تصدّرت الإحتجاجات العمّالية خلال الأسابيع الأخيرة المشهد المصري على حساب المظاهرات السياسية، لا سيما تلك التظاهرات التي يخرج فيها أنصار الرئيس السابق محمد مرسي للمطالبة بـ "عودة الشرعية"، والتي يأملون بها في العودة الى أوضاع ما قبل 3 تموز (يوليو) الماضي. وتبدو إضطرابات العمال المرتبطة بالمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية والوظيفية، وزيادة الأجور في منحنى تصاعدي ضد السلطات الحالية، لتحقيق مطالب يصفها مراقبون بأنها لا علاقة لها بالأزمة السياسية الدائرة في مصر. وتصدرت الإضطرابات والإعتصامات العمّالية عناوين الجرائد والبرامج التلفزيونية في وسائل الإعلام المحلية، بدلاً من التظاهرات الرافضة للسطات الحالية، وصارت الساحات العمالية هي الأكثر جذباً لعدسات الكاميرات، بل ذهبت مصادر سياسية الى القول إن احتجاجات العمال تأتي على رأس الأسباب وراء استقالة الحكومة المصرية برئاسة الدكتور حازم الببلاوي. ولعل أبرز تلك الاحتجاجات التي تشهدها مصر حالياً، إضراب عمال الغزل والنسيج في المحلة، والحديد والصلب في منطقة حلوان جنوب القاهرة، وأيضاً عمال النادي الأهلي وسط القاهرة، إضافة إلى إضرابات الأطباء والصيادلة والمعلمين وعمال النقل العام في القاهرة. وقال الناشط العمالي المتخصص في الشأن العمالي في جريدة "الأخبار" المصرية الحكومية محمد ربيع إن "هناك تراجعاً واضحاً لتظاهرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، بينما هناك تقدم للتظاهرات العمالية، لكن الوضع مختلف هذه المرة لأن تظاهرات العمال استطاعت أن تكسب تعاطف المصريين". وأضاف ربيع أن "هذا المشهد لا يعني أن تظاهرات العمال هي بديل للإخوان، وبخاصة أنها ترفع مطالب تخص حقوق العمال بعيداً من السياسية، فهم يرون أن سن القوانين والتشريعات ستحل أزمتهم، ولكنهم اضطروا إلى الإضطرابات الكلية بعدما فشل إضرابهم الجزئي في إجبار الحكومة على الاستجابة لهم". وبلغ عدد الاحتجاجات العمالية في كانون الثاني (يناير) الماضي نحو ٥٥ احتجاجاً في ٢١ محافظة مختلفة، بحسب تقرير للمركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتراجع فيه حدة تظاهرات مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، في ظل القبضة الأمنية الشديدة، لتنحصر في عدة محافظات من بينها الإسكندرية والشرقية والاسماعلية، من دون تسجيل اشتباكات مع الأجهزة الأمنية. وعلى رغم اشتراك التظاهرات العمالية، فيما كانت تشي به تظاهرات أنصار مرسي، من وجود حراك داخل الشارع المصري، فإن التظاهرات العمالية والإضطرابات المختلفة استطاعت أن تجبر الحكومة المصرية على الاستقالة. وفي أولى تصريحاته، عقب تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، قال وزير الإسكان في الحكومة المستقيلة إبراهيم محلب امس، إنه "أحياناً تكون المطالب الفئوية فوق طاقة التنفيذ". وجاء ذلك في رد محلب، على سؤال حول تعامله مع الاحتجاجات الفئوية، التي كانت أحد أبرز الأسباب وراء استقالة الحكومة السابقة، خلال مؤتمر صحافي في مقر رئاسة الجمهورية في القاهرة، عقب استلامه خطاب التكليف من الرئيس الموقت عدلي منصور. وأعلن الببلاوي، أمس، استقالة حكومته، قائلاً إن الدولة تتعرّض "لأخطار كبيرة"، في كلمة ألقاها عبر التلفزيون المصري الرسمي. وكانت حكومة الببلاوي المكونة من 33 وزيراً أدت اليمين الدستوري في 16 تموز (يوليو) الماضي. الإضراباتمصرالعمال