بيروت: نادر عبد الله تسعى القوات النظامية في حلب إلى إطباق حصارها على كتائب المعارضة المسيطرة على كامل الجزء الشرقي من المدينة، عبر قطع طرق الإمداد التي تصل حلب بريفها الشمالي. وتدور معارك عنيفة منذ أيام على جبهة الشيخ نجار قرب المنطقة الصناعية حيث تتمركز القوات النظامية على بعد ثلاثة كليومترات من مواقع المعارضة السورية. وإذا ما سقطت المنطقة الصناعية، فإن الأحياء الخاضعة لسيطرة الجيش الحر في حلب ستصبح بحكم المحاصرة، بحسب ما يؤكد عضو مجلس قيادة الثورة في حلب حسان نعناع لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «تقدم العناصر النظامية من جبهة السفيرة مرورا بالنقارين والشيخ نجار سيقطع الشريان الرئيس الذي يصل بين الريف الشمالي والطرف الشرقي من المدينة الخاضع لسيطرة المعارضة». وكانت القوات النظامية أحرزت في الأشهر الماضية تقدما ميدانيا ملحوظا في حلب، حيث سيطرت على معامل الدفاع في منطقة السفيرة لتحكم قبضتها لاحقا على مطار حلب الدولي، ما سهل وصولها إلى منطقة الشيخ نجار المحاذية للمنطقة الصناعية التي تعد الأكبر في سوريا. وتمتلك المنطقة الصناعية موقعا استراتيجيا يخوّل القوات النظامية فصل مدينة حلب عن ريفها الخاضع لسيطرة المعارضة. ويعبر نعناع المطلع على مجريات الأوضاع الميدانية في حلب عن خشيته من سقوط هذه المنطقة بيد القوات النظامية، مشيرا إلى أن «كتائب المعارضة استقدمت مقاتلين من الريف الغربي ومن مدينة إدلب لمؤازرة عناصر الجبهة الإسلامية وجيش المجاهدين وجبهة النصرة، المتمركزين على جبهة الشيخ نجار للدفاع عن المنطقة الصناعية». وكانت كتائب عسكرية معارضة في حلب، أعلنت عن تشكيل غرفة عمليات تحت اسم «الفتح المبين» لـ«مواجهة القوات النظامية في الجبهة الجنوبية لمدينة حلب»، بحسب بيان مصور جرى بثه على موقع «يوتيوب». وضمت الغرفة كلا من حركة «فجر الشام» الإسلامية وحركة «أحرار الشام» الإسلامية التابعة لـ«الجبهة الإسلامية»، إضافة إلى جبهة «النصرة» وحركة «حزم» التي تضم كتائب سابقة في الجيش الحر. من جهتها، تعهدت «الجبهة الإسلامية» بمنع تقدم القوات النظامية على محور منطقة الشيخ نجار بالقرب من مدينة حلب، مشيرة إلى أن «فصائل تابعة لها قد سيرت أرتال مؤازرة كبيرة ضمت أكثر من 50 سيارة ومركبة لمواجهة تقدم القوات النظامية في المنطقة»، بالتزامن مع تحليق الطيران النظامي السوري فوق المدينة الصناعية والنقارين ومحيط كلية المشاة، وإلقائه عددا من البراميل المتفجرة. وترجع مصادر معارضة أسباب تراجع كتائبها في حلب لانشغالها في المعارك ضد «داعش»، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «انسحاب التنظيم المتشدد من مناطق في ريف حلب الشمالي سيساهم في تعزيز قوة المعارضة وتفرغها لمواجهة القوات النظامية». وتوضح أن «مشاركة عناصر عراقية من لواء أبو الفضل العباس العراقي بجانب القوات النظامية ساعدت في إحرازها تقدما على حساب كتائب المعارضة». ويتقاسم الطرفان، النظام والمعارضة، السيطرة على مدينة حلب، ففي حين تسيطر القوات النظامية على الجزء الغربي من المدينة، تحكم كتائب المعارضة قبضتها على الجزء الشرقي. وبحكم امتداد سيطرتها على الريف خلال الأشهر الماضية، فإن كتائب المعارضة تمكنت من إحكام حصارها على المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في المدينة. لكن التقدم الأخير للقوات النظامية على جبهة الشيخ نجار سيقلب هذا الواقع رأسا على عقب ويجعل مناطق المعارضة ضحية الحصار النظامي. ويتيح استخدام القوات النظامية لسلاح الجو وإلقاء البراميل المتفجرة على مناطق المعارضة، فرصة التقدم على حساب الأخيرة، خصوصا أن كتائب الجيش الحر لا تملك مضادات طيران تمكنها من تحييد سلاح الجو النظامي. وإلى جانب محاولتها إحكام الحصار على المعارضة، تسعى القوات النظامية عبر تقدمها الأخير إلى توسيع رقعة نفوذها الميداني في حلب إذ باتت تسيطر على مطار «النيرب» ومدرسة «المدفعية» ومركز «البحوث العلمية»، غرب المدينة. في حين يشهد طريق الخناصر الواصل بين الكلية العسكرية ومنطقة السفيرة نقاط تماس بين القوات النظامية وكتائب «الحر»، جنوب حلب. وتحتفظ القوات النظامية بسجن حلب المركزي، شمال المدينة وبمطار كويرس شرقها. وإلى جانب هذه النقاط النظامية الاستراتيجية، تحكم العناصر النظامية قبضتها على معظم الأحياء الغربية من حلب المدينة. في المقابل، تسعى كتائب المعارضة للاحتفاظ بالمنطقة الشرقية لمدينة حلب، حيث ينتشر في أحيائها «لواء التوحيد» و«أحرار الشام» وبعض فصائل «الجبهة الإسلامية». وفي حين يتولى «جيش المجاهدين» السيطرة على الريف الشمالي لا سيما منطقة «مغارة الارتيق»، تنتشر عناصر جبهة «النصرة» في منطقة «النقارين» التي تشهد معارك عنيفة ضد القوات النظامية. وكانت اشتباكات عنيفة اندلعت أمس بين كتائب الجيش الحر والقوات النظامية في جبهة الشيخ نجار ومحيط مطار حلب الدولي، في حين استهدف جيش المجاهدين بالدبابات مقرات القوات النظامية بمنطقة مجبل حريبل بريف حلب الجنوبي. وأفاد ناشطون بأن «كتائب المعارضة قتلت العشرات من القوات النظامية وعناصر لواء أبو الفضل العباس العراقي بعد تسللهم إلى منطقة كرم بيت بري والمناطق المحيطة بها قرب مطار النيرب العسكري بحلب»، بينما قصفت القوات النظامية براجمات الصواريخ حي مساكن هنانو.