×
محافظة المنطقة الشرقية

وكيل مدرسة ابتدائي يعتدي على طالب بالقطيف

صورة الخبر

كثيرون ممن استمتعوا بنصوص المشاركين الثلاثة في الأمسية الشعرية الأولى ضمن فاعليات البرنامج الثقافي لدولة فلسطين ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب، لا يعرفون أن وراء كل من خالد الناصري الفلسطيني المقيم في إيطاليا، وغيّاث المدهون الفلسطيني المقيم في السويد، وفاتنة الغرّة الفلسطينية المقيمة في بلجيكا، حكايات مثيرة، جعلتهم لا يتوقفون عند الإحباط واليأس والمآسي المتكررة، بل يحوّلون جحيم اللجوء إنجازات شعرية، وحضوراً بات يثبّت نفسه عالمياً. فخالد الناصري، المولود في مدينة دمّر السورية لأبوين مهجّرين قسراً من فلسطين عام 1948، والذي بدأ في عام 2008 يتعرض لمضايقات من جانب النظام السوري بسبب نشاطاته وآرائه، وأوقف على أثرها لأكثر من مرة، قرر الهجرة إلى السويد. تزوج هناك من لارا الإيطالية وكان يعرفها من قبل، واتجها سوية للإقامة في بلد الزوجة حيث حصل بعد فترة على حق الإقامة في إيطاليا. كان لا يزال الناصري يعمل في مجال الإعلام وتقنيات الحاسوب والإخراج. «كانت السنة الأولى صعبة، وهي التي خصصتها لتعلم اللغة، ولكنني استثمرتها في مزيد من القراءة والكتابة، وتعرفت فيها الى شعراء وكتاب ومترجمين، وتمت ترجمة بعض أشعاري إلى الإيطالية». وبعد أن عمل لعام كامل رئيساً لتحرير مجلة «الجريدة» الخاصة بالمهاجرين، أسس «جمعية المتوسط» للتبادل الثقافي عام 2012، ونظم مع مؤسسات إيطالية «فلسطينيات»، وهو مهرجان استضاف العديد من الأدباء الفلسطينيين في ميلانو. ومن هناك جاءت فكرة تأسيس منشورات المتوسط عام 2015، وهي دار نشر حققت نجاحات كبيرة خلال أقل من عام بفضل بمنشورات أدبية وفكرية بالعربية، لسوريين وعراقيين وفلسطينيين أقاموا في دمشق، ثم بدأ الانفتاح على كتاب من مصر. بدأ الناصري يفكر جدياً في العمل على إصدارات لفلسطينيين يقيمون داخل فلسطين، بل إنه يفكر في إنشاء فرع للدار في فلسطين نفسها. «فصحيح أن «المتوسط» تحمل الجنسية الإيطالية، لكنها فلسطينية بالدرجة الأولى، وهي بهذا تشبهني تماماً» على ما يقول، لافتاً الى انه، وفي زيارته الأخيرة لفلسطين وكانت الأولى خلال معرض فلسطين الدولي العاشر للكتاب في أيار (مايو) الماضي، اكتشف كم أن «ذاكرته محتلة». وللشاعر غيّاث المدهون، المولود في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في دمشق، لأب فلسطيني وأم سورية حكاية أخرى. فقد فر المدهون من سورية في 2008، إثر دعوة إلى السويد، لكنه لم يكن يملك جواز سفر. «أهل غزة في سورية بلا جنسية، وهم «بدون» بكل معنى الكلمة»، وفق ما يقول المدهون، ويتابع: «عشت فترة طفولتي وشبابي في سورية بلا بطاقة هوية، وممنوعاً من العمل والتملك وحتى قيادة السيارة، وليس لديّ كما والدي أية وثائق ثبوتية. استُصدر لي جواز سفر فلسطيني هرّب إلى دمشق، وحصلت من خلاله على التأشيرة السويدية، لكن الأصعب بقي في مغادرة سورية لأنها لا تعترف بهذا الجواز. ولكني نجحت في هذه المهمة المستحيلة بدفع رشى للخروج من مطار دمشق، واليوم أحمد الله على الفساد في تلك البلاد، فلولا فسادها لما غادرتها قط». وللصدف، غادر المدهون برفقة الناصري على الطائرة نفسها إلى السويد للمشاركة في مهرجان شعري هناك، وكان ذلك في الثاني من أيلول (سبتمبر) 2008. ويروي المدهون: «هناك طلبت اللجوء، وكنت أخبرت إدارة المهرجان بذلك، ولم يبدوا أي احتجاج. ومضى عامان ونصف العام حتى حصلت على حق اللجوء، وكان مريحاً أنني ابتعدت عن سطوة الأمن، وشهدت سقوط الشللية والمحسوبية حتى في الأدب والشعر، ومع مساحة الحرية الحقيقية في السويد يبرز الغث من السمين في الأدب، حيث تسقط الحثالات الأدبية الأمنية، لمصلحة الأشخاص الحقيقيين». ويعدّ المدهون مجموعة شعرية رابعة وصفها بـ «المأسوية»، واعتذر سلفاً لقرّائه، وهو الذي كان قدم قصيدة منه في الأمسية الشعرية، بعنوان «العاصمة»، يتحدث فيها عما أسماه بـ «ألماس الدم»، أي «الماس الذي يتم تهريبه من الكونغو وسيراليون، ويتم تبييضه عبر اليهود الأرثوذكس في زاوية الألماس في بلجيكا، ثم يتم نقله إلى تل أبيب، ليتحول إلى الماس الذي نعرفه، بل ويحصل على أرقام رسمية (كود)، وهي العمليات المتواصلة التي قتل فيها 15 مليون شخص من الكونغو وسيراليون، والربط ما بين رحلة مهاجري المتوسط من هؤلاء، وبين الرحلات التي بات يتصدرها اللاجئون السوريون». في تلك الفترة وبينما كان يكتب النص، استشهد شقيقه في سورية فجاء النص مرهقاً حزيناً، وهو ما اعتذر عنه أيضاً للجمهور. أما فاتنة الغرّة فكان خيارها طلب لجوء سياسي إلى بلجيكا، بعدما تعرضت لتهديدات حقيقية «ممن باتوا يحكمون القطاع بفعل الأمر الواقع»، وذلك بسبب ما تكتبه من الشعر. بل وتم تكفيرها بعد نشرها مجموعتها الشعرية «إلاي» في العام 2009، هي التي كانت من بين منظرات أحد الفصائل الإسلامية في غزة، وتعلم تماماً كيف يفكرون، وترى أن الأمور في غزة لن تكون إلا أكثر سوداوية. توجهت الغرة من غزة إلى القاهرة، وبعد عام وافقت السلطات البلجيكية على منحها حق اللجوء في بلجيكا نهاية عام 2009، ومن ثم حصلت على الجنسية البلجيكية، لتتحول كما تصف نفسها «امرأة حرّة» تتدفق شعراً، فصدر لها العديد من المجموعات الشعرية في أوروبا وكانت بالعربية والإسبانية، والعربية والهولندية، كما ترجمت قصائدها التي توصف بالجريئة إلى العديد من اللغات. وتوجت نجاحها أخيراً بجائزة مدينة فيوميشينو الإيطالية للشعر عن أفضل كتاب شعري مترجم للإيطالية، عن ترجمة لسيموني سيبيليو، وهي عبارة عن مختارات من مجموعتي «إلّاي»، و «خيانات الرب... سيناريوات متعددة». والغرّة التي تصف فكرة عودتها إلى قطاع غزة بالمستحيلة، لا تزال تعيش على قيد الشعر والإبداع، متنقلة من مهرجان إلى آخر، ومن محطة شعرية في هذا البلد إلى ذاك، لتحلّ في عمّان كواحدة ممن يمثلون دولة فلسطين في معرض عمّان الدولي للكتاب وهو ما وجدت فيه إنجازها الأهم ربما، بخاصة أنها كانت في السابق تشعر بحسرة وغصة كونه يحتفى بها وبما تكتبه في العديد من دول العالم من دون الالتفات إليها من أية جهة فلسطينية. وتقول: «حين وصلتني الدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية للمشاركة في المعرض بكيت. كم هو شعور مهم أن تحظى بالاهتمام من بلدك». خالد الناصري، وغيّاث المدهون، وفاتنة الغرّة، لم تجمعهم أمسية شعرية في عمّان، وقاعة واحدة فحسب، بل جمعتهم تجربة الهروب من البطش، وصناعة الأمل من الألم، وتحويل الوجع قصائد جعلت منهم نجوماً عالميين وخير سفراء لفلسطين وقضيتها.