النسخة: سمعت عن موقع «أنستغرام» في النت، ولكن لم يكن لي معه ود مباشر يترجمه حساب شخصي باسمي أو بكنية مستعارة. وبالمناسبة، دائماً ما أحتار في أيهما الأصح: أن تقول «في النت» أم «على النت»؟ ما علينا. كنت أقول كل معرفتي عن موقع «أنستا» - كما يصغرونه - أن بعض العامة والخاصة ومعهم المشاهير لهم حساباتهم فيه وبعدد من المتابعين، ولكن معلوماتي المنقوصة تلك كانت بالأمس، أما اليوم فمستعدة لجلسة استجواب عن «أنستا» و «تويتر»، ومثل التلميذة المجتهدة سأكون حاضرة بالجواب، وما هذه الشطارة الوافدة لتنازلي عن عزوفي عن مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن لأن إحدى القريبات قررت خوض غمار «أنستغرام»، فلما سألتها عن مدى أهميته، ردت بأنه لغة العصر، ومساحة لعرض الفنون وأعمال التصوير الفوتوغرافي والرسم والنحت والشعر، أو للترويج عن بضاعة بعائد مادي. وتتنوع القصص بالأغراض التي تدفع للحاق بـ «أنستغرام» أو «تويتر» و «فيسبوك»، وبحسب كلام محدثتي، هي ضرورة تستدعي وجود رابط الحساب مذكوراً ومشعّاً في بطاقة «البزنيس» الخاصة، وبكذا منطق يكون «كرتي» هو الأعتم بلا منافس. غير أنني أزعم أن حساب تلك المنتسبة الجديدة لا بأس بتنوعه وصوره في مجاله، ولكنه لا يتمتع بأعداد من المتابعين، فاستغربت تواضع الحال في وجود من يتباهى بمتابعيه وقد تجاوزوا مئات الآلاف وربما بلغوا المليون، وعندها فهمت القصة بتفاصيلها. فالمتابعون لهم حسابات بمشرفين يعرضون على أصحاب الحسابات الأخرى بيع خدماتهم بالانتساب إليهم لقاء مقابل مادي يبدأ من 5 آلاف ريال إذا كنا نتكلم عن أعداد «تملِّي العين» لزوم الوجاهة، مع إمكان عمل «لايك» على الصور «أوتوماتيكياً»، وكله بثمنه. فترتفع في نظرك قيمة الصورة وكذلك الحساب بارتفاع عدد المعجبين بهما، غير أنها صفقات ستبدو مفضوحة إن حصل واشتريت هؤلاء المستخدمين، فارتفع بين ليلة وضحاها عدد متابعيك من 300 إلى 300 ألف اسم. فيا سبحان الله! كيف توافدوا جميعهم وتزاحموا دفعة واحدة؟ «ولو هو حساب وهمي لعرض الشرهات ما جاك العدد بهذه السرعة»، أقلها حتى يُعلم الحاضر الغائب. أما «الفشْلة» فهي حين تنسى أو تتغاضى، أو تعجز عن دفع المستحق للوجاهة المكلِّفة، فينزل عدد متابعيك من 300 ألف إلى 300 متابع وبالاندفاع والطيران نفسه، وصعب ساعتها «ترقيعها» بأنهم زعلوا عليك واختلفت معهم «كلهم». فكيف يُكشف المتابعون الأصنام؟ من أسماء حساباتهم غير الطبيعية، ومن بطء الحراك على موقع لا ينسجم التفاعل فيه مع الحجم المتضخِّم للمتابعين، فجلهم مثلاً متابعون بأسماء عبارة عن أعداد وأرقام ولا تحمل صورة لـ «البروفايل»، أو أسماء والسلام، سيتأكد لك زيفها بقليل من التدقيق، إذ لا حركة ولا متابعة في حساباتها. لنأتي الآن إلى أضحوكة الحسابات الخاصة على «أنستغرام». فتكون الفتاة محجبة مثلاً، ولا تتورع أن تنشر صورها وهي متخفِّفة من ملابسها، إما لاستهتارها أو سذاجتها، على اعتبار أن المتابعات هن صديقاتها التي قبلت انضمامهن إلى حسابها. ولهذه الفتاة نقول: من ضمن لك أن صورك لن تُحفظ وتظهر في موقع آخر وأمام أناس آخرين في النت أو من طريق الجوال والبريد وخلافه؟ ونصيحتي للأبوين بتصفح مواقع الأبناء، لعل فيها ما يضر الغض والمراهقة من حيث لا يدركان. وعلى سبيل الذكر، فمن البرامج اليوم ما يسمى بـ «سنابشات»، وبواسطته تُرسل الصورة الشخصية إلى الطرف الآخر ليراها في ثوان معدودة، ومن بعدها تختفي. فكان الاعتقاد المتغافل أن بالمقدور إرسال الصورة أياً كانت وبلا حذر طالما أنها لن تحفظ. ولأن مراهقاتنا جاهزات لتصديق الأكاذيب فقد اطمأن وأرسلن الصور، وكل ما أعانهن عليه التقليد الأعمى وركوب الموجة من أوضاع مختلفة، ليتضح أن بإمكان الطرف الثاني أثناء التقاط الصورة بسرعة أن يصورها أيضاً ويحتفظ بنسختها. أما آخر الأخبار، فقد تمت قرصنة «شيفرة» البرنامج، وبعد تأمل القراصنة في الصور المتبادلة (أية صورة في النت لا تختفي) اختاروا منها مجموعة منتقاة بحوافز من قلة الأدب والحياء، فسربوها «أونلاين»، ومعها فوق البيعة أرقام الجوالات. إزاي الحال بقاه..؟ suraya@alhayat.com