وسم الشاعر العربي الراحل نزار قبّاني الكتابة بأنها عمل انقلابي. وفي نص آخر له كان يقول إن كل حروف الأبجدية عبارة عن قنابل يمكن أن تنفجر في أصابع الكاتب. سواء اتفقنا مع الشاعر أو اختلفنا إلاّ أنه يجب الاعتراف بأن الكتابة المُستمرة بالفعل أمر مربك ومخيف ومسؤول في نفس الوقت. كيف نكتب ونحن بين المطرقة والسندان؟ سِندان الوقت ومطرقة الفكرة؟ لن نأتي لكم كل صباح ونحن نلبس ذات الرداء، وتلك السمات، فلكل حفل رداء ولكل مناسبة قول. دعونا نسير في ركاب الربع الذين لا زالوا يُراهنون على موتنا الورقي. لا بأس... الذي يحدث أمر طبيعي فالتحديث والتطوير وقع في كل مرحلة من مراحل الاتصال. إنما لم يحدث أن ألغت وسيلة التي قبلها. ربما تممت دورها أو طورته لكنها لم تلغه تماماً. كان البدء بالإشارة عبر الذبذبات ومن هناك بدأ التواصل والاتصال. انتقال الصوت ثم الصورة فالصورة المتحركة إلى الانترنت. في كل تلك المراحل ربما تكون الكتابة أساساً، لهذا مهما تطورت الوسائل وتغيرت وتم ابتكار مالا يخطر على البال تظل الكتابة حاضرة ومهمّة. حتى في الشاشات الصغيرة لابد من الكتابة. على سبيل المثال الواتس أب تلك الوسيلة الشعبية الأكثر انتشاراً وتوفراً بين أيدي الناس هل يمكن أن تكون ذات قيمة لولا ما يُكتب فيها؟ ألا يتناقل الناس الأخبار والأحداث وحتى التحيات والسلامات بالكتابة؟ يبقى دور إجادة ما يُكتب والشعور بالمسؤولية عن كل كلمة تُنشر، وهنا يتضح مستوى نُضج الكاتب ومدى تفكيره. في وسائل التواصل الاجتماعي عبر الانترنت انكشف المستور عن الجوانب المخفية في شخصية بعض الكُتّاب والشخصيات المشهورة. حيث الفضاء مفتوح ولا يوجد (فلاتر) تمر عبرها الأفكار والأقوال تظهر الحقيقة عارية. نعم لقد أسقطت الشبكة العنكبوتية أقنعة البعض، كتبوا فيها وليتهم لم يكتبوا. قيل: إن الورق يتحمّل كل شيء، ولا يحمرّ خجلاً من شيء. كيف يحتمل إذاً الفيس بوك وتويتر ما يُكتب فيهما؟