×
محافظة المنطقة الشرقية

المنتخب يستأنف تدريباته الصباحية وعودة سالم وغياب غالب بسبب الاصابة

صورة الخبر

على خلاف المادة الفيلمية الوحيدة المتوفرة لخُطبة «عندي حُلم» لمارتن لوثر كينغ من عام 1963 في واشنطن، والتي صُورت بكاميرات تلفزيونية رديئة الجودة، هناك أفلام سينمائية واضحة لهواة (بعضها مُتقن)، سجلت وصول جموع إلى نصب «لينكولن» في المدينة، المكان، الذي سيحظى بعد ذلك اليوم بقيمة تاريخية مُضاعفة في الوجدان الأميركي. تظهر الأفلام تلك، النقيّة بجودتها، نساءً ورجالاً، وهم سُود في معظمهم، يرتدون ملابس أنيقة وكأنهم ذاهبون إلى نزهة صيفية، جاهلين وقتها بأنهم سيلعبون دوراً في تاريخ بلدهم، وأن الخُطبة التي سيستمعون إليها بعد دقائق قليلة ستتحول إلى واحدة من أشهر خُطب التاريخ الحديث. يختار البرنامج التسجيلي الهولندي «خُطب» (يعرض على شاشة القناة الحكومية الهولندية الثانية)، الخُطبة الإيقونية «عندي حُلم» لمارتن لوثر كينغ لتكون موضوعة حلقته الأولى. لا يكتفي البرنامج بالتحقيق في ظروف الخُطبة تلك، أو الخُطب التي تتناولها حلقاته الأخرى، بل يسافر في رحلة تسجيلية ليحقق في أحوال البلاد والناس الذين توجهت إليهم تلك الخُطب المفصليّة. أين أصبحوا؟ وهل غيرت تلك الكلمات الحامية والعاطفية حياتهم أو حياة الأجيال التي جاءت بعدهم؟ صادف توقيت حلقة القسّ الأميركي مارتن لوثر كينغ مع الاحتجاجات التي تشهدها مدن أميركية منذ فترة، والتي يقف وراءها توتر عِرقيّ جديد. الحلقة التلفزيونية تصل إلى خاتمة غير متفائلة على الإطلاق لجهة العلاقة بين الأعراق في الولايات المتحدة. فالبرنامج يقابل أميركيين من السُود مازالوا يعيشون في الماضي، إضافة إلى «بيض» مترددين (رفض كُثر الحديث أصلاً لفريق البرنامج). يزور البرنامج مدناً في أقصى الجنوب الأميركي، لا تختلف حالها كثيراً عما كانت عليه قبل نصف قرن تقريباً، أي في الزمن ذاته، الذي خطب فيه لوثر كينغ بلوعة، بأنه يحلم بأميركا يتساوى فيها الأسود والأبيض. وإذا كانت خُطبة لوثر كينغ تكاد أن تكون صرخة عفوية غير مخطط لها، فإن الخُطبة الشهيرة لرئيسة الوزارء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر إبان استلامها منصبها كرئيسة الوزراء في بريطانيا في عام 1980، والتي عرفت بجملتها «السيدة لن تتحول»، هذه الخُطبة خطط لها مسبقاً، حتى إن البرنامج يصل إلى المسؤول الإعلامي لتاتشر وقتها، والأخير سيعرض المسوَّدات الأخرى للخُطبة. وستركّز حلقة «تاتشر» على الأثر الذي تركته سياساتها في بريطانيا، فهي التي خصخصت كثيراً من المؤسسات الحكومية وحاربت النقابات وزعمت أن «المجتمع» هو قيمة غير موجودة. حاول البرنامج الهولندي أن يقتفي أثر أشخاص عاديين، من الذين تصدروا الأخبار وقت الخُطب أو بعدها، فحاور في بريطانيا، ناشطاً نقابياً قام بالاحتجاج أثناء خُطبة تاتشر، قبل اقتياده إلى الخارج، كما قابل في الولايات المتحدة عائلة الأميركي الأسود جيمس جاني، والذي قُتل عام 1964، كامتداد للعنف العِرقيّ الذي كان السبب وراء خُطبة لوثر كينغ. بدا الزمن وكأنه توقف في بيت العائلة الأميركية، فالابن الآخر، الذي يظهر في أفلام جنازة أخيه الشعبية، هو اليوم مُقْعَد، بَعدما عاش حياة بائسة، وإحدى الأخوات في العائلة أفصحت أن لا أمل بعلاقة سويّة بين الأبيض والأسود في بلدها، وأنها لن تثق أبداً بالبيض. والحال أن البرنامج التسجيلي لا يكتفي بالعرض التاريخي (على أهمية هذا)، بل يضع نُصب عينيه الحاضر وأحياناً يحاول أن يستشرف المستقبل، لجهة علاقة موضوعات الخُطب تلك مع الناس الذين توجهت إليهم. هذه التركيبة ستجعل الخُطب، التي عمر بعضها عشرات السنين، نَضرة راهنة، وكانت استعادة كلماتها مراراً في سياق البرنامج، وكأنها إعادة اكتشاف لمقاصد ما وراء اللغة، وهَزّ أيقونية الكلمات، وتبيان كيف أنها عبرت عن قضايا مُعاصرة إنسانية، ومنها استمدت قوتها وعُمرها المديد في حيوات شعوبها وفي مناطق أخرى في العالم.