك الاعتراض دون أن يُكلّف نفسه عناء البحث عن استرداد المبالغ التي دفعها مُكرهاً. وتُعدُّ "الإدارة العامة للمرور" من الجهات الأولى المبادرة بإعطاء المتضرر حق الاعتراض، حيث أطلقت مؤخراً خدمة يستطيع من خلالها المخالف مرورياً الاعتراض على المخالفات المسجلة عليه من قبل كاميرات الرصد الآلي إلكترونياً واستقبال رسالة نصية من قبل المعترض تفيد باستلام الاعتراض، إلاَّ أنَّ هناك من يرى أنَّه حتى لو تمَّ الاعتراض، فإنَّ الآلية في كيفية الاعتراض لم يتم تطويرها، إذ إنَّ المرور هنا يطالب المعترض بالحضور شخصياً لإدارة المرور، حتَّى إن كان مُقيماً خارج المدينة التي وقعت فيها المخالفة، ممَّا يجعله يتكبد خسائر كبيرة مادياً ومعنوياً، وفي النهاية يكون الرفض حليفه، وبالتالي كان الأجدى أن يتم من خلال الخدمة الجديدة توضيح كيفية قبول أو رفض طلب الاعتراض. وناشد عدد من المواطنين مدير عام الإدارة العامة للمرور بضرورة تأكيد المخالفة أو رفضها آلياً، مُشيرين إلى أهمية رفع المشهد الذي تمَّ التقاطه للمخالفة على الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية ليتسنى لهم الدخول على حساب "أبشر" في الموقع ومشاهدة مقطع الفيديو ليرى المعترض بنفسه الحكم بالقبول أو الرفض للمخالفة، متسائلين عن مدى قدرة هذه الآلية الجديدة على إرجاع الحقوق لأصحابها؟، مُشددين على ضرورة فتح مكاتب للمرور في الأسواق وعدد من الأماكن العامة. مكاتب متخصصة وقال "عثمان بن صهبان": "قد نواجه مثل هذه المشكلة، التي عانى منها كثير من المواطنين والمقيمين، وهي سدد وبعدين اعترض"، داعياً إلى إيجاد تنظيم جديد يُدرس بعناية لضمان تخصيص مكاتب لدى مختلف الجهات المختصة، على ألاَّ يكون لها علاقة بهيئة فصل المخالفات، لضمان عدالتها، بحيث تكون مستقلة، وتشرف عليها الجهات القضائية، موضحاً أنَّ مهمتها يجب أن تنحصر في نظر هذه الاعتراضات المستعجلة والفصل فيها على وجه السرعة. وأضاف أنَّه ينبغي ألاَّ يقيد تقديم التظلم بالسداد المقدم، وأن يكون هناك فترة لا تتجاوز (10) أيام يبطل الحق في التظلم بانقضائها، وأن تتضمن الأحكام متى صح التظلم بطلان القرار وتعويض المعترض، مُشيراً إلى أنَّنا سنضمن بذلك توقف مثل هذه الأخطاء، لأنَّ من تعود على ارتكابها لن يكون في مأمن من العقوبة. خطوط المشاة وأشار "مبارك بن فهاد الكبيري" إلى أنَّه كان في أحد الأيام في زيارة للعاصمة "الرياض"، مُضيفاً أنَّه كان يقف أمام الإشارة الضوئية وأمامه أربع سيارات، وحينما أضاء اللون الأخضر تحركت السيارات التي أمامه، موضحاً أنَّه تحرك خلفها مباشرة والإشارة ما تزال خضراء، مُبيِّناً أنَّ ذلك تزامن مع مرور سيارة "الإسعاف" من الجهة الأخرى عبر المسار الجانبي، ممَّا أدَّى إلى توقف السيارة التي أمامه بعد خطوط المشاة، فما كان منه إلاَّ أن توقف هو أيضاً بسيارته على خطوط المشاة والإشارة ما تزال خضراء. وأضاف أنَّ لون الإشارة تغيّر من اللون الأخضر إلى الأصفر وهو ما يزال واقفاً في مكانه على خطوط المشاة، ثمَّ تحوّلت الإضاءة إلى اللون الأحمر والمسار ما يزال متعثراً، موضحاً أنَّ السيارة التي أمامه انعطفت إلى اليمين وهو ما يزال واقفاً في المكان نفسه دون حراك، إلاَّ أنَّه من المؤسف تمَّ تصويره وإيقاع مخالفة الوقوف على خطوط المشاة بحقه، مُشيراً إلى أنَّه أكمل طريقه إلى خارج "الرياض" متجهاً لمدينة "الأفلاج". وبيَّن أنَّه تمَّ بعد ذلك إنزال المخالفة بحقه، ممَّا جعله يراجع إدارة المرور في "الأفلاج" ليعترض على المخالفة، مُضيفاً أنَّهم أشاروا إليه بمراجعة هيئة الفصل في المخالفات بمدينة "الرياض"، موضحاً أنَّه اتصل بهم لتوضيح الأمر وبيان تفاصيل الموضوع، مُشيراً إلى أنَّه طلب منهم أن يشاهدوا الشريط المُسجَّل لديهم، بيد أنَّهم طلبوا منه الحضور شخصياً، فما كان منه إلاَّ أن قال للموظف: "هل من العقل والمنطق أن أسافر مرة أخرى إلى الرياض لتوضيح الأمر والدفاع عن الظلم الذي وقع عليّ؟". وأوضح انَّه قال للموظف أيضاً: "وهل يُعقل أن أدفع مصاريف الرحلة وبنزين بقيمة () ريالا ذهاباً وعودة، إلى جانب مصاريف الأكل والشرب، وكذلك عناء يوم كامل سيذهب في المراجعة والأخذ والرد؟"، ممَّا يعني منطقياً أنَّه سيدفع مبلغاً يزيد على قيمة المخالفة المرورية نفسها، إلى جانب خسارة مزيد من الوقت والجهد، وفي النهاية فإنَّ الجواب سيكون: "وما أريكم إلاَّ ما أرى"، مؤكداً على أنَّه اضطر في نهاية الأمر لتسديد قيمة المخالفة مُكرهاً. اعتراض إلكتروني وأيَّده الرأي "أحمد الفضالة"، مُضيفاً أنَّه على الرغم من إعلان إدارة المرور عن إمكانية الاعتراض، إلاَّ أنَّهم جعلوا هذا الاعتراض تعجيزياً، لأنَّهم لا يقبلون اعتراضاً الكترونياً، وهذه أكبر عقبة لمن وقعت عليه المخالفة، وبالتالي فإنَّه رحمة لنفسه من زحمة المرور في مواقعه التي تغص بالزحام، فإنَّه يُسدد قيمة المخالفة مُرغماً حتى إن كانت غير مُستحقة، لأنَّ المقر الرئيس للمرور في "الناصرية" يفتقد لمواقف السيارات، وبالتالي فإنَّ من يُضطر للتوقف متجاوزاً أو بطريق الخطأ، فإنَّه سينال مخالفة أخرى. تثبيت الغرامة ولفت "م. فهد الباكر" إلى أنَّ المخالفات المرورية أشغلت أفراد المجتمع في المقام الأول، لأنَّها تتكرر بشكل يومي، وبعد أيام محددة يتم رفعها لقيمتها الفعلية، مُضيفاً أنَّه يمكن تطبيق نظام اعتراض الكتروني شريطة التزام المرور بسرعة الرد المبدئي وتشخيص الاعتراض وحجمه، ثمَّ تمريره للجهة المسؤولة أو رفضه إلكترونياً وتثبيت الغرامة. ورأى "عبدالله الفهد" أنَّ في عبارة "سدّد ثمّ اعترض" استفزاز للمواطنين، خصوصاً محدودي الدخل، مُضيفاً أنَّه يتم إلزامه هنا بسداد مبالغ ربما أثقلت كاهله ويستصعب المطالبة بها فيما بعد، وقد يمنعه مانع من الاعتراض فتهدر حقوقه، خصوصاً أنَّه من المُحال استعادة المبالغ المالية التي تمَّ سدادها عادةً، مُشيراً إلى أنَّه يتمّ في بعض الدول إعادة المبلغ على حساب الشخص فور قبول اعتراضه على أيّ مخالفة، لأنَّ هناك شروطاً ملزمة للقطاع الذي أوقع العقوبة بأن يلتزم بإعادة قيمة المخالفة وردها مباشرة بعد الاعتراف بعدم الأحقية بمخالفته. جمعية حماية المستهلك وشدَّد "عبدالعزيز السليمي" على ضرورة تدخّل "جمعية حماية المستهلك" في هذا الشأن، على أن يتم رفع شعار "اعترض ثمَّ سدد"، بحيث تتبناه وتسلَّط الضوء عليه، مُشيراً إلى أنَّ في عبارة "سدد ثمَّ اعترض" ضياع للحقوق وأكل لأموال الناس بالباطل، لافتاً إلى أنَّ الشخص هنا سيتنازل عن حقه لعلمه أنَّه لن يعود إليه. وأشار "م. عبدالمحسن الشدوخي" إلى أنَّ بعض القطاعات الخدمية تنشر عبر وسائل الإعلام كلاماً يتناقض مع ما تمارسه بحق عملائها، مُضيفاً أنَّه قرأ قبل مدة كلاماً لنائب رئيس شركة لخدمات الأفراد يقول فيه: "إنَّ الشركة لا تطلب من عملائها عند اعتراضهم على قيمة الفاتورة السداد أولاً ثمَّ الاعتراض، حيث تتم تسوية استفسارات العملاء بطريقة منظمة ومرتبة تضمن لهم حقوقهم مع حقوق الشركة، وأنَّ من حق العميل دفع المبلغ الذي لا يعترض عليه فقط، ومن ثمَّ دراسة الاعتراض فوراً وحله حسب كل حالة". وأضاف أنَّ هذا الكلام يتناقض تماماً مع ما يحصل الآن، مُشيراً إلى أنَّه سبق أن ناقش مسؤولاً بهذه الشركة عن هذا الأمر، فقال: "لم يصلني خبر بذلك، ولن أعتمد إلاَّ على توجيه مباشر لي عن طريق مرجعي". تحديث الأنظمة وأكد "د. عبدالرحمن الصبيحي" على أنَّ كثيراً من الأنظمة المعمول بها فيما يخص "سدد واعترض" قديمة جداً وتحتاج إلى إعادة النظر فيها، ومواكبة الأنظمة العالمية، التي تتيح لعملائها الاعتراض ومن ثمَّ التسديد والتقسيط المريح، داعياً "وزارة التجارة" إلى تولّي أمر هذا الملف والوقوف في وجه الجهات التي تستغل المواطن ووضع حل لهذه القضية، متسائلاً: "ماذا عن الدول المتقدمة؟، هل تعمل بهذه الآلية؟ أم بعكسها؟"، مُضيفاً:"هل نحتاج بالفعل لفتوى من هيئة كبار العلماء لتحديد آلية ذلك؟".