يبحث وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ونظيرهم التركي غدًا (الخميس) سبل تطوير العلاقات بين دول المجلس وتركيا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية وغيرها، إلى جانب مناقشة الملفات الشائكة في المنطقة في كل من سوريا، والعراق، واليمن، والتنسيق بين الطرفين لمكافحة الإرهاب. وأوضح السفير التركي في السعودية، يونس ديمرار، لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماع يأتي في في إطار الحوار الاستراتيجي بين الطرفين الذي بدأ في العام 2008، وقال: «سيبحث الوزراء العلاقات الثنائية بين الجانبين في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والتجارية، والسياحية، والصحية وغيرها، وكذلك الملفات الإقليمية في كل من سوريا، والعراق، واليمن، وعملية السلام في الشرق الأوسط». ولفت السفير التركي إلى أن الحوار الاستراتيجي بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي بدأ في عام 2008، وهو ما شكل نقلة نوعية في العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات، وسيتم بحث جميع المسائل والمواضيع الرامية لتطوير وتعزيز العلاقات المتميزة بين تركيا ودول الخليج. وأضاف: «الجانب الآخر سيكون لمناقشة الملفات الإقليمية والدولية، والوزراء لاشك سيناقشون المسائل المهمة مثل العراق، واليمن، وسوريا، وعملية السلام، ومكافحة الإرهاب والتشدد». وفي سؤال عما إذا كان الوزراء سيناقشون اتفاقية التجارة الحرة بين الطرفين وإمكانية توقيعها، قال ديميرار: «بالتأكيد سيتم مناقشة اتفاقية التجارة الحرة مع الخليج لكن لا يمكنني تأكيد التوقيع عليها في هذا الاجتماع، ولاشك أن هذه المسألة مهمة لكلا الطرفين». من جانبه، أوضح الدكتور، عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون، أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون سيعقدون اجتماعا وزاريًا مشتركًا في مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون بمدينة الرياض غدا الخميس برئاسة عادل الجبير وزير خارجية المملكة العربية السعودية، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، مع مولود جاويش أوغلو وزير خارجية الجمهورية التركية، وذلك في إطار الحوار الاستراتيجي القائم بين الجانبين. وقال الأمين العام إن الاجتماع المشترك سيبحث سبل تعزيز علاقات التعاون المشترك في مختلف المجالات بين مجلس التعاون والجمهورية التركية تنفيذا لما تتضمنه خطة العمل المشترك بين الجانبين، إضافة إلى مناقشة القضايا السياسية الراهنة، وتطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة، والجهود الدولية المبذولة لمكافحة الإرهاب. وتشهد العلاقات التركية الخليجية تطورات إيجابية نوعية في الآونة الأخيرة وكانت دول الخليج على رأس الدول التي دعمت الشعب التركي وحكومته المنتخبة ديمقراطيا، في مواجهة محاولة الانقلاب الفاشلة، التي شهدتها البلاد منتصف يوليو (تموز) تموز الماضي. ورحب مجلس التعاون الخليجي، في بيان أصدره آنذاك: «بعودة الأمور إلى نصابها في الجمهورية التركية بقيادة الرئيس، رجب طيب إردوغان، وحكومته المنتخبة، وفي إطار الشرعية الدستورية وإرادة الشعب». وأكد البيان «حرص دول التعاون على أمن واستقرار الجمهورية التركية، ورخاء وازدهار شعبها الشقيق، وعلى تعزيز العلاقات التاريخية معها في مختلف المجالات». وعبرت تركيا في كثير من المناسبات عن شكرها وامتنانها للموقف الخليجي الداعم للشرعية في البلاد وأنها تتطلع إلى المضي قدما في تعزيز العلاقات مع دول الخليج وتطويرها في مختلف المجالات. وشهد عام 2015 انعقاد 8 قمم تركية خليجية جمعت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بقادة دول الخليج، 3 منها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وواحدة مع أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح و4 مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي عام 2016 عقدت قمة بين إردوغان والملك سلمان في أبريل (نيسان) الماضي، وأخرى بين إردوغان وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسي آل خليفة في 26 أغسطس الماضي. وتوجت تلك القمم بنحو 20 اتفاقية وتأسيس مجلس للتعاون الاستراتيجي بين أنقرة والرياض، وبتوجهات لزيادة التعاون في مختلف المجالات مع الكويت وعقد أول اجتماع للجنة العليا للتعاون الاستراتيجي بين قطر وتركيا كما شهد عام 2015 تعاونًا اقتصاديا متناميًا بين تركيا والكويت. وسياسيا، تدعم تركيا التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الشرعية في اليمن وتشارك فيه 5 من دول الخليج الست، وتتطابق وجهات نظر أنقرة مع الرياض في إيجاد حل سياسي للأزمة في اليمن، وحل سياسي للأزمة في سوريا لا يشمل بشار الأسد، وضرورة مواجهة التنظيمات الإرهابية على غرار «داعش»، ودعم القضية الفلسطينية. كما دعمت تركيا موقف السعودية ضد قانون «جاستا» الذي أقره الكونغرس الأميركي مؤخرا واعتبرت أنه مخالف للمعايير الدولية ولمبدأ شخصية العقوبة وأعلنت أنها ستعمل مع السعودية على مواجهته. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في كلمة أمام مجلس الشورى الإسلامي الأورومتوسطي في إسطنبول، أمس الثلاثاء، إن بلاده عاشت مع شعوب المنطقة مئات السنين وشاركتهم في السراء والضراء. وأشار إلى أن العالم الإسلامي لا يعاني فقط من الإرهاب، وإنما من محاولة التقسيم بذريعة الإرهاب، موضحا أن «محاولة التدخل الأجنبي بذريعة محاربة الإرهاب تجعل مجتمعاتنا عرضة للفتن». ودعا إردوغان علماء الدين والسياسيين إلى تحمل المسؤولية من أجل حل مثل هذه المشكلات التي تعصف بالأمة الإسلامية، مضيفًا أن الأزمات التي تعيشها الأمة تدفع إلى خلق نهضة جديدة في العالم الإسلامي. ويتوقع خبراء أن تشهد العلاقات الخليجية التركية تطورًا متزايدا خلال الفترة المقبلة في ظل القضايا التي تعاني منها المنطقة في السنوات الأخيرة ووجود كثير من القواسم المشتركة بين تركيا ودول الخليج.