الرئيس السودان يواصل سياسة الهروب إلى الأمام باعتماد أشكال وتصورات للحكم في ظاهرها تعكس توجها ديمقراطيا ولكن في باطنها ليست إلا مناورة ومحاولة لسحب البساط من المعارضة. العرب [نُشرفي2016/11/01، العدد: 10442، ص(2)] البشير يتقن لعبة الهروب إلى الأمام الخرطوم - يتجه النظام السوداني إلى تشكيل حكومة “وحدة وطنية”، بناء على توصيات الحوار الوطني الذي قاطعته أبرز قوى المعارضة السياسية والمسلحة. يأتي ذلك في ظل ظرفية اقتصادية واجتماعية صعبة يعيشها السودان، وسط استمرار للأزمة السياسية وتواصل الحروب في أكثر من منطقة في هذا البلد. ومن المرجح أن ترى هذه الحكومة النور في يناير المقبل، بحسب ما أكده عضو آلية التنسيق العليا للحوار الوطني بشارة أرور. ودعا أرور الحركات المسلحة إلى الانضمام إلى الأحزاب السياسية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، مشيرا إلى أهمية التنازلات في المفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق يفضي إلى سلام شامل. وأضاف أن “منصب رئيس الوزراء استحدث من أجل المشاركة العادلة في السلطة من قبل المشاركين في الحوار الوطني، في إطار المشاركة السياسية”. وكانت الخرطوم قد أعلنت، الخميس، عن قرار بتعيين رئيس للوزراء هو الأول للسودان منذ تسلم الرئيس عمر حسن البشير الحكم في انقلاب دعمه فيه الإسلاميون عام 1989. وجاء القرار بناء على الوثيقة التي صدرت عن الحوار الوطني وصادق عليها البشير في العاشر من الشهر الماضي. ويرى مراقبون أن تشكيل حكومة وحدة وطنية في السودان، بصيغتها المطروحة، حيث يتولى البشير تعيين رئيس وزرائها وتحديد صلاحياتها، لا تخدم في واقع الأمر أي تحول حقيقي في السودان، لا بل أنها تكرس الأزمة في البلاد. واعتبر المراقبون أن الرئيس السودان يواصل سياسة الهروب إلى الأمام باعتماد أشكال وتصورات للحكم في ظاهرها تعكس توجها ديمقراطيا ولكن في باطنها ليست إلا مناورة ومحاولة لسحب البساط من المعارضة. ولا تبدو المعارضة التي خبرت النظام جيدا، بصدد التسليم بما يطرحه الأخير. وقد أعلنت مؤخرا أن كل الحوارات والمساعي لإيجاد تسوية ترضي الجميع باءت بالفشل وعليه فإنه لم يبق لها من طريق سوى الشارع. ودعت المعارضة الممثلة في تحالف نداء السودان النقابات والمنظمات الوطنية للتحرك وقطع الطريق على نوايا البشير. وبالفعل بدأت العجلة النقابية في التحرك انطلاقا من قطاع الصحة، الذي يستعد للعودة مجددا إلى الإضراب بعد نكث النظام بتعهداته، التي قطعها قبيل فك الإضراب الأول. ويحاول النظام إفشال الإضراب الجديد المعلن انطلاقته، الثلاثاء، عبر شن حملة اعتقالات واسعة طالت 10 أطباء. ويبدو أن التحركات الاحتجاجية لن تقف عند القطاع الطبي، حيث من المرجح أن يخوض اتحاد نقابات العمال تصعيدا هو الآخر لفرض الزيادة في الأجور مع اقتراب طرح الموازنة العامة. ويعاني السودان من تراجع النمو الاقتصادي بسبب سواء إدارة الموارد الطبيعية، والعقوبات المفروضة عليه، وانتشار الفساد ولهذا لا يتوقع أن يجد اتحاد النقابات العمالية أي أذن صاغية من طرف النظام. وهذا الأمر يشكل ورقة مهمة، تريد المعارضة استثمارها على الصعيد الشعبي، بعد أن ثبت لها أن أي تفاوض مع نظام لن يصل إلى نتيجة تذكر. :: اقرأ أيضاً تشكيل حكومة الحريري سريعا الامتحان الأول لعهد عون إيران تنسق اتفاقا نفطيا بين القاهرة وبغداد العاهل المغربي يتدخل من تنزانيا لتطويق حادثة الحسيمة رئيس لبنان الجديد يتعهد بنأي بلاده عن الصراعات الخارجية