استقبل إعلان أنجيلا ميركل، ترشحها لولاية رابعة على رأس المستشارية بفتور في ألمانيا، في حين قال عدد من المحللين اليوم الإثنين، أنها ستواجه صعوبة رغم شعبيتها في مواجهة تحدي الشعبويين. الواقع أن غالبية من الألمان (55 في المئة)، أملت في أن تترشح وخصوصا أن أي منافس جدي لها لم يبرز طوال أحد عشر عاما، الأمر الذي يجعل من مسيرتها السياسية الأطول بين القادة الغربيين. وعنونت صحيفة «دي فيلت» على صفحتها الأولى، «ميركل تترشح، من ينافسها؟». ولكن ثمة شعور سائد بأن إعلان الترشح لم يكن مفاجئا، علما بأن تحفظ الصحافة الألمانية يتنافى مع ما يترقبه الخارج من المستشارة، إذ يعتبرها خط الدفاع الأخير في وجه الشعبوية ودونالد ترامب. حتى أن صحيفة «فرانكفورتر تسايتونغ» المحافظة اعتبرت، أن «العصر الذهبي» لميركل (62 عاما)، «ولى» وإن فرص «ظهورها كامرأة خارقة في ألمانيا أو في العالم الغربي ليست كبيرة بالضرورة». وعن السؤال: هل ستتمكن من حصد تأييد الناخبين الألمان وأوروبا لسياستها في ملف الهجرة والوقوف في وجه الموجة الشعبوية، أجابت صحيفة «بيلد» الشعبية، أن «هذا يبدو كثيرا على شخص واحد». «الديمقراطية باتت ائتلافا» .. رغم أن لا منافس فعليا لميركل، فإن حزبها الاتحاد المسيحي الديمقراطي فقد زخمه مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في سبتمبر/ أيلول، أو أكتوبر/ تشرين الأول 2017. فمع 33 في المئة من نوايا التصويت، يكون قد تراجع تسع نقاط عن النتيجة التي حققها في 2013. صحيح أن المستشارة أعادت جمع شمل حزبها وتمكنت من استيعاب الاشتراكيين الديمقراطيين، لكنها خيبت آمال المحافظين وأحدثت فراغا أيديولوجيا استغله شعبويو حزب «البديل لألمانيا». لقد مدت يدها لللاجئين الذين وصل منهم 890 ألفا إلى ألمانيا العام الفائت، ما تسبب بانقسام البلاد مع ارتفاع أصوات المطالبين برحيلها في صفوف الشعبويين. وصباح الإثنين، اعتبر ألكسندر غولاند، الذي انشق عن الاتحاد المسيحي الديمقراطي ليصبح أحد قادة «البديل لألمانيا»، أن «الديمقراطية في ألمانيا في ظل حكم ميركل تحولت إلى ائتلاف لكل الأحزاب»، في إشارة إلى المعارضة شبه الغائبة عن البرلمان انطلاقا من شراكة في الحكم بين ميركل والاشتراكيين الديمقراطيين. والواقع أن الشعبويين (11 إلى 13 في المئة من نوايا التصويت)، قادرون على إحداث انقلاب في اللعبة الانتخابية عبر تعقيد تشكيل غالبية في الحكومة. حتى أن ميركل أقرت بنفسها الأحد بأن الانتخابات المقبلة ستكون «الأكثر صعوبة» منذ «إعادة توحيد ألمانيا». وإضافة إلى اليمين الشعبوي، على المستشارة أن تبدد الشكوك التي تسود أنصارها، وخصوصا حلفاءها الاشتراكيين الديمقراطيين في بافاريا. «تجدد» .. الإثنين، قال هانز بيتر فريدريش أحد وجوه الاشتراكيين الديمقراطيين والوزير السابق لدى ميركل، «نقبل بترشحها، لكننا لسنا في قمة السعادة». يبدو واضحا أن بعض الاشتراكيين الديمقراطيين يدركون أن تحالفهم مع ميركل أضعفهم، ويرغبون في الالتفات يسارا عبر الدعوة إلى تحالف مع اليسار الراديكالي وحزب الخضر. ورأت صحيفة «بيلد»، أن على ميركل «أن تعتمد التجدد» لمواجهة التحالفات الجديدة الممكنة، معتبرة أنه لا يمكنها الاكتفاء بالدفاع عن إنجازاتها. بدورها، كتبت مجلة «شبيغل»، أن المستشارة لن تتمكن من إقناع الناخبين عبر «وعود غير واضحة بخفض الضرائب وبعض المواقف من الإسلام المتطرف». وفي السياق نفسه، كتب الصحفي في الأسبوعية ديرك كورجوفايت، «هل فهم أحد لماذا تترشح أنجيلا ميركل، وماذا تنوي القيام بأربعة أعوام إضافية في الحكم؟ من جهتي، لم أفهم». وحذرت «سودويتش تسايتونغ» بدورها من أن مكانتها الدولية لا تشكل أيضا ضمانا، وخصوصا إذا أعطت انطباعا أنها تهمل السياسة الداخلية. وكتبت، «في النهاية، ما يثير اهتمام الناخبين في شكل أكبر هو الوظيفة والمدارس وأمنهم الجسدي والاجتماعي، وليس عملية سلام في أفغانستان أو سوريا».