يعرف المجتمع الدولي، بساسته وحقوقييه، ماهيّة «جرائم الحرب» و «الجرائم ضدّ الإنسانية» التي يمكن أن تُرتكب في أي موقع من العالم. استهداف المدنيين، وقتل الأسرى والعزل، واستخدام أسلحة محرمة، وقصف البنى التحتية، ومصادر المياه، وكلّ ما يهدد الحياة.. كل ذلك يدخل في جرائم الحرب أو الجرائم ضدّ الإنسانية. وفي الوضع الحلبي تكاد تجتمع كلّ هذه الجرائم، بدءاً من البراميل المتفجرة، وصولاً إلى قتل الأسرى، مروراً بقصف المدنيين الذين لا يحملون سلاحاً، وليس لهم أي علاقة عسكرية بالحرب. والمجتمع الدولي، بكل مؤسساته الحقوقية والسياسية والأمنية، عليه أن يتحرّك ـ فوراً ـ لمواجهة ما يجري في حلب الشهباء. المدنيون في هذه المدينة المنكوبة يواجهون شتاءً ناريّاً باطشاً، على يد قوى ثلاث دول أمضت أكثر من شهر في دكّ المدينة، دون مبالاة، أو تفريق بين حامل سلاح وبين حامل جرة ماء. لدى المجتمع الدولي، خاصة مجلس الأمن، سجلٌّ غير إنساني في التعاطي مع الملفات الإنسانية. الدول المتحكمة في أمن العالم هي من تُسيّر الأمور حسب مصالحها الخاصة. وما إن يصل ملفٌّ إنسانية إلى مكاتبها، حتى تتبارى الدول المتحكمة في تمييع القضية، وصولاً إلى وضعها على الرف. لكن الجمعية للأمم المتحدة عليها واجبٌ مضاعف إزاء ما يجري في حلب. عليها أن تضغط بكل ما أوتيت من قوة لصناعة موقف أخلاقي واضح إزاء الأحداث الدامية في الشمال السوري. الصمت الدولي مخجل، ومؤسف، ولا يمكن التعامل معه بأي مستوى من مستويات المسايسة.. الأبرياء في حلب يستغيثون وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك.