من اللحظة التي نستيقظ فيها كل صباح إلى الوقت الذي نرجع فيه إلى أسرّتنا ليلًا، ننتقل من مكان إلى آخر ونحمل معنا أشياء لا نستطيع التخلي عنها: أوراق، هاتف محمول، آيباد، آيبود، كمبيوتر شخصي، شاحن لكل جهاز من الأجهزة السابقة. يبد أكل صباح بحاجتنا لحمل أو لجر أجسادنا إلى دورة المياه كي نتمكّن من الاستيقاظ فعلًا. ثم نبدأ بالتمسّك بكوب القهوة أو الشاي لنضمن ثباتنا العقلي واستقرارنا العاطفي الذي نحتاجه قبل أن نطرق على باب غرفة أطفالنا لإيقاظهم للمدرسة. ولكن، في طريقنا للغرفة، سنحمل معنا ملابس ملقاة على الأرض، ألعاب إكس بوكس مبعثرة، أوراق واجبات المدرسة، نظارات، وبعض الأطباق، وقطع أخرى من المطبخ لم تنجح في الوصول إلى الحوض. إذا كانت حياتنا عبارة عن مجرّة، فالأشياء التي نحملها: حقائب الظهر، حقائب الكتف، حقائب السفر، محافظ النقود، كلها نجوم في هذه المجرّة. هل سبق لك وأن نظرت لمحتويات حقيبة امرأة؟. حقيبة أمي تحقق كل الشروط اللازمة لتصبح حقيبة إسعافات أوليّة، استعدادًا لأي كارثة أو حدث غير متوقع. هل لديك آلة معطّلة؟ حسنًا لديها مِفَك، ملقط، كمّاشة، وحتى مطرقة صغيرة! هل تشعر بأنك مريض؟ ماذا تحتاج؟ مضاد للحموضة، للحساسيّة أو مسكّنات للألم؟ أقراص للسعال؟ أم أنك تريد فقط أن تبدأ حديثًا قصيرًا معها؟ لديها قصة جاهزة سوف تحكيها لك، ثم تناولك صورة جماعية لزوجها، أبنائها، وأحفادها. أتخيل أن سلسلة مفاتيح القديس بيتر تحمل مفاتيح أكثر من تلك التي تحملها أمي، ولكني مازلت أراهن بقوة عليها في حملها لأشياء أكثر منه. ودعنا لا ننسى بعض الأسئلة. ماذا لو لم أستطع العودة للمنزل بعد خروجي من مكتبي واحتجت للذهاب إلى حفلةٍ ما مباشرة؟ أو ماذا لو أردت الذهاب للنادي؟ كيف تتوقع مني أن أذهب دون أحمر شفاهي المميز، طلاء أظافري، مشطي، وربما حذائي المفضل؟. المجرّة الكونيّة للحقائب تتسع كل مرة كدمى ماتريوشكا الروسيّة حقائب كبيرة تحمل داخلها محافظ صغيرة، تحمل داخلها أشياء أصغر. نظارات شمسية ونظارات للقراءة، مرطبات، ومفتاح السيارة. وكأي قصة خيال علمي، ماذا لو تعرضنا لهجوم من كوكب آخر! من سوف يحمل الأشياء التي لا يستطيع زوجك وأطفالك حملها في حقائبهم؟ على سفينة ستار ترِك أن تتسع لكل هذا. تحب أمي أن تحمل حقيبة من النوع الذي يحتوي على العديد من الجيوب والمساحات. حتى لا تضيع داخلها الأشياء. كل الأشياء التي تم ذكرها بالأعلى دلائل مرئية على رحلاتنا اليومية؛ إنها تتحدث عن كل ما نحبه ونكرهه، عن كل ما نحن مهووسون به، عن مخاوفنا وعاداتنا، أحلامنا وطموحاتنا، وببساطة إنها تحكي قصصًا عن حياتنا. ومازلنا نحملها معنا منذ أن ولدنا وحتى نموت. إننا نحمل معنا تراكيبنا العقلية، مشاعرنا، وكل ما نحن عليه؛ ذاكرتنا، عشّاقنا السابقين وأعداءنا، قلقنا، توقعاتنا وأشباهنا. يحمل البشر معهم مناظرهم الطبيعية بداخلهم، شخصياتنا تتبعنا مثل الظلال. البيئة التي نعيش فيها تشبه القميص، والذي علينا أن نعرف كيف يبدو قبل أن نرتديه. كل شخص يمثل وحدة سيكولوجية، خليطًا من المشاعر، من القرارات المصيرية. ورغم أننا لا نرى أنفسنا سوى في أجسادنا التي تحملنا، إلا أن مصائرنا تعتمد بشكل كلي على حالة عقولنا. عبر أفكارنا نشكّل الرسائل التي ترسلها أرواحنا، بدافع العاطفة والحدس. إننا نعيش في مجتمع يجعلنا مرتبطين به. نحمل أسماء عوائلنا، مهامنا، نقاط ضعفنا وقوتنا. ما ينقصنا، ما نطلبه، وما يأخذه الآخرون منا. (نعم، علاقاتنا الاجتماعية هي أشياء نحملها معنا أيضًا.) أيًا يكن، الهروب من قوى الاستبطان، والاتصال الغامض، كل هذا تحكمه قوانين كونية تنتظر أن نكتشفها؛ علاقتنا بالطبيعة المطلقة، بما في ذلك كل ما يحتويه عالم الإدراك، وعالم اللا إدراك المليء بالخيارات والاحتمالات. إننا نحمل العالم بأكمله معنا في كل قرار نتخذه. إنه داخل حقائب أجسادنا وهوياتنا، لقد وضعه الكون لنا كوعد، كمحاولة لعرض إرادته ودعمه لنا. إننا أكثر من وحدة اجتماعية، أكثر من فرد يدعى سين، أو مواطن ينتمي لبلد ما. إننا مواطنون للعالم. والإنسانية أكبر من البلدان، البلدان التي نحملها معنا أيضًا. لذلك، حين تستيقظ غدًا، وفي كل يوم بعده، عندما ترن ساعة منبهك، تذكر أنك إنسان عظيم لا تحمل معك أشياءك فقط؛ بل تذكر أنك روح تحمل معها معنى. تأكد من معرفتك لشكلها، لصوتها، لإحساسها، وطعمها أيضًا حتى لا تفقدها داخل فوضى حقيبتك. "لقد حملوا معهم كل ما استطاعوا حمله، بما في ذلك هلع صامت تصدره المخيفة للأشياء التي كانت معهم". تيم أوبراين