×
محافظة المنطقة الشرقية

إستمرار هطول الأمطار بالقيصومة وحفر الباطن والمدينة وحائل

صورة الخبر

النسخة: ليست «الموضة» جديدة تماماً... ومع هذا، تبدو لنا هنا جديرة بأن تُذكر. وذلك لأنها تصبح بالتدريج ظاهرة تلفزيونية متفاقمة، وتخلق نوعاً من ترويج يرتدي مسوح النظرة «الشعبية» إلى الفنون... تكمن خطورته وغشه المتزايدان في فرضه على الجمهور العريض وضعاً حلّت فيه الصورة مكان كلّ ما ومن يأتيك بالأنباء. الحكاية هنا حكاية تلك الكاميرا التي تلتقط متفرجي فيلم معين أو مسرحية انتهى عرضها للتوّ، أو حتى رواد معرض فني أو أمسية شعرية أو أي شيء من هذا القبيل، وتسألهم عن آرائهم في ما شاهدوه أو سمعوه. ولنلاحظ هنا في الحالات جميعاً أن ما يبث من على الشاشات الصغيرة فوراً أو في صباح اليوم التالي يكون إيجابياً، يقول كلّ الكلام الجيد الممكن في «روعة» العمل و«عبقرية أصحابه» و«قوة تأثيره» وصولاً إلى التعبير عن ضخامة «المفاجأة» التي نتجت من تقديمه في هذه الظروف وما إلى ذلك... في اختصار هي عادة آراء تعطي العمل المطلوب الكلام عنه ما يتراوح بين 99 و100 في المئة من التقويم، من دون أن تكون هناك في المقابل أية آراء سلبية أو حتى متحفظة... ولكن، في المقابل لن يقال للجمهور المشاهد عبر الشاشة ما إذا كان أو لم يكن ثمة آراء أخرى لم تسجلها الكاميرا، أو سجلتها ليتم استبعادها باعتبارها دخيلة متطفلة لا مكان لها في الاحتفال الصاخب، قبل بث الشريط. في ظروف أخرى كان يمكن مثل هذا النقد الشعبي أن يكون مجرد طرفة لا أكثر ويشار إليه على أنه مجرد إعلان ترويجي لا ينبغي أخذه على محمل الجد والرأي القاطع، ولكنه هنا إذ يبث على الشاشة الصغيرة يتحول إلى نظرة «نهائية» يلقيها الشعب على منتجات يراد للآخرين أن يسلّموا بكونها فنوناً حقيقية... لتصبح هي الفنون فيما تُحرم من هذا النعت أعمال حقيقية لا تجد مثل ذلك النصب التلفزيوني ليساندها... ترى هل تبعد هذه الممارسة كثيراً من صورة مدير المسرح في برامج الحكي التلفزيوني التي يحضرها جمهور من «الكومبارس» المدفوع الأجر والذي ينصاع لإشارات مدير المسرح بأن عليه أن يصفق هنا ويصخب هناك؟ وهل تراها تبتعد كثيراً أيضاً من تلك الممارسة الأخرى، الأميركية هذه المرة، والتي باتت معمّمة الآن وفحواها تزويد الشريط الصوتي للمسلسلات الضاحكة بقهقهات جمهور يحدد للمتفرجين متى عليهم أن يضحكوا ومتى يسكتون؟ كل هذا له في نظرنا اسم واحد: قولبة الجمهور ومنعه حتى من اتخاذ موقفه وردود فعله بنفسه... ولكن لئن كانت القولبة في الـــحالــــين الأخيرتين مكشوفة مثيرة للسخرية في أغلب الأحيان، فإن القولبة في الحال الأولى أخطر وأدنأ لأنها لا تعترف أصلاً بأنها مجرد كذبة!‍