يعد حقل خريص أحد آخر الحقول الكبيرة العملاقة التي اكتشفت مؤخرا ويحتل مرتبة متقدمة من حيث الحجم بين حقول النفط في العالم، ويجاور حقل الغوار أكبر حقل للبترول على الإطلاق. ويعد الهدف الأول من تطوير مشروع حقل خريص هو زيادة إنتاج المملكة من الزيت بمعدل مليون ومائتي ألف برميل يومياً ، وهو ما يساوي مجمل إنتاج بعض الدول الأعضاء في منظمة أوبك ، ولم يكن الغرض من هذه التوسعة هو زيادة القدرة الإنتاجية للمملكة، بل تلبية للطلب العالمي المتزايد على البترول ، بما يعنيه ذلك من التأكيد على أن المملكة على أهبة الاستعداد للاستجابة لتلك المطالب في الوقت الراهن ولعقود عديدة قادمة، وذلك تماشياً مع رؤية المملكة 2030 التي تؤكد أهمية تشجيع التنقيب عن الثروات الطبيعية والاستفادة منها. وتطلب إكمال توسعة حقل خريص العديد من الإجراءات التي شملت توسعة وتحديث أكبر معامل معالجة مياه البحر على مستوى العالم بمعدل 4.5 مليون برميل يومياً وتركيب أكثر من ألف ومائتي كيلومتر من خطوط أنابيب توزيع وحقن مياه البحر وبناء معمل جديد لحقن المياه في خريص وتوسعة أربعة معامل أخرى في كل من عين دار، والعثمانية ، والحوية ، وحرض وبناء أكثر من 900 كيلومتر من خطوط الزيت الرئيسة ، وخطوط التدفق ، والخطوط الفرعية للآبار وبناء أكثر من ألف كيلومتر من خطوط الكهرباء العلوية ، ونصب 3 آلاف برج كهربائي من الصلب ، يتراوح طول كل واحد منها بين 12 و 27 متراً و بناء مرفق معالجة مركزي مع أربعة معامل لفصل الغاز عن الزيت شاملة مرافق لتركيز الزيت ، ومعملان لمعالجة الغاز والمكثفات ، ومرافق للإنتاج والتخزين ، ومنافع متنوعة ، ونظام كهربائي مع تسع محطات فرعية ، وأنظمة الأجهزة والتحكم و كذلك بناء مرافق للنقل ، تشمل أكثر من 170 كيلو متراً من خطوط الأنابيب متنوعة المقاسات لنقل الزيت الخام ، وسوائل الغاز الطبيعي ، والزيت المر ، والغاز المسال و بناء مقرات سكن مؤقتة لحوالي 30 ألف عامل ، وأخرى دائمة تستوعب 1200 موظف ، إضافة إلى مرافق صناعية ومطار محلي لدعم عمليات الإنتاج . وعزز نجاح مشروع خريص مكانة أرامكو السعودية بوصفها رائداً عالمياً في إنجاز المشاريع الكبرى ، ولا شك أن جذور نجاح الفريق الذي تولى الإشراف على هذا المشروع العملاق تمتد عميقاً في تربة خصبة من النجاحات السابقة ؛ فمشروع خريص يأتي بعد سلسلة من المشروعات الضخمة التي نفذتها أرامكو السعودية ؛ ولذلك عُدت مبادئ إدارة المشاريع التي طبقت في خريص نتيجة طبيعية للخبرات السابقة التي استخلصت منها الدروس في مشاريع رائدة مثل مشروع (التابلاين) في خمسينيات القرن العشرين ، وبرنامج الغاز الرئيس في السبعينيات ، وكذلك مشروعات الشيبة والحوية وحرض والقطيف وغيرها. و اكتُشف حقل خريص عام 1957م ، وكان إنتاجه ضئيلاً إذ لم يتعد 190 ألف برميل يومياً . وفي عام 1982م زاد معدل الإنتاج من الحقل إلى 300 ألف برميل يومياً من خلال إضافة مرافق معالجة الخام المحتوي على الماء . غير أن الشركة قررت إيقاف العمل في حقل خريص عام 1993م وذلك بسبب ضآلة إنتاجه وانخفاض مستوى الضغط فيه . وهذا السبب ، مضافاً إليه كونه في منطقة نائية تجعل من عملية النقل والشحن في غاية الصعوبة ، هو ما أجل مسألة تطويره بالرغم مما يحتوي عليه من إمكانات هائلة . ومع تشكل برنامج متكامل للمشاريع الكبرى وظهوره على السطح ، كان حقل خريص من بين الحقول التي طلبت الإدارة العليا للشركة من إدارة تخطيط المرافق إعادة دراستها. واتُخذ القرار بالمضي قدمًا في تنفيذ المشروع في يناير من عام 2005م ، حين بلغ معدل الاستهلاك العالمي من البترول مستويات غير مسبوقة ، مع ارتفاع معدلات استهلاك البترول من قبل الولايات المتحدة و أوروبا والعديد من الاقتصادات الصاعدة . كانت هناك حاجة واضحة لمزيد من إمدادت الطاقة ، وكانت أرامكو السعودية ، بعد إقرار مشروع خريص ، جاهزة لتطلق إحدى مشروعاتها في هذا السياق؛ إذ كان مقرراً له أن ينتج ما معدله 1.2 مليون برميل من الزيت يومياً ، وشمل البرنامج ثلاثة حقول هي خريص ، و أبو جفان ، و مزاليج . و يبلغ طول حقل خريص 110 كيلومترات ، ويغطي ما مساحته 1200 كيلو متر مربع على وجه التقريب . أما أبو جفان ، الذي يقع في جنوب غرب خريص ، فيغطي مساحة 250 كيلومتر مربع ، في حين يقع حقل مزاليج ، الذي يغطي هو الآخر مساحة 250 كيلومتر مربع ، في جنوب شرق حقل أبو جفان ، حيث أن هذه المنطقة الهائلة جغرافياً والبعيدة عن مصادر المياه ، كانت تتطلب ملايين البراميل من مياه البحر المعالجة كل يوم. وكانت الحاجة لهذه المياه ، القادمة من معمل معالجة مياه البحر في القرية ، ملحة لحقنها في الحقول. وكان ذلك يعني تطوير وتوسعة المعمل الموجود بالفعل في القرية ، وهو قد كان بالفعل الأكبر من نوعه في العالم كله ، ومد خطوط أنابيب جديدة من الخليج إلى حقول الزيت، تطلبت إجراء تطويرات، كهربائية على وجه الخصوص ، في أربعة معامل لحقن المياه . وترتب على ذلك كله تكوين برنامج ضخم وبالغ التعقيد يتضمن تصميم وشراء وتركيب خطوط الأنابيب ، والتوسع في معالجة مياه البحر ، ومرافق معالجة الزيت الخام والغاز الطبيعي ، كذلك حفر آبار إنتاج للزيت وأخرى لحقن المياه، وعملاً جماعياً على نطاق واسع جداً ؛ حيث كان العمل في المشروع يجري في 14 موقعًا حول العالم ، بمشاركة أكثر من 26 مقاولاً رئيساً و 106 مقاولين من الباطن وأكثر من 28 ألف موظف ، تمكنوا من حفر أكثر من 300 بئر قبل الموعد المحدد بعشرة أشهر بعد أن كان مقرراً لها في بادئ الأمر أن تستغرق ثلاث سنوات، وذلك بفضل الجمع بين الأساليب المبتكرة في مجال الهندسة والأعمال. وبفضل التخطيط المحكم والتنفيذ المتقن وتضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية بدأ الإنتاج الفعلي في مشروع خريص ، أكبر معمل لإنتاج الزيت في العالم ، في يونيو من عام 2009م ، لتضاف 1.2 مليون برميل من الزيت العربي الخام الخفيف يومياً إلى مجمل ما تنتجه الشركة ، بما يؤكد دور أرامكو السعودية المحوري في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة. و كان إتمام المشروع في الوقت المحدد وبأقل من الميزانية المحددة إنجازاً كبيراً يستحق الاحتفاء، خاصة أن ذلك جرى في ظل ظروف اقتصادية عالمية متذبذبة . فقد كان على الفرق العاملة في المشروع أن تتخطى المصاعب والتحديات غير المسبوقة على مستوى الهندسة والمشتريات وأعمال البناء التي كانت تتم في مختلف أنحاء العالم . وتصدت أرامكو السعودية للتحديات العديدة التي ارتبطت بأبعاد المشروع الاستثنائية ، ومتطلباته المعقدة ، ومقاوليه ذوي الجنسيات المتعددة ، وعوامل عدة أسهمت في إذكاء نار الشكوك حول المشروع ، ومن بين ذلك ارتفاع مستوى المخاطر وتراجع الاقتصاد العالمي وحققت نجاحاً ملحوظاً في ذلك، وكان السبب الرئيس وراء تحقيق ذلك النجاح هو أنه كان لدى أرامكو السعودية إصراراً مسبقًا لتنفيذه وفق النهج الذي طالما اتبعته الشركة في كل مشاريعها وأعمالها ، وهو أن كل المنضوين في إطار المشروع يسعون بدون كلل أو ملل لإنجاز أعمالهم بأقصى درجات الإتقان والمهنية الممكنة. ويُضاف إلى ذلك إيمان إدارة الشركة وإصرارها على أن تحقيق حلم خريص ممكن عبر فريق واحد يحمل رؤية واحدة وهدفاً واحداً ؛ إذ لم يحد الفريق أبداً عن الهدف النهائي وهو زيادة كمية إنتاج الزيت المستخرج بمعدل 1.2 مليون برميل من الزيت يومياً . وتضمنت معادلة النجاح في خريص عناصر محددة ، من بينها التخطيط الدقيق ، والمحافظة على الإطار الزمني ، والتواصل بشكل واضح مع جميع الأطراف ذات الصلة من بين أشياء أخرى. ولا شك أن هذه العناصر كلها ساعدت في خلق قصة النجاح في خريص، التي أثبتت الشركة من خلالها أن لديها المقدرة، والمعرفة الهندسية ، والخبرة في إدارة المشاريع ، التي تمكنها من تخطيط وتصميم وإنشاء مثل تلك المشاريع العملاقة برغم كل المصاعب والتحديات والمثبطات. وقال رئيس أرامكو السعودية ، كبير إدارييها التنفيذيين ، المهندس أمين حسن الناصر ” إننا في أرامكو السعودية ، نؤمن بالأفعال وليس بالأقوال . فقد نجحنا في تطوير الحقول واحداً تلو الآخر ، ونجحنا في المحافظة على إنتاجيتنا على المدى الطويل. كذلك في الحصول على أداء متميز لمكامن الزيت. وبالفعل ، كانت أفعالنا أقوى من الكلمات بالرغم من الانتقادات والنبرات المتشائمة ، ورأينا نظريات التشاؤم تأتي وتذهب ، تظهر وتخفت ، تعلو وتصل الذروة ، ثم ما تلبث أن تذوي “. وأضاف ” بينما نستمر نحن في الاستجابة عوضاً عن الادعاء ، وتحقيق أداء مذهل في الحقول ، فيما يتعلق بالإنتاجية والإمدادات. فكل المؤشرات المتعلقة بالاحتياطيات تتجه في مسارها الصحيح . وستستمر في ذلك الاتجاه لسنوات طويلة قادمة بمشيئة الله، ولم يسبق في تاريخ الصناعة أن نفذت مشاريع بهذا الكم والحجم ، وهو ما يمثل تحدياً حقيقياً. إلا أننا نبني على خبراتنا السابقة في توفير كميات إضافية ضخمة من الزيت الخام واستخدام أفضل السبل ، ونعتمد على مجموعة من الموظفين المؤهلين ذوي الخبرة ، والتقنية المتقدمة، والبنية التحتية العملاقة والأعمال القوية لتحقيق المهمة. إننا نعتمد على كل هذه العناصر لتحقيق أهداف المشاريع ، وهو ما يؤهلنا لتلبية التزاماتنا في توفير إمدادات النفط المطلوبة ” . مرتبط خلال الزيارة الملكية للمنطقة الشرقية .. أرامكو السعودية تدشن عددا من مشروعاتها ضمن رؤية المملكة 2030 نوفمبر 25, 2016 في "اقتصاد" طاقة الإنتاج تصل إلى 12 مليون .. احتياطي النفط في المملكة 4.5 مليون برميل يوميا مارس 15, 2009 في "الأرشيف" وفد من السفراء يزور حقل خريص مارس 4, 2010 في "الأرشيف"