في خطوة تصعيدية جديدة لحدة التوتر بين بريطانيا وروسيا أعلن أمس، رئيس جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني «إم آي 5»، أندرو باركر، أن «السلوك العدواني المتزايد لروسيا يُشكل تهديداً لاستقرار بريطانيا»، كاشفاً أنه لدى روسيا عدد كبير من الجواسيس داخل المملكة المتحدة، الأمر الذي دفع الحكومة الروسية لإصدار ردٍ سريع على اتهامات باركر أعربت فيه عن أسفها لقيام مسؤول رفيع المستوى مثل باركر بالانخراط في مثل هذه الحملة الدعائية ووصفت ما قاله باركر بأنه «لا ينطبق على الواقع». تصريحات باركر جاءت في مقابلة صحافية، هي الأولى منذ 107 أعوام أعطاها رئيس جهاز «إم آي 5» أثناء تأديته مهام عمله ونُشرت أمس، في صحيفة «الغارديان». واتهم باركر موسكو بأنها تقوم بتصعيد التوتر مع الغرب في وقت ينشغل الغرب بمكافحة الإرهاب. وقال: «الفرق بين التوتر الذي حصل بين روسيا والغرب إبان الحرب الباردة والتوتر اليوم، أن روسيا تستخدم حالياً الحرب الإلكترونية، وتستهدف الأسرار العسكرية والمشاريع الصناعية والمعلومات الاقتصادية». وأضاف «انها تستخدم سلسلة من وسائل القوة ووسائل الإعلام المملوكة من الدولة للترويج لسياستها الخارجية في شكل عدواني متزايد مستخدمة الإعلام والجاسوسية والتخريب والهجمات الإلكترونية». وقال باركر: «تنشط روسيا اليوم في أوروبا طولاً وعرضاً وفي بريطانيا أيضاً. ومن واجب جهاز إم آي 5 أن يتصدى لهذا النشاط». وأشار إلى أن «روسيا على ما يبدو تقوم بتعريف نفسها في شكل متزايد كمعارضة للغرب ويبدو أنها تتصرف على هذا الأساس». وأوضح «يمكن للمرء أن يرى ذلك على الأرض في أنشطة روسيا في أوكراينا وفي سورية. لكن هناك نشاط هائل غير مرئي من خلال التهديدات الإلكترونية. فروسيا منذ عقود لا تزال تهديداً مستتراً، والفارق أنه في هذه الأيام تتوفر لديها وسائل تهديد أكثر من الماضي». وقال أن العلاقات بين روسيا والغرب تدهورت منذ احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم والقصف الجوي الروسي لمواقع المتمردين في شمال سورية، معتبراً أن قطع الأسطول الحربي الروسية التي مرت مقابل الشواطئ البريطانية متجهة إلى البحر المتوسط أخيراً هي «رسالة روسية إلى الغرب». وقال «إننا ندرك أنه في عالم متغير علينا نحن أن نتغير أيضاً، فلدينا مسؤولية أن نتحدث عن عملنا ونشرحه للمواطنين». في المقابلة تحدث باركر أيضاً عن الخطر الذي يتهدد بريطانيا والغرب من التنظيمات الإرهابية، خصوصاً الدولة الإسلامية «داعش»، وقال إن «خطر التطرف الإسلامي يشكل عبئاً على الأمن البريطاني»، متوقعاً له أن يستمر لأجيال قادمة. وقسّم باركر هذا الخطر الإرهابي إلى «ثلاثة أنواع: الأول يتألف من نحو 3000 شخص غالبيتهم يحملون الجنسية البريطانية وهم متطرفون عنيفون يعيشون في المملكة المتحدة، والثاني أعضاء في داعش مشاركون في الصراع الدائر في سورية والعراق ويحاولون التحريض على الإرهاب وحياكة المؤمرات ضد المملكة المتحدة، والثالث محاولات داعش لنشر أيديولجيتها السامة والترويج للإرهاب بواسطة شبكة الإنترنت». غير أن التركيز الأساسي في المقابلة الصحافية التي أجراها باركر كان على روسيا، ما دفع الروس للرد على تصريحاته، حيث إضافة إلى وصف كلام باركر بأنه «بعيد عن الواقع»، قال الناطق باسم الحكومة الروسية دميتري بيسكوف: «سنظل نعتبر هذه التصريحات غير مثبتة ولا أساس لها ما لم يُقدَّم أحد لنا الدليل عليها». فيما تهكمت ماريا زاخروفا على تصريحات باركر بقولها «أريد أن أسأل رئيس إم آي 5، ما إذا كان يرى لروسيا يداً في تعيين بوريس جونسون رئيساً للخارجية البريطانية»، في إشارة للاتهامات التي أطلقها المسؤولون عن حملة هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية ضد منافسها المرشح الجمهوري دونالد ترامب. أما السفارة الروسية في لندن فأعلنت «من المحزن أن نرى شخصاً مهنياً غارقاً في العالم الدعائي الذي أوجده».